«كوميونيتي هب» يحتضن المواهب الإبداعية

تبدأ نهضة الدول، وتحقيق الإنجازات، عادة، من اكتشاف المواهب وتطويرها وتمكينها، ودولة الإمارات العربية المتحدة أصبحت موطناً لاكتشاف المواهب، ومنح الفرص، ومن الطبيعي أن يوجد على أرضها العديد من الأماكن، التي تستقطب المواهب وتنميها، ومن بينها «كوميونيتي هب»، تلك المساحة الإبداعية التفاعلية، التي تعتبر ج

تبدأ نهضة الدول، وتحقيق الإنجازات، عادة، من اكتشاف المواهب وتطويرها وتمكينها، ودولة الإمارات العربية المتحدة أصبحت موطناً لاكتشاف المواهب، ومنح الفرص، ومن الطبيعي أن يوجد على أرضها العديد من الأماكن، التي تستقطب المواهب وتنميها، ومن بينها «كوميونيتي هب»، تلك المساحة الإبداعية التفاعلية، التي تعتبر جزءاً من «twofour54» المنطقة الإعلامية الرائدة في تطوير صناعة الإعلام والترفيه والألعاب الإلكترونية، والتي تتخذ من أبوظبي مقراً لها، وتقع في قلب المنطقة الإبداعية - ياس، التي تُعد أول مشروع يتم تطويره خصيصاً لقطاع الإعلام والترفيه والألعاب الإلكترونية في المنطقة؛ لترسخ بذلك مكانة أبوظبي كمركز ريادي على خارطة تطوير المحتوى في منطقة الشرق الأوسط.

مساحة تفاعلية

يحتضن «كميونيتي هب» المبدعين من هواة ومحترفي الألعاب الإلكترونية وصانعي الأفلام، وأصحاب مواهب سرد القصص والتصميم والرسوم المتحركة، إلى جانب الموظفين المستقلين، والشركات الناشئة، وشركات صناعة المحتوى الصغيرة والمتوسطة، كما يساهم «كوميونيتي هب»، أيضاً، في ربط أعضاء المجتمع الإبداعي بشركاء «twofour54»، وبالتالي يوفر فرصاً واعدة لتطوير الأعمال والابتكار.

ويوفّر «كوميونيتي هب» مجموعة متنوعة من المساحات، بدءاً من غرف الاجتماعات الخاصة إلى صالات الاستراحة، مع غرفة عرض ومناطق مخصصة للعصف الذهني. وتشكّل هذه المساحة التفاعلية الفريدة موطناً لدعم وتمكين المبدعين، ومساعدتهم على التواصل والتعاون وتحقيق أقصى إمكاناتهم، من خلال الاستفادة من التكامل والتداخل بين مختلف الصناعات الإبداعية.

مبدعون يتحدثون إلى «زهرة الخليج»

يوفر «كوميونيتي هب» لشرائح المجتمع الإبداعي كافة فرصاً للحصول على التدريب والتوجيه، وتحقيق التقدم في مسيرتهم المهنية، وصولاً إلى تأسيس مشاريعهم الناجحة والمتكاملة، من خلال المختبر الإبداعي، والمساحة المادية والرقمية المخصصة للمبدعين، واستوديو الفيلم العربي، حيث يهدف إلى دعم المشاركين وتمكينهم وتنمية مواهبهم وتطوير خبراتهم، وذلك بتوفير البرامج التدريبية وورش العمل التفاعلية والدورات التعليمية.. «زهرة الخليج» التقت شريحة من المبدعين، الذين استفادوا من «كميونتي هب»؛ فاكتشفوا ذواتهم، وحققوا نجاحات متميزة، ولايزالون على الطريق نحو القمة، ليضيئوا على تجاربهم الملهمة، وأحلامهم التي لم تتحقق بَعْدُ.

بوابة الإبداع

في البداية، تقول المخرجة عائشة الزعابي: تخصصت بالمرحلة الجامعية في مجال الإعلام بمحض الصدفة، ولم أكن أعلم إن كان هذا التخصص يناسبني أم لا، إلى أن بدأت رحلتي العملية والإبداعية عام 2012، عندما سجلت في عضوية المختبر الإبداعي، وحصلت على العديد من ورش العمل في التصوير، والكتابة، والتمثيل، إلى أن وصلت إلى آخر ورشة عمل وكانت في مجال الإخراج، ساعتها اكتشفت شغفي، وبرزت موهبتي الدفينة بداخلي، وبالفعل حصلت على الدعم والتشجيع من «كميونيتي هب» عندما عرضوا عليّ إنتاج أول فيلم سينمائي قصير.

محفظة واسعة من المساحات المكتبية، ومرافق الإنتاج المُصممة على طراز عالمي، وغيرها من الخدمات الداعمة للأعمال يوفرها «كميونيتي هب» بحسب الزعابي، التي تضيف: كان اسم الفيلم القصير الذي أخرجته لأول مرة «البعد الآخر»، وشاركت به في مهرجان دبي السينمائي، وفاز بجائزة أفضل فيلم إماراتي قصير. ومن هنا، كانت انطلاقتي نحو عالم الإخراج والإبداع. أعتقد أن «كميونيتي هب»، والمختبر الإبداعي، كانا بمثابة بوابة الإبداع بالنسبة لي ولزملائي، أيضاً، حيث تشاركنا الأفكار والرؤى، وتبادلنا الثقافات والخبرات، وكنا نكمل بعضنا بعضاً، كل عضو كان عوناً وسنداً للآخر في مسيرته وإلى الآن، ولن أنسى ما قدمته لي الأستاذة فاطمة اليوسف من دعم وتشجيع؛ فأنا أدين لها بالفضل في كل ما وصلت إليه من نجاح.

اكتشاف الذات

بدوره، يقول معاذ محمد محمود (مدير تصوير)، إن المختبر الإبداعي كان نقطة انطلاقته لإبراز موهبته واكتشاف ذاته، ويلفت النظر إلى أنه كان يهوى التصوير منذ الصغر، إلى أن استطاع أن يحصل على كاميرا في المرحلة الجامعية، وبدأ في تصوير الأشياء والأشخاص والأماكن، وتعلم ذاتياً من خلال القراءة عن التصوير، إلى أن توجه ذات يوم إلى «كميونيتي هب»، وتعرف إلى مجموعة من المبدعين، الذين مدوا إليه يد العون والتشجيع.

ويؤكد معاذ أن «كميونيتي هب» هو رحم الإبداع في أبوظبي، ويقول: أدين بالفضل لكل شخص في المختبر الإبداعي، حيث تعلمت منهم الكثير، خاصة الأستاذ سمير كرم، الذي نهلت من علمه، وساعدني في ولوج عالم التصوير السينمائي، وكانت أولى تجاربي معه، تصوير كواليس الفيلم الوثائقي «إماراتيون في قمرة القيادة»، مشيراً إلى أن المختبر الإبداعي وفر له استعارة المعدات دون مقابل مادي، وتكوين علاقات اجتماعية، واكتساب الخبرات من الآخرين.

صقل المهارات

ويسرد أحمد عيسى (منتج برامج وأفلام سينمائي) تجربته مع المختبر الإبداعي، قائلاً: انضممت إليه عام 2013، وفوراً بدأت المشاركة في الكثير من المشاريع، منها مشاريع إنتاج أفلام، وفيديوهات موسيقية، ودعايات وإعلانات، وصورت معهم الكثير من الأشياء؛ فقد أتاح لنا المختبر الإبداعي الفرصة كي نتعلم ونصقل مهاراتنا، بالإضافة إلى الزملاء أعضاء المختبر، فقد كانوا خير رفقاء على درب الإبداع والتميز؛ فكان المختبر مدخلاً فعلياً لتحقيق ذاتي، فقد عملت مساعد مخرج، ومصوراً فوتوغرافياً، وأيضاً في مجال الإنتاج، وبذلك اكتسبت المزيد من الخبرة بمجال الإعلام.

ويتابع عيسى: استعمال الأجهزة وتوفير الأدوات وغرف المونتاج وغرف الاجتماعات، ساهمت كثيراً في تحفيز الابتكار ودعم الأفكار لدينا، وكنا نجتمع دائماً مع الزملاء المبدعين لنتبادل الأفكار والمهارات، مشيراً إلى أن «كميونيتي هب» حاضنة دعم وتمكين المواهب الإبداعية، وصقل المهارات وتنميتها.

خلية نحل

المخرج والمونتير، عمر ترتوب، يلفت النظر إلى أن بداياته في «كميونيتي هب» ساعدته كثيراً في التطور والتقدم، حيث وفر له المعدات الحديثة والكاميرات المتطورة التي ساعدته على أن يكتشف ذاته، ويبرز موهبته، لافتاً إلى أنه شعر بالانتماء للمكان منذ اليوم الأول لانضمامه إليه، ويقول: «الكل يعمل معاً على قلب رجل واحد، كخلية نحل تفرز عسل الإبداع طوال الوقت، لاسيما أنني كنت في بداياتي أعمل بشكل فردي، ومع تبادل الآراء والأفكار تعلمت أهمية العمل الجماعي، الذي هو أول طريق الإبداع».

وينصح ترتوب الشباب المبدعين، قائلاً: كل إنسان منا داخله شخص مبدع، لكنه يحتاج إلى من يزيل عنه الغبار، ويخرجه إلى النور، وهذا لن يحدث إلا إذا كان على ثقة بعمله، ويتبع شغفه، فالثقة بالنفس وبالعمل الإبداعي سبيل النجاح والتقدم، وإذا أخفق الإنسان في البداية، فعليه أن يتعلم من ذلك الإخفاق، ويصنع منه سلماً نحو القمة، لاسيما أنني كنت في بداياتي أشعر بنوع من القلق تجاه ما أقدم من أعمال، ومع الوقت وبفضل «كميونيتي هب» تخطيت مخاوفي، وأصبحت شخصاً ناجحاً، فالإبداع بذرة لابد أن نسقيها بماء الشغف، ومواكبة التطور في العالم، حتى تنبت وتزهر.

مواهب الأطفال

أما المصورة ريحانة الهاشمي، فتؤكد أنها شخصية متعددة المواهب منذ طفولتها، فقد كانت رسامة بارعة، وبدأت التصوير في المرحلة الإعدادية، موضحة: كنت أستكشف مواهبي وشغفي، لكنني لا أصقلها، وأحتفظ باللوحات والصور لنفسي، وقررت أن أعمل بمجال التصوير في مرحلة الجامعة، بأجر زهيد؛ فقط كي أتعلم وأكتسب الخبرة، بعد ذلك شاركت في مسابقة تصوير فيلم، وكانت هذه هي انطلاقتي، فقد عرفت هنا كيفية تصوير مشاهد الأفلام بطريقة احترافية.

إقرأ أيضاً:  شرطة أبوظبي تُطلق «الخدمة الماسية» لإسعاد كبار المواطنين وأصحاب الهمم
 

وتشدد على ضرورة تكاتف أفراد المجتمع؛ لاكتشاف الأطفال الموهوبين، وتطوير مواهبهم والاهتمام بها ورعايتها، موضحة أنها وجدت الدعم والتمكين من «كميونيتي هب»، الذي وفر لكوادر الإبداع ورواد الأعمال الموارد والأدوات اللازمة كافة، لتمكينهم من إيجاد حلول مبتكرة، قادرة على معالجة أبرز التحديات التي قد تواجههم، وبذلك أصبح محفزاً أساسياً للابتكار والأفكار الخلاقة، ونقطة انطلاق واعدة للمشاريع والشركات الناشئة.

أفلام إماراتية

ويشير المخرج محمد الأحمدي إلى أن قصته بدأت مع «كميونيتي هب» عام 2017، إذ كان لديه شغف بالإخراج، وكان والده (رحمه الله) مصدر إلهامه في هذا المجال؛ بحكم أنه كان مخرجاً سينمائياً أيضاً. يقول: سمعت عن المختبر الإبداعي؛ فتواصلت معهم، وكانت البداية بفيلم قصير تم ترشيحه في مهرجان دبي السينمائي، ومن أبرز المشاريع التدريبية، التي شاركت فيها: فيلم بوليوود الشهير «تايغر زيندا»، بطولة الممثل سلمان خان، ومسلسل «الميراث»، وبعض الأفلام الإماراتية القصيرة، وأيضاً شاركت كمساعد مخرج لفيلم «وصلنا ولا بعدنا» مع المخرجة عائشة الزعابي، وبطولة: فاطمة الحوسني، وأحمد عبدالرزاق.

ويرى الأحمدي أن المختبر الإبداعي بوتقة تجمع المبدعين في مكان واحد، وينصح كل شاب، قائلاً: اتبع شغفك واجتهد، لأن ذلك بالإضافة إلى ما وفرته لي «كميونيتي هب»، كان أهم أسباب نجاحي في مجال الإخراج.