بتنا نسمع كثيراً عن ازدياد عدد حالات الإصابة بسرطان الثدي بين النساء، ويرجع البعض سبب هذه الزيادة إلى النمط غير الصحي الذي انتشر في العالم، والبعض يرى أنه التوتر والضغط العصبي الناتج عن وتيرة الحياة المتسارعة، إذ أصبح الجميع يلهثون وراء لقمة العيش من دون أخذ قسط من الراحة أو الانتباه للصحة النفسية التي لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية. في النهاية، قد تجتمع كل هذه الأسباب لتشكل عاملاً محفزاً للإصابة. هنا، يجيب عن تساؤلات القارئات الدكتور محمد عبدالغني جودة، استشاري جراحة أورام وترميم الثدي في أبوظبي، عن الأعراض الشائعة لمرض سرطان الثدي، والتي يجب أن تلحظها النساء، فضلاً عن الوقاية وطرق العلاج في حال الإصابة.

هل يعد ألم الثدي أحد أعراض سرطان الثدي الشائعة؟

هناك عرض شائع جداً هو ألم الثدي الذي قد يكون في كلا الثديين أو في أحدهما فقط، وقد تكون آلاماً متقطعة كنوبات أو متواصلة، وتختلف في شدتها والمدة الزمنية التي تعاني فيها المريضة هذا الألم. وقد تكون هذه الآلام مزعجة لدى الكثيرات ومقلقة، وقد تؤثر في نشاط السيدة ووظائفها اليومية، لكني كطبيب متخصص في أمراض الثدي عندما أستمع لشكوى المريضة من هذا الألم أشعر بالارتياح النسبي قبل إجراء الفحص السريري والأشعة، لأن معظم حالات الشكوى تعد ظاهرة طبيعية تتأثر بها غالبية السيدات، خاصة المراحل العمرية الصغيرة والمتوسطة اللاتي تأتيهن الدورة الشهرية بشكل منتظم، حيث تحدث هذه الأعراض نتيجة للتغيرات الفسيولوجية الطبيعية الهرمونية في جسم المرأة، وقد تحدث خلال فترة الدورة الشهرية أو قبلها، ومن النادر أن تكون هذه الآلام مؤشراً إلى وجود مرض خبيث في الثدي، حيث يظهر غالباً سرطان الثدي دون آلام.

  • الدكتور محمد عبدالغني جودة

ماذا عن أعراض سرطان الثدي؟

ظهور كتلة أو عقدة، ويختلف حجمها من المتوسطة للصغيرة وتكون غير مؤلمة، لكن تلحظ المريضة ظهورها بشكل مفاجئ دون أي أعراض أخرى مصاحبة، أيضاً يعتبر ظهور إفرازات الحلمة علامة أخرى لسرطان الثدي خاصة إذا كانت الإفرازات حمراء دموية أو شفافة كالماء، كذلك التحول المفاجئ في شكل الحلمة كالدخول والانبعاج للداخل بخلاف شكلها المعتاد وتعرجات جلدها، وظهور كتل تحت الإبط (عقد ليمفاوية متضخمة)، فجميعها تعد أعراضاً ومؤشرات لوجود مرض.

هل هناك نوع من سرطانات الثدي شديد الخطورة؟

هناك نوع نادر من سرطانات الثدي يعد شديد الخطورة، وينتشر في المنطقة العربية بشكل أكبر من بقية مناطق العالم، ويسمى هذا النوع بسرطان الثدي الالتهابي، حيث تظهر أعراضه في صورة التهاب وانتفاخ وألم واحمرار وتجمع بعض الصديد، لذلك تجب الحيطة والحذر من التهابات الثدي التي تتغافلها النساء، ويعتقدن أنها التهاب عرضي بسيط، ناتج عن رضاعة الأطفال أو خلال فترة الحمل أو التهابات بسيطة في الجلد، لكن أحياناً تكون هذه العلامات إشارة لنوع نادر من سرطان الثدي يصعب التعامل معه والسيطرة عليه.

ما عوامل تزايد الإصابة؟

بعض العوامل الرئيسية تكون خطيرة جداً ويمكن للنساء تجنبها وتفاديها للتقليل من احتمالية الإصابة بالمرض مع مرور الزمن، فكون المرأة أنثى يعني أن احتمالية إصابتها تصل إلى نسبة 99%، مقابل 1% من الرجال، أي أن عامل الإصابة مرتبط بشكل رئيسي بالنوع ويعتبر العامل الأول، فيما يعد التقدم بالعمر العامل الثاني خاصة بعد سن الـ50 حيث تزيد احتمالية الإصابة. أما العامل الثالث، فهو وجود حالات متعددة من سرطان الثدي أو سرطانات أخرى كالمبايض أو البروستات في الرجال بذات العائلة، إذ أظهرت الدراسات والبحوث أن هذه السرطانات إن وجدت بشكل متزايد في نفس العائلة، فيكون ذلك ناتجاً عن طفرات في جينات معينة لدى العائلة تزيد نسبة الإصابة بسرطان الثدي، وأيضاً تعرض منطقة الصدر أو الرئة للعلاج الإشعاعي، كما أن السيدة التي أصيبت بشكل سابق بسرطان الثدي معرضة أكثر من غيرها للإصابة به مرة أخرى.

كيف يمكننا الوقاية من الإصابة بسرطان الثدي؟

يكون ذلك بتجنب عوامل الخطورة كالتدخين بكثرة، ويشمل الشيشة والسجائر بكل أنواعها، والإنجاب المبكر للطفل الأول قبل عمر الـ30، والحفاظ على الوزن المثالي للجسم، وتجنب الزيادة المفرطة في الوزن وشرب السوائل وتناول المواد الغذائية الصحية وممارسة الرياضة، ويبقى الكشف والتشخيص المبكران الأسلوب الأمثل الذي يمكننا من خلاله أن نحد انتشار المرض والسيطرة عليه، ويتمثل بفحص الماموغرام الذي يجب أن تبدأ به السيدات من عمر 40 عاماً بحسب التوصيات العالمية، وذلك بشكل دوري كل عامين، والفحص الشهري الذاتي للثدي، حيث أظهرت الدراسات أن النساء في الدول العربية يصبن بسرطان الثدي في أعمار مبكرة، مقارنة بالنساء في أوروبا.

تجدر الإشارة هنا إلى أن دولة الإمارات نجحت في تطبيق حملات الفحص المبكر بالماموغرام المجاني كل عام، كما ساهمت الجهات الصحية بنشر الوعي عبر الفعاليات المجتمعية وأشهرها القافلة الوردية، ووفرت أحدث التقنيات العلاجية والتشخيصية، إلى جانب الخبرات الطبية العالمية في المستشفيات بالدولة.

خطة العلاج

خطة علاج مريضة سرطان الثدي تكون فردية، وتعتمد على حالتها ومرحلة المرض، فقد تقتضي الحالة اللجوء للعلاج الكيماوي أو الإشعاعي او الجراحي أو المناعي. يشار إلى أن جميع العلاجات الحديثة عالمياً تتوفر بشكل استثنائي في دولة الإمارات مقارنة بكثير من الدول، وهذا ما يميز النظام الصحي في الدولة، حيث تتوفر أيضاً الأدوية للحالات المتقدمة للثدي، إضافة للعلاج التلطيفي المتخصص.

إقرأ أيضاً:  عوامل قد تشير إلى الإصابة بسرطان الثدي.. تعرفي إليها
 

التقنيات الجراحية لاستئصال وترميم الثدي المصاب

تتعدد الطرق الجراحية، التي يستخدمها الطبيب الجراح لإزالة الورم السرطاني من الثدي بعد تشخيص الحالة، حيث تتم دراسة كل حالة بحد ذاتها، وبحسب تفاصيلها الطبية، تتم مناقشة الاختيارات الجراحية مع المريضة وذويها لاختيار الطريقة التي تلائمها، وفي معظم الأحيان يتم استخدام طريقة الحفاظ على ثدي المريضة وعدم استئصاله باستخدام أحدث التقنيات كجهاز (السيرفس كاوت)، إضافة لإعطاء المريضة الجرعات والأدوية قبل العمليات لجعل حجم الورم أصغر وقابلاً للاستئصال مع الحفاظ على الثدي. أما في حالات استئصال الثدي كاملاً، فتتم إعادة بناء وتشكيل الثدي، وهي جراحة تجرى  مع ذات العملية التي يتم فيها استئصال الثدي أو في وقت لاحق، حسب حالة المريضة، وباختيارها. ولإجراء إعادة ترميم وبناء الثدي، هناك اختيارات كثيرة منها ما هو متعارف عليه كالسيليكون وما شابه، ومنها ما يعتمد على الأنسجة الطبيعية من جسم المريضة، التي يتم نقلها من أماكن مختلفة من الجسم، كمنطقة الظهر والفخذ إلى الثدي المستأصل لترميمه.