بهدف نشر المعرفة، وإشباع فضول العلم والابتكار، وتحفيز الإبداع، وتعزيز التواصل الثقافي الحضاري مع العالم، ومصادر الطاقة البشرية وإمكانياتها، وتوفير منصات جديدة وجذابة للسالكين بحب كل طرق المعرفة باختلافها وتنوعها، وُجد «إثراء». هذا المشروع الذي قدمته «أرامكو» السعودية، تحفيزاً للإبداع والمواهب، ورعاية الفنون والآداب والعلوم، وإلهاماً للعقول، بتجارب جديدة، تثري الثقافة وترضي شغف العلم، هو أحد الأدلة على حرص المملكة العربية السعودية على مواكبة التطور العالمي بوتيرة تتناغم معه، وتقدم نموذجاً مميزاً، وتبني مستقبلاً جديداً للمجتمع.

احتفلت «أرامكو» السعودية، عام 2008 بالذكرى السنوية الخامسة والسبعين لتأسيسها، وخلال الاحتفال أعلنت عزمها على إنشاء مركز حديث للثقافة والتعلم، منطلقة من رؤيتها الرامية إلى إنشاء مؤسسة ثقافية تحقق شهرة عالمية، فكان مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي ثمرة هذا العزم، والذي يعرف باسم مركز إثراء، الذي أتى حاملاً في جعبته الوعود بمواصلة تعبيد طرق المعرفة والاستفادة من العلوم والابتكار والفنون والثقافة، لصقل الأيادي المبدعة، والعقول الشغوفة بالعلم، والمساهمة في رفد الاقتصاد المعرفي للمملكة العربية السعودية. وفتحت أبواب المركز للجمهور عام 2018.

«بئر الخير»

«بئر الخير» هي أول بئر تم اكتشافها في المملكة العربية السعودية، وتدفق النفط منها بكميات تجارية، في مدينة الظهران، التي اختيرت ليبنى المركز على مقربة منها، للصلة التي تربط بينهما، من كونهما مصدرين للطاقة، حيث إن المركز يستهدف الطاقات البشرية، مغذياً إياها بكل ما ينبع من حقوله المعرفية المتنوعة.

وقع الاختيار على شركة Snohetta المعمارية النرويجية لتصميم مبنى المركز، واحتوت فكرة التصميم على مجموعة من الرموز المستلهمة من مجال عمل شركة أرامكو الرئيسي، وهو الطاقة.

التصميم يستخدم رمز مجموعة منوعة من الصخور، مختلفة الحجم، تستند إلى بعضها، لتظهر مدى الترابط بين مختلف المجالات المعرفية التي يمكن استكشافها في المركز، ويعتمد بالتالي على الطبيعة الجيولوجية للمملكة. وتوحي الصخور المطمورة في التصميم بالماضي، والتي تشكل الطابق الأرضي، بالحاضر، أما المبنى الشاهق فهو إيحاءٌ صارخٌ وصريح بالمستقبل الذي يعانق بطموحاته السماء.

صديق للبيئة

يغطي مبنى المركز ومرافقه مساحة تبلغ 80 ألف متر مربع، ويتكون هيكل المبنى من أنابيب فولاذية مقاومة للصدأ، ومشكّلة بهندسة معقدة، تظهر وهي تلتف حول المبنى من الخارج. وقد تم دعم التقنية الحديثة في البناء بتقنية قديمة، تعتمد على التربة المدكوكة، التي تقاوم الحريق وتعزل الصوت، باستخدام مواد طبيعية مضغوطة من الرمل والحصى والطين. وهو من المراكز الصديقة للبيئة، إذ يجمع بين الرغبة في حماية البيئة وتجديدها في الوقت ذاته. فعلى سبيل المثال، أعيد تدوير 50% من النفايات التي تشكلت بفعل عملية إنشائه، ومعظم دهانات الخشب التي استخدمت في هذه العملية مصنعة من مصادر مستدامة. كما أن واحة المعرفة فيه تحتوي على حديقة رأسية، تؤوي تحت ظلها ما لا يقل عن 15 ألف نوعٍ من النباتات.

إقرأ أيضاً:  الأهازيج الشعبية السعودية.. تراث ينتقل من جيل إلى جيل
 

متحف الطفل

من المرافق المميزة للمركز المتحف، الذي يمنح الزائر نظرة على أفضل إبداعات الثقافة السعودية والعالمية، جامعاً بين الفن الحديث والمعاصر، والتراث السعودي والفن الإسلامي والتاريخ الطبيعي لشبه الجزيرة العربية. وفي وسطه توجد رائعة النحات الإيطالي جيوسيبي بينوني «نبع الضياء»، التي تمثل الطاقة البشرية المتجددة والنابضة بالحياة، في رمز إلى مكان اكتشاف النفط لأول مرة بالمملكة، عاكسة فلسفة المركز. ويتكون المتحف من أربعة معارض، كل معرض له تخصصه المختلف، مثل: معرض «فنون» للفن المعاصر، ومعرض أجيال للتراث العريق للمملكة.

كما أن للطفل متحفاً خاصاً في المركز، وهو المتحف الأول من نوعه في المملكة، وخصص للأطفال حتى سن الثانية عشرة، بهدف تنمية قدراتهم الذهنية، من خلال مجموعة من الأنشطة التفاعلية. وقد حصدت أفلام فيديوهات الأطفال التي أنتجت لفعالية «منطقة الاستكشاف للأطفال» جائزة نيويورك للأفلام المرموقة. كما يحتوي المركز على معرض الطاقة، وسينما، ومسرح لفنون الأداء، وقسم للأرشيف، وقاعة كبرى تبلغ مساحتها 1500 متر مربع.

برج  المعرفة

يشتمل مركز «إثراء» على مجموعة من المرافق، التي تخدم رسالته المعرفية والإبداعية. منها المكتبة، التي ترتفع إلى 4 طوابق، وتتجاوز مقتنياتها الـ270 ألف كتاب باللغتين العربية والإنجليزية، و10 آلاف كتاب صوتي ورقمي، ومنها انطلقت مسابقة القراءة الوطنية (اقرأ)، التي استقطبت أكثر من 50 ألف مشارك، منذ إطلاقها عام 2014.

ومنها كذلك، برج المعرفة، الذي يتكون من 18 طابقاً، تتوزع فيها منشآت تعليمية، تؤدى فيها ما يقارب الـ1000 ورشة عمل سنوياً، في مجالات مختلفة من العلوم والتقنية والفنون والوسائط المتعددة، وبرامج تطوير المهارات.

بالإضافة إلى مختبر الأفكار، المكون من ثلاثة طوابق، والذي يشكل المكان الأمثل لكل رائد أعمال، ومخترع طموح، من خلال منحه الفرصة لتنقيح أفكاره وتطويرها.