ليست كبقية الأمراض أو المتلازمات التي  تصيب الإنسان في جسده حقيقة، إنما هي وهم يلاحق المصاب بهذه المتلازمة، وهم يدخله في دوامة لا نهاية لها، فيلجأ لإجراء عمليات جراحية لا داعي لها، كونه غارقاً في وهمه أنه بحاجة ماسة لها، وأنه يعاني أمراضاً.

لاكتشاف هذه المتلازمة حكاية قديمة، ففي عام 1951 اكتشف طبيب بريطاني يدعى روبرت آشر، أن عدداً من المرضى يعانون أعراضاً لا وجود لها في الواقع، وبينت السيرة المرضية لهؤلاء المرضى أنهم خضعوا لعمليات جراحية لا داعي لها أبداً، وأنهم استطاعوا إقناع أطبائهم بإجراء هذه العمليات، لقناعتهم التامة بأنهم مرضى ويحتاجون إلى إجرائها، علماً بأنه لم يكن هنالك داعٍ لهذه العمليات، التي تركت أثراً على أجسادهم.

وأطلق الطبيب آشر اسم "مانشاوزن" على هذه الحالات، واصفاً هؤلاء المرضى بأنهم يعانون حقاً مشاكل عقلية ونفسية تشبه تلك التي عاناها أحد البارونات الألمان ويسمى كارل هيرونيمس، الذي كان يعرف بأنه رجل كاذب حتى لقب بـ"بارون الأكاذيب"، نظراً لشهرته بتأليف حكايات خيالية لا أساس لها من الصحة ولا وجود لها في الواقع، لكنه مقتنع بحدوثها، خاصة تلك القصص التي كان يرويها بعد عودته من المشاركة في الحرب الروسية مع تركيا.

واعتبر الطبيب آشر أن هذا المرض يندرج تحت قائمة الأمراض العقلية، ووصفه بأنه اضطراب مفتعل يدفع المصاب به للتظاهر بالمرض، ليس هذا فحسب، بل إنه يقوم عامداً ببعض الأفعال التي قد تظهر عليه أعراض هذا المرض، الذي أقنع نفسه بإصابته به، ويقوم المصاب بهذه المتلازمة بكل هذه الأمور، أملاً في كسب تعاطف الآخرين، ويضطر للكذب ليحقق هذه الغاية.

ويضيف الطبيب أنه يصعب علاج هذه المتلازمة عموماً، كون الشخص المصاب بها يعمد دائماً للكذب، ولا يصارح الطبيب بحقيقته، كما أنه يحاول المراوغة والتضليل بشكل مستمر، خاصة أنه بالأصل لا يريد أن يشفى من المرض الذي أقنع نفسه بإصابته به، ويرغب في استمرار إصابته، لكسب تعاطف أكبر من الآخرين، وتوسيع دائرة الأشخاص المتأثرين بمرضه.

ومن أهم التصرفات التي يعمد المصابون بهذه المتلازمة إلى القيام بها، وفق ما نقلت مواقع طبية مختصة، تظاهرهم بوجود أعراض جسدية، وإيهام الآخرين بشعورهم بالألم، وقد يعمد هؤلاء لترك آثار على أجسادهم بطرق مختلفة وغير مبررة، إضافة لكونهم قد يحاولون إيهام الآخرين بأنهم يعانون بعض الأمراض النفسية، كرؤية أشياء لا وجود لها، أو سماع أصوات لم تصدر أصلاً، كما يفني هؤلاء معظم وقتهم وحياتهم يتنقلون بين طبيب وآخر، حتى يقوم أحد هؤلاء الأطباء بإجراء عمليات جراحية لهم، قد تهدد حياتهم بصورة عامة، وهذه تعتبر أكثر الحالات تفاقماً للمصابين بهذه المتلازمة.

المرض الأخطر

رغم خطورة الإصابة بهذه المتلازمة، التي يعرض المصابون بها حياتهم للخطر بشكل دائم، فإن الأخطر على الإطلاق هو ما يعرف بـ"متلازمة مانشاوزن بالوكالة"، وهي أن يؤمن الشخص المصاب بها بأن أحد أبنائه مصاب بمرض ما، ولكي يقنع الآخرين فإنه لا يتوانى في تزوير بعض التقارير الطبية، أو الفحوصات، وربما يعرضه للأذى فعلاً لكي يثبت للآخرين أنه مريض.

بشكل عام، إن كل ما ذكرناه سابقاً، وما يطبقه المصاب بـ"مانشاوزن" على نفسه سيطبقه على طفله العاجز عن الدفاع عن نفسه، كأن يعرضه للدخول لغرف العمليات، وتقصّد إصابته بالندوب، وإظهار أعراض المرض عليه لكسب تعاطف وحزن الآخرين عليه. وقد صنف هذا المرض بأنه مرض عقلي خطير، سواء كان المتلازمة أو المتلازمة بالوكالة، قد يودي بحياة صاحبه، أو شخص آخر في النهاية.

إقرأ أيضاً:  أثناء الحمل.. 5 طرق لتخفيف آلام الظهر والرقبة
 

العلاج

لا علاج حقيقياً لهذا المرض، لأن المصاب به لا يريد ذلك الأمر أصلاً، وكما سبق وذكرنا أنه سيراوغ ويدلس ويكذب على الطبيب، كما أن سجله المرضي لن يكون واضحاً، وسيكون مليئاً بأعراض وأمراض متضاربة وغير واضحة.

ورغم كل ذلك، يحاول الأطباء النفسيون عادة تعديل سلوك المصابين بهذه المتلازمة، للحد من استخدامهم المفرط للأدوية، ومن ثم يبدؤون بمراحل علاج نفسية في حال استجاب لها والتزم بها.