افتتحت، أمس، فعاليات معرض "جلف فوتو بلس المجتمعي" لعام 2022، بعنوان "لقمة عيش" (Slice of Life)، بالتعاون مع مجلة "ناشيونال جيوغرافيك العربية"، التابعة لـ"أبوظبي للإعلام"، في "السركال أفينيو" بدبي. ويستمر المعرض حتى يوم الجمعة 11 نوفمبر. ويضم المعرض 70 صورة فوتوغرافية، بينها 20 صورة رقمية، تم انتقاؤها من بين أكثر من 2000 صورة مشاركة من جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تبرز ثقافة الطعام، وتراثه الغني، وتنوعه في المنطقة.

 

 

وتنتشر في العالم العربي عبارات رمزية تربط استمرارية الحياة (أو العيش) بتوفر الأطعمة الأساسية، لاسيما الخبز والأرز. وتشير كلمة "عيش"، تحديدًا، إلى عدة أنواعٍ من الأطعمة التي تختلف باختلاف المناطق؛ إذ تعني الخبز في مصر، والكسكس في الجزائر، والأرز في منطقة الخليج العربي. وعمومًا، يشير هذا المصطلح إلى المواد الغذائية الأساسية، التي نتناولها في الأطباق اليومية، مثل: التمر والحليب والقمح.
وتبرز عبارة "لقمة عيش" الارتباط الوثيق بين الحياة والطعام، وحقيقة أن جميع الأنشطة والانشغالات البشرية لا بد أن تكون مرتبطة بشكلٍ أو بآخر بالطعام؛ من الزراعة والحصاد، إلى الاحتفالات والتجمعات، وتقاليد التزيين، وحتى فترات المرض والعزاء. ومن هنا، يمكن القول إن هناك قصصًا غنية لا حصر لها تنشأ من الطعام، وتدور حول رحاه، كقصة زراعة محصول بعينه، ومراقبة نموه من مرحلة الغرس حتى الاستهلاك. 

 

 

وتمنح المجموعة المختارة من الصور الفوتوغرافية الجمهور فرصة التمعن قليلاً في قصص من هذا القبيل. كما تمثل المساحات التي نتناول فيها الطعام جزءًا مهمًا وأساسيًا من حياتنا، بدءًا من المزارع المنتشرة في جبال سيناء، وصالات الزراعة المائية المتطورة، التي تتحدى قوانين الصحراء في دبي، ووصولًا إلى أجواء موائد الطعام العامرة في المغرب، ومقاعد المقاهي في قطر، واستخدام أغطية السيارات في المملكة العربية السعودية كطاولات لتناول الطعام، وحتى المفارش البلاستيكية التي نستخدمها في غرف المعيشة.

 

 

وعن المعرض، قال حسين الموسوي، رئيس تحرير مجلة ناشيونال جيوغرافيك العربية بالإنابة: "يأتي تنظيم هذا المعرض، بما ينسجم مع أهداف المسؤولية المجتمعية لـ(أبوظبي للإعلام)، والتي تعزز الوعي بأهمية التراث الغني في المنطقة، وتلقي بالضوء على المشهد الثقافي على المستويين المحلي والإقليمي". ويُعد الطعام اليوم أحد أشكال القوة الناعمة، التي تسهم إلى حدٍّ كبير في توحيد الثقافات العالمية، وتحقيق التناغم بين الحضارات، "إلا أن العالم يواجه شتّى أنواع الصعوبات منذ عام 2020؛ إذ تدنى مستوى الأمن الغذائي العالمي نتيجة انقطاع سلاسل التوريد، وشحّ الموارد الغذائية، ما دفعنا لإعادة النظر في طبيعة الأنشطة البشرية وتأثيرها في كوكب الأرض، وفي معركتنا الأساسية والحقيقية التي تتمحور حول البقاء".
واستطرد الموسوي، قائلًا: "ندرك، تمامًا، أن حياتنا تتوقف على توفر الغذاء، وأنه لا يمكننا المحافظة على الأمن الغذائي إلا إذا استطعنا تحقيق الاكتفاء الذاتي؛ ما يحتم علينا إنتاج طعامنا بأنفسنا، والحفاظ على الموارد المحلية من الهدر، للوصول إلى الأمن الغذائي، وإعادة ارتباطنا بأرضنا الأم. وسيمكننا ذلك، بالتأكيد، من حماية الموارد الطبيعية النفيسة لكوكبنا، وما يزخر به من أشكال الحياة والغذاء".

 

 

وفي هذا الإطار، قال راز هانسرود، المدير العام لمعرض "جلف فوتو بلس": "من المستغرَب أن المشهد البصري في العالم العربي يفتقر لأعمال فوتوغرافية، تركز على موضوع الطعام وتحتفي بأهميته، لاسيما بالنظر إلى ثراء المنطقة، وإرثها العريق في مجال ثقافة تحضير الطعام". ولعل ذلك ما دفع "جلف فوتو بلس" إلى إطلاق دعوة عامة للمشاركة في معرضها المجتمعي، فجاءت الاستجابة بتلقي آلاف المشاركات الفوتوغرافية؛ "ما أتاح لنا استعراض العديد من وجهات النظر والتحليلات المرئية حول ثقافة الطعام في مختلف أنحاء المنطقة، بعدسة مصورين هواة، أو صاعدين، أو محترفين"، على حد قول هانسرود.

 

 

ودأب "جلف فوتو بلس"، كل عام، على دعوة أفراد المجتمع إلى المشاركة في معرض يلقي بالضوء على الإبداعات البصرية بأشكالها المتنوعة، وموضوعاتها القصصية المختلفة.

 

 

ويخطط "جلف فوتو بلس" لإعلان مجموعة متنوعة من البرامج والفعاليات المميزة، بالتزامن مع افتتاح هذا المعرض، بما في ذلك: جولة تصوير في مدينة دبي القديمة، وورشة عمل حول تقنيات تصوير الطعام بإشراف خبيرة تصوير الطعام، المصورة أندريا ساليرنو جاكومي، فضلًا عن أمسية نقد فوتوغرافي يحظى خلالها المشاركون بفرصة تقييم صورهم، من قبل ثلة من الخبراء بهذا المجال.