كم‭ ‬مرّة‭ ‬شعرتم‭ ‬بتغيّر‭ ‬جميل‭ ‬في‭ ‬مزاجكم،‭ ‬أو‭ ‬يومكم،‭ ‬بشكل‭ ‬لافت‭ ‬فجأة؟‭ ‬تلك‭ ‬اللحظة‭ ‬السحرية،‭ ‬التي‭ ‬نبحث‭ ‬عنها‭ ‬جميعاً،‭ ‬ويبدو‭ ‬أنّها‭ ‬أكثر‭ ‬لحظة‭ ‬مطلوبة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬البشرية‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭. ‬ما‭ ‬جعلني‭ ‬أنتقيها‭ ‬في‭ ‬رمسة‭_‬عاشة،‭ ‬هذه‭ ‬المرة،‭ ‬هو‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬تنوعها‭ ‬واختلافها‭ ‬من‭ ‬إنسان‭ ‬إلى‭ ‬آخر،‭ ‬ورؤية‭ ‬الكثيرين‭ ‬يتسابقون‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬قائمتهم،‭ ‬ما‭ ‬يُسعدهم‭ ‬رداً‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭: ‬‮«‬ما‭ ‬أكثر‭ ‬شيء‭ ‬يغير‭ ‬طاقتك،‭ ‬ويحسّن‭ ‬نفسيتك‭ ‬ومزاجك؟‮»‬،‭ ‬فهل‭ ‬وضعتم‭ ‬قائمتكم‭ ‬بمجرد‭ ‬قراءتكم‭ ‬للسؤال،‭ ‬أم‭ ‬قد‭ ‬حددتموها‭ ‬مُسبقاً؟‭ ‬

ومهما‭ ‬بذلتم‭ ‬من‭ ‬جُهد‭ ‬في‭ ‬تذكُّر‭ ‬الذي‭ ‬يغير‭ ‬طاقتكم‭ ‬ويحسّن‭ ‬نفسياتكم،‭ ‬فلابُد‭ ‬أن‭ ‬تتشابه‭ ‬بعض‭ ‬الشيء‭ ‬مع‭ ‬غيركم،‭ ‬وبالتأكيد‭ ‬ستغفلون‭ ‬لحظات‭ ‬كُنتم‭ ‬فيها‭ ‬غايةً‭ ‬في‭ ‬السعادة‭ ‬أحياناً،‭ ‬فمثلاً‭ ‬قائمتي‭ ‬كانت‭: ‬الاختلاء‭ ‬بالنفس،‭ ‬المطر‭ ‬والجو‭ ‬البارد،‭ ‬المشي‭ ‬والرياضة،‭ ‬النوم،‭ ‬العطور‭ ‬والعود،‭ ‬مشاهدة‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬جميل،‭ ‬الأكل‭ ‬اللذيذ،‭ ‬وبالتأكيد‭ ‬السفر‭. ‬قد‭ ‬تبدو‭ ‬هذه‭ ‬للبعض‭ ‬عادية،‭ ‬ولآخرين‭ ‬فيها‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬الفرادة،‭ ‬لكن‭ ‬الواقع‭ - ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظري‭ - ‬أنها‭ ‬مجرّد‭ ‬نُبذة‭ ‬لما‭ ‬اخترنا‭ ‬أن‭ ‬نُمعن‭ ‬النظر‭ ‬فيه‭ ‬بحياتنا‭ ‬وأيامنا،‭ ‬والقاسم‭ ‬المشترك‭ ‬بينها‭ ‬أنّها‭ ‬جميعاً‭ ‬مُرتبطة‭ ‬باستعدادنا‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬ما؛‭ ‬لتقدير‭ ‬الحياة‭ ‬وتفاصيلها‭.‬

‮«‬رمستي‮»‬‭ ‬ليست‭ ‬تعداداً‭ ‬لما‭ ‬يُمكن‭ ‬أن‭ ‬تتضمنه‭ ‬القوائم‭ ‬الكثيرة،‭ ‬التي‭ ‬لمحتها‭ ‬عيني‭ ‬هنا‭ ‬أو‭ ‬هناك،‭ ‬لكن‭ ‬دعوة‭ ‬لنتحقق‭ ‬مما‭ ‬قررنا‭ ‬أن‭ ‬نعتبره‭ ‬سبباً‭ ‬لسعادتنا‭ ‬وطاقتنا‭ ‬الإيجابية،‭ ‬وراحتنا‭ ‬النفسية‭. ‬هل‭ ‬السبب‭ ‬المطر‭ ‬أم‭ ‬لحظة‭ ‬وذكرى‭ ‬سعيدة،‭ ‬تزامنت‭ ‬مع‭ ‬المطر،‭ ‬مثل‭ ‬حديث‭ ‬وضحكات‭ ‬مع‭ ‬إنسان‭ ‬نُحبّه؟‭ ‬هل‭ ‬العطر‭ ‬منفرداً‭ ‬أم‭ ‬إطراء‭ ‬من‭ ‬إنسان‭ ‬عزيز‭ ‬على‭ ‬رائحة‭ ‬العطر؟‭ ‬هل‭ ‬هو‭ ‬النوم‭ ‬أم‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬النوم‭ ‬لكثيرين‭ ‬هو‭ ‬إغلاق‭ ‬لمحطة‭ ‬دوامة‭ ‬الأفكار،‭ ‬التي‭ ‬تُسيطر‭ ‬على‭ ‬اليوم،‭ ‬واستراحة‭ ‬عقلية‭ ‬حتى‭ ‬فجر‭ ‬يوم‭ ‬جديد؟

إقرأ أيضاً:  د. نرمين نحمدالله تكتب: إعادة تدوير!
 

لا‭ ‬أدعوكم‭ ‬إلى‭ ‬التنازل‭ ‬عمّا‭ ‬يُسعدكم،‭ ‬بل‭ ‬احتضنوا‭ ‬تلك‭ ‬اللحظات‭ ‬والأشياء،‭ ‬وابنوا‭ ‬منها‭ ‬لحظات‭ ‬أجمل،‭ ‬ومعانيَ‭ ‬أعمق،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬لا‭ ‬تجعلوا‭ ‬ما‭ ‬يُسعدكم‭ ‬اليوم‭ ‬حدوداً‭ ‬لأقصى‭ ‬طموحكم‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬لكن‭ ‬دققوا‭ ‬النظر‭ ‬حولكم،‭ ‬وحاولوا‭ ‬أن‭ ‬تعيشوا‭ ‬أيامكم‭ ‬بمستوى‭ ‬إدراك‭ ‬آخر،‭ ‬بمعنى‭ ‬ألا‭ ‬يمر‭ ‬جدولكم‭ ‬اليومي‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬والمنزل‭ ‬ومع‭ ‬الأصدقاء‭ ‬كالمعتاد،‭ ‬بل‭ ‬حاولوا‭ ‬القيام‭ ‬بشيء‭ ‬مختلف‭ ‬لأداء‭ ‬المهام‭ ‬ذاتها‭ ‬أو‭ ‬اللحظة‭. ‬أجيبوا‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬السؤال‭ ‬العالق‭ ‬في‭ ‬أذهانكم،‭ ‬وتركتموه‭ ‬لمعركة‭ ‬بين‭ ‬عقلكم‭ ‬وقلبكم،‭ ‬واجعلوه‭ ‬عنواناً‭ ‬لمنبع‭ ‬راحة‭ ‬جديد،‭ ‬قوموا‭ ‬بالمزج‭ ‬بين‭ ‬اللحظات،‭ ‬أو‭ ‬الأشياء‭ ‬متى‭ ‬سمحت‭ ‬الفرصة،‭ ‬واكتشفوا‭ ‬بُعداً‭ ‬آخر‭ ‬للراحة‭ ‬النفسية‭.‬

وهناك،‭ ‬أيضاً،‭ ‬ما‭ ‬أصبحت‭ ‬أؤمن‭ ‬به،‭ ‬وهو‭ ‬أننا‭ ‬أحياناً‭ ‬نبتعد‭ ‬عن‭ ‬الراحة‭ ‬والطاقة‭ ‬الإيجابية‭ ‬والسعادة‭ ‬دون‭ ‬قصد،‭ ‬ونحن‭ ‬نبحث‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬آخر،‭ ‬رُغم‭ ‬أنّها‭ ‬عندنا‭ ‬وحولنا،‭ ‬لكننا‭ ‬أطلنا‭ ‬النظر‭ ‬بعيداً‭.. ‬فهل‭ ‬لازالت‭ ‬قائمتكم‭ ‬مع‭ ‬آخر‭ ‬كلمة‭ ‬من‭ ‬‮«‬الرمسة‮»‬‭ ‬هي‭ ‬ذاتها؟‭ ‬وإن‭ ‬اختلفت؛‭ ‬فإنني‭ ‬أتشوّق‭ ‬لأعرف‭ ‬ما‭ ‬اختلف‭ ‬فيها‭ ‬في‭ ‬المرة‭ ‬المقبلة،‭ ‬التي‭ ‬أصادف‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬بدأنا‭ ‬به‭ ‬على‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭.‬