بعد عرضه الأول في مهرجان تورنتو السينمائي، الشهر الماضي، بدأت صالات السينما البريطانية بعرض الفيلم الجديد "The Lost King" (الملك المفقود) لجمهورها، وهو الفيلم الذي يروي قصة غير عادية عن اكتشاف رفات الملك الإنجليزي ريتشارد الثالث أسفل موقف للسيارات. 
ويستند الفيلم إلى قصة واقعية غير عادية للمؤرخة الاسكتلندية الهاوية، فيليبا لانجلي، التي تتحدى كل العقبات لتبحث عن بقايا الملك ريتشارد الثالث المفقودة، وهو ملك بريطاني من القرن الخامس عشر كان مثيراً للجدل، لتجد الرفات في النهاية بأحد مواقف السيارات. 
تحريات هذه المؤرخة كانت القوة الدافعة وراء الحفريات التي أجريت بموقف للسيارات في ليستر عام 2012، والتي كشفت، بشكل لا يصدق، عظام آخر ملوك أسرة "بلانتاجينت". 
ويبدو أن جامعة ليستر، التي خططت للحفر الفعلي، وأشرف على تنفيذه علماء الآثار فيها، تعيش حالياً حالة من الذعر بسبب ذكرها وتصويرها في الفيلم، الذي كتبه ستيف كوغان وجيف بوب، وتلعب بطولته سالي هوكينز وستيف كوجان. 
وعلى وجه الخصوص، يشعر النائب السابق بالجامعة ريتشارد تايلور بالذهول من تصويره على أنه معرقل ومتلاعب ومتحيز، إذ يظهر تايلور في الفيلم شريراً، فهو يرفض المشروع بأكمله في البداية، ويعامله على أنه مزحة. وبعد ذلك، عندما يثبت أن "لانجلي" على حق، ويبذل قصارى جهده لإبعادها عن الصورة، بينما تنعم الجامعة بالمجد. 
وبسبب ذلك، قال تايلور إنه يفكر في اتخاذ إجراء قانوني، في حين أن فريق "The Lost King" يقف إلى جانب روايتهم للأحداث، ويقولون في بيان: "يعتقد صانعو الأفلام أن تصوير الجامعة عادل ودقيق". 
ويمكن للمشاهدين أن يبحثوا في الأدلة، ليتخذوا قراراتهم بأنفسهم، لكن لفهم المشاعر التي لايزال ريتشارد الثالث يثيرها، من المفيد معرفة الخلفية. 
وكان ريتشارد آخر ملك إنجليزي يموت في معركة، حيث قُتل في بوسوورث في 22 أغسطس 1485، إذ كان يقاتل وقتها قوات هنري تيودور، وتم دفن جثة ريتشارد على عجل في كنيسة الرهبان الفرنسيسكان، الرهبان الرمادي، في ليستر. 
وكان صعود لانكاستريان هنري تيودور إلى العرش باسم هنري السابع، وزواجه من الأميرة إليزابيث من أسرة يورك، بمثابة نهاية لصراع طويل ودامٍ للأسرة. 
وبعدها، شرع هنري السابع في تقديم عهده كبداية جديدة، وتأكد من أن المؤرخين قدموا انتصاره على أنه انتصار للخير على الشر، وهذا يعني تصوير ريتشارد على أنه شرير فيما نسميه الآن "حملة تشويه"، وهكذا أيضاً صوره الكاتب شكسبير في مسرحية ريتشارد الثالث. 

 

 

كيف بدأ البحث 
أصبحت "لانجلي"، وهي أم لطفلين كانت تعيش في إدنبره، وتعمل في مجال التسويق، مهتمة بريتشارد الثالث في عام 1998، بعد قراءة سيرة ذاتية شككت في تصوير شكسبير له. 
وبعدها، بدأت في محاولة كتابة سيناريو عن ريتشارد. وفي عام 2004، سافرت إلى ليستر، المدينة التي دُفن فيها ريتشارد بقبر ضائع. 
وترددت شائعات بأن ريتشارد ربما يكون قد دُفن في منطقة أصبحت الآن ساحة انتظار سيارات نيو ستريت، لكن "لانجلي" شعرت بقوة بالانجذاب إلى موقف سيارات خاص على الجانب الآخر من الطريق. وعندما كانت هناك، حسب كتابها، شعرت بإحساس غريب، حيث قالت: "كان قلبي ينبض وفمي جاف، كان شعورًا بالإثارة الخام يشوبها الخوف، كنت أعلم في أعماق نفسي أن جسد ريتشارد يرقد هنا. علاوة على ذلك، كنت على يقين من أنني أقف فوق قبره". 
لكنها كانت تعلم، أيضًا، أن الشعور الغريزي لن يقنع علماء الآثار، لذلك واصلت البحث، وعلى مدى عدة سنوات، جمعت ملفًا من الأدلة يدعم غريزتها بأن الملك قد دُفن تحت موقف للسيارات. 
وفي يناير 2011، اتصلت بجامعة ليستر للخدمات الأثرية (ULAS) مع فكرة البحث عن مكان دفن ريتشارد الثالث، وبسبب اهتمامهم بالكنيسة الرهبانية القديمة التي كان معروفًا بدفنه فيها. 
وعن ذلك، قال ريتشارد باكلي، رئيس خدمات علم الآثار بجامعة ليستر، إن فرصة اكتشاف الرفات كانت "مليوناً إلى واحد"، واستثمرت الجامعة الأموال في المشروع. 
وفي غضون الساعات القليلة الأولى من الحفر، في 25 أغسطس 2012، تم العثور على عظام تظهر أن عمليات التنقيب الكاملة كانت جزءًا من هيكل عظمي مشوه لشخص يعاني انحناء في العمود الفقري، وأثبت تحليل الحمض النووي، الذي أجراه أستاذ علم الوراثة في جامعة ليستر، توري كينغ، أن هذه كانت بالفعل بقايا ريتشارد الثالث، واحتل هذا الاكتشاف عناوين الصحف في جميع أنحاء العالم. 

من الحياة الواقعية إلى الشاشة 
الآن، تحولت القصة إلى كوميديا درامية ​​لطيفة، ورغم أن الفيلم يعاني نقص التشويق، حيث إن الأحداث حديثة نسبيًا، ويفترض أن معظم أولئك الذين يشاهدون الفيلم سيكونون على دراية بالنتيجة، إلا أن ما يجعله ذا قصة، هو صراع "لانجلي" مع رجال الجامعة، حيث اضطرت إلى محاربة الجامعة في كل خطوة على الطريق، سواء كانت ستحفر، أو أين تحفر، وماذا تفعل مع البقايا بعد الحفر، وأن الأكاديميين حاولوا تهميشها، بل ومنعوها من التحدث. 
وتم طرح "The Lost King"، الآن، في دور السينما بالمملكة المتحدة، وسيتم طرحه في الولايات المتحدة عام 2023.

إقرأ أيضاً: إليكِ حيل كيت ميدلتون للوقوف بالكعب العالي لساعات