بات من الصعوبة أن تجد مراهقاً يسير دون أن يحمل معه هاتفه. أما الأصعب فهو ألا يقوم هذا المراهق بالتقاط الصور لنفسه، في كل زاوية، أو ركن يقف فيه، أو عند إطلالة تعجبه.
وأساساً، إن المراهق يستحيل أن يترك هاتفه من يديه، حتى إن كان فقط يسير في ممر داخل مول، أو في شارع، أو حتى لدى ركوبه السيارة.
وما ينطبق على المراهقين الذكور، يسري أيضاً على المراهقات الإناث اللاتي يبدعن أيضاً في انتقاء أشكال وفلترة الصور التي يلتقطنها لأنفسهن أو مع صديقاتهن المقربات.
السؤال هنا: لماذا يزداد هوس التصوير لدى المراهقين عموماً؟
لا بد أن الإعجاب بالنفس، وهوس توثيق اللحظة والمناسبة والمكان الذي يوجدون فيه.. هم يرغبون بأن يتميزوا بالشيء الذي يمتلكونه، لذا تجد أنهم إن اقتنوا هاتفاً ليس ذكياً ولا يدعم تطبيقات مواقع التواصل، وبه كاميرا بمواصفات عالية الجودة، كأنهم لا يمتلكون هاتفاً من الأساس.
ويبدو أن الصورة هي ما تعطي الانطباع عن صاحبها، سواءً من حيث الاعتداد بالنفس، أو إذا كانت مع الأصدقاء، وقد تصل لتميز المراهق نفسه عن أقرانه، إذا التقط صورة تذكارية مع شخص مشهور. 
تقول دراسات نفسية وبحثية كثيرة، ظهرت في السنوات الأخيرة، إن صورة "السيلفي"، التي باتت منتشرة بين جميع فئات الناس، هي ترجمة السعي الحقيقي للحصول على اعتراف، لنيل القبول، لاكتساب الثقة بالذات، وحتى إثارة الغيرة في بعض الأحيان. باختصار، إنها محاولة لحجز مكان على الإنترنت. في الطريق للوصول إلى الشهرة والأضواء، التي يرغب بها الجميع بلا استثناء. 

 

 

في السابق، كان المراهقون الذكور يهتمون بتدريبات اللياقة البدنية للمحافظة على أوزانهم. اليوم صار هنالك دافع أكبر مرتبط بالصورة، هو نحت الجسم ونشر الصورة للجسد الرشيق المثالي على مواقع التواصل الاجتماعي بهدف نيل الإعجاب.
أما المراهقات، فكان الهدف إنقاص الوزن، والحفاظ على جسم رشيق، واليوم أضيف إلى هذا الهوس ضرورة الظهور بأبهة كاملة أمام الكاميرا، حتى تكون النتيجة جمالاً ورشاقة وأنوثة. 
بصراحة.. لا يمكن كبح جماح المراهقين في حكايتهم مع الصور، لكن على الآباء دور كبير ومؤثر، هو مراقبة أفعال أبنائهم في هذه السن الخطرة، فهم يعيشون في عالم افتراضي، يقابلون فيه كل أنواع ونفسيات البشر، وهم جالسون في أماكنهم، والخطورة تكمن في احتمالية وقوعهم فريسة سهلة لصائدي الأبرياء.
وقد يفكر الآباء في أن أبناءهم مازالوا صغاراً، وأن التخوفات المحيطة بهم والقادمة من منصات "السوشيال ميديا" مبالغ بها، لكن الحقيقة صادمة جداً، لذا على الآباء مراقبة تصرفات وميول أبنائهم، حفاظاً عليهم بالدرجة الأولى.
ومهما بلغ عمر طفلك، بإمكانك إضفاء حوار بسيط بينك وبينهم، ترشدهم فيه إلى ضرورة الانتباه إلى ما يشاهدونه يومياً على منصات التواصل الاجتماعي، وأن ينطلقوا من الحوار الهادئ، للكشف عن اتجاهات تفكيرهم، وما يفضلون القيام به.
عزيزي الأب.. عزيزتي الأم.. بإمكانكما منح ابنكما المراهق وابنتكما المراهقة مساحتهما الخاصة، لكن دون إغفالهما أو تجاوز أخطائهما التي قد يقعان بها، ولا يجب أن تبقى دون تصحيح.

إقرأ أيضاً: طبقي هذه القاعدة بعد ولادتك.. للحصول على جسم رشيق