ارتبطت جميع تطورات قصة المطربة المصرية شيرين عبدالوهاب، التي شغلت الرأي العام في العالم العربي، مؤخراً، بعودتها لطليقها الفنان حسام حبيب، بعد أن وجه له ذووها تهمة صريحة بأنه السبب الرئيسي في تعاطيها المواد المخدرة، ما استلزم إدخالها مصحة مختصة لعلاجها من الإدمان.

وشكلت هذه الأخبار صدمة كبيرة لعشاق شيرين والمهتمين بها، ذلك أنها عانت الأمرين، لكي تتخلص من التبعات النفسية التي لحقت بها جراء تدهور علاقتها بحسام، واستطاعت أن تعود لسابق عهدها بعد ظهورها في مهرجان قرطاج، وخلال لقائها مع الإعلامية إسعاد يونس.

  • الدكتورة فداء أبوالخير

وبدأ كثيرون من محبي شيرين يبحثون عن الأسباب التي دفعتها للعودة لطليقها، رغم أنها أعلنت سابقاً أنه أكثر شخص تسبب لها بالأذى في حياتها، وأكدت أنها طوت تلك الصفحة التي جمعتها به.

وللإجابة عن هذه الأسئلة والكثير من تلك المتعلقة بحياة شيرين، تستهل الدكتورة فداء أبوالخير، الأستاذة المساعدة في علم النفس الإكلينيكي بجامعة عمان الأهلية، حديثها لـ"زهرة الخليج"، بالحديث عن بعض صفات الشخصيات وسمات البشر.

صدمة وخذلان

تقول أبوالخير: "يختلف الناس في ما بينهم، فبعضهم اجتماعيون وآخرون انطوائيون، كما أن منهم من يتصف بالحساسية الزائدة والمشاعر العالية، ومنهم من يتميز بكونه عاطفياً وانفعالياً، وهنالك الحكيم والعقلاني.. إلخ".

وتوضح أبوالخير أن المتتبع لمسيرة شيرين عبدالوهاب وتصرفاتها، يدرك أنها تنتمي لنوع الشخصيات العاطفية الانفعالية، ويبدي هذا النوع من البشر ردود أفعال مختلفة عند تعرضهم لخذلان وصدمات انفعالية وعاطفية، وقد تكون ردة فعلهم مختلفة في كل مرة.

وتكمل الدكتورة أبوالخير حديثها، بالقول: "في بعض الأوقات، يمر الإنسان بحالة من الصلابة والقوة تمكنه من مواجهة هذه الظروف بحيث لا يتعرض للانهيار بشكل كامل، وقد يعتزل الناس لفترة معينة ويشعر بالحزن والمسؤولية في آنٍ، وربما تراوده مشاعر الذنب ويرى نفسه ضحية لما يمر به من ظروف"، وتضيف أن الصدمة التي يتعرض لها هذا الإنسان توصف بأنواع عدة، منها: الفقدان الجسدي، أو الانفصال العاطفي أو الفقدان المادي، ويشكل الطلاق والوفاة صدمة بالنسبة له، في حين يمر شخص بهذه الصدمة بسبب الخسارة المالية على سبيل المثال.

وبشكل عام، يؤدي الفقدان لتعرض الإنسان للصدمة، وتتكون لديه الاستجابة الاعتيادية التي يمر بها معظم البشر، ومنها الإنكار والغضب، والمرور بمراحل من الاكتئاب لفترات زمنية معينة، حتى الوصول لمرحلة القبول.

وتبين أن بعض الأشخاص يمرون بهذه المراحل بشكل سريع، ويكون تأثرهم بها ضمن الإطار المعقول والطبيعي، فيما يحتاج آخرون لوقت أطول قد يصل لبضعة أسابيع، بينما يبقى آخرون عالقين بإحدى هذه المراحل، كأن يعلق الشخص بمرحلة الإنكار، ما يؤدي إلى تطور المشكلة البسيطة إلى واحدة أكبر وأعمق، ويتسبب لهم الأمر باضطراب نفسي أشد وطأة يسمى "اضطراب ما بعد الصدمة"، فيما يعلق آخرون بمرحلة الإحباط والاكتئاب، ويتطور لديهم الاكتئاب أو أحد اضطراباته.

الفقدان

يشكل بعد الإنسان عن أشخاص محددين في حياته وفقدانه لهم عاطفياً أو جسدياً، وتباعده عنهم فيزيائياً أو مكانياً، وانفصاله عنهم بالمشاعر حالة خاصة، إذ إن بعض البشر لا ينفصلون بشكل كامل ويحتفظون ببعض المشاعر الإيجابية والذكريات الجميلة، ويبدأ هذا الشخص الذي تعرض للفقدان بتوجيه أسئلة ذاتية لنفسه، ومنها: "لماذا يحدث معي بالذات؟ هل كنت ضحية لخداع عاطفي انفعالي؟ كيف تم استغلالي؟"، بالرغم من أنه كان في حالة تصديق وثقة كاملة بالشخص المقابل.

تكمل الدكتور فداء شارحةً أن الاستجابة لحالة الفقدان، التي تحدث نتيجة خذلان المقابل أو الانفصال عنه، قد تأتي على شكل صدمة تنتج عنها مشاعر متناقضة تجمع بين الغضب والكره والحب والعتب والرضا بنفس الوقت.

كما يبدأ هذا الشخص بالبحث عن المذنب بينه وبين الطرف الأخر، ما يولد لديه حالة من الغضب تجاه الآخر، أو تجاه الموقف والظروف التي جمعتهما وأدت لانفصالهما.

وتضيف أخصائية علم النفس أن حالة التضارب بالمشاعر والأفكار قد تصل إلى مرحلة معينة، يهرب بها الإنسان من كل هذه الضغوط، سواء بالانشغال الزائد وعدم ترك أي وقت للفراغ، أو بالانعزال التام وإيقاف جميع النشاطات الاجتماعية، وكل هذا ينطبق على الأشخاص الذين لديهم قدرات التكيف الفطرية الموجودة لدى معظم الناس، وقد يبكي هذا الإنسان ويصرخ ويعبر ويلوم، لكنه سيعود لاتزانه بشكل أو بآخر لاحقاً بعد مروره بحالة من التذبذب الانفعالي.

مختلفون

تشير الدكتور فداء أبو الخير إلى وجود أشخاص يحتاجون إلى الدعم في هذه الظروف، سواء كان ذلك دعماً أسرياً أو اجتماعياً أو نفسياً من قبل الأخصائيين، لأنهم غير قادرين على الخروج من هذه الدائرة بمفردهم، وهنا تكمن الخطورة في حال لم يتلق هذا الشخص الدعم المنتظر، فإن الصراع الذي بداخله سيجعله عرضة للهشاشة النفسية بشكل أكبر وأخطر، وعرضة للاستغلال بأشكال متنوعة، وقد تتطور لديه مشاكل نفسية عميقة.

العودة لحسام والإدمان

تقول أبو الخير إن علم الصحة النفسية يصنف الإدمان والاضطرابات النفسية بكونهما في علاقة ارتباطية تبادلية، أي أن الاضطراب النفسي قد يؤدي للإدمان والعكس صحيح، حيث يتسبب الإدمان بمشاكل نفسية ويترك أثراً، ويفجر اضطرابات نفسية خطيرة بحسب نوع المادة المخدرة ومدة الإدمان وبعض العوامل الأخرى.

وفي حالة المطربة شيرين، وتأكيد ذويها أنها تعالج من التعاطي، تقول الدكتور فداء إن الصدمة التي تعرضت لها قد تكون هي ما دفعها لهذا الأمر، أو أن يكون السبب الصراع الذي نشأ بداخلها، كونها ماتزال تحب حسام وتريده، لكنها ترى أنه خدعها ولم تعد تشعر معه بالأمان، وهو ما قد يكون دفعها لاتخاذ قرار بلحظة ضعف للعودة إليه بهدف المحاولة الأخيرة أن تكون معه للمرة الأخيرة، لتسد حاجتها العاطفية التي تتملكها، كما أنها ربما أرادت تكذيب الخذلان الذي تعرضت له، وتصديق أنه لم يخذلها، بل كانت مرحلة عابرة وستعود الأمور لما كانت عليه ويعود الحب.

إقرأ أيضاً:  في تطورات قضية نجليها.. زينة تطالب أحمد عز بمبلغ «خرافي»
 

وتختم أبو الخير بأنه في حالة شيرين، ووفق المعطيات التي يعرفها الناس عنها، فإنها قد تكون منحت الثقة فعلاً مرة أخرى لشخص تسبب بأذيتها بسبب حاجتها له، أو أنها ترغب بإثبات براءته من جرم الخذلان والانفصال والتسبب بالأذى، وهو على الأغلب ما دفعها للثقة به مرة أخرى، موضحة أن الدعم الذي تتلقاه شيرين، سواء من الأسرة أو الأصدقاء المحيطين بها، قد يشكل عاملاً مهماً وحاسماً في تعافيها، ويعيدها أقوى من قبل وأكثر معرفة ومهارةً في التعامل مع الصدمات.