هل كنتُ أنا حقاً بهذا السوء؟!..

ألم أكن أستحق السعادة؟!..

ألا يليق بي الحب؟!..

أسوأ ما يفعله بك أحدهم أن يهجرك تاركاً إياك خلفه تواجه - وحدك - كلَّ هذه الأسئلة! تستحي من صورة مرآتك، متى صرت بهذا القبح؟! تتقزم حد أنك تشعر بأن ثيابك صارت فضفاضة حقاً، لا تناسب ضعف بنيتك! تشحب ملامحك كأن الدماء غادرت جسدك كله متأففةً.. فقط قلبك يبقى ينبض بقوة، كأنه يريد التخلص مما بقي من نبضاته!

تصلك أحاديثهم عنك؛ فتتعجب كيف بدلوا الأدوار؛ ليجعلوا الظالم ضحية، والمظلوم جلاداً؟! وأي ممحاة «لعينة» مسحت ما رسمته يدك لهم من شموس وغيمات وقوس قزح؛ لتذر اللوحة مشوهة كـ«شخبطة» طفل عابث؟!.. وكيف تشبه صرخاتهم صرخاتك بل يعلو صوتها أكثر كما لو أنك أنت من تمسك السَّوْط؟!

عذراً.. لو كنت قلّبت عليك المواجع - كما يقولون - لكنني أردتك فقط ألا تصدق حيلهم!.. فهكذا - بالضبط - تبكي الذئاب على قبور ضحاياها!

تعرف ذاك المثل الشهير عن «الغربال الذي عيّر إبرة بثقبها»؟!.. هناك نوع من البشر لا يرون عيوبهم، بل الأدهى أنهم يجيدون إلقاء عباءة اللوم على غيرهم..

ما أشبههم بـ«دراكولا»، الذي كان يشكو سُمْك جلود ضحاياه، حينما تعيقه عن مص دمائهم.. حيلة شهيرة تمارسها الأفاعي، وجلدها الناعم يعتصر أعناق ضحاياها!

نكتة سخيفة يجبرونك على الضحك عليها، ثم يحولونها إلى خرافة يريدون منك تصديقها: «أنت شرير الرواية، والوَحْشُ الذي سيبقى منبوذاً في بُرج بعيد!».

هم الفئران التي تكون أول ما يغادر السفينة الغارقة، حتى إن كانوا هم مَنْ أحدثوا الثقب فيها.. هم بخلاء القلوب، الذين لطالما استباحوا ولائمك على موائدك الكريمة؛ فلما أرادوا هجرك تذرعوا بـ«قلة الملح»! أما كان أولى بهم أن يضعوا في عيونهم «حصوة» منه؟! 

هؤلاء كيف نتجاوزهم؟!.. تجاهلْهم. فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله.. حطّم مراياهم القبيحة، وانظر في نبعك الصافي فلن تخدعك صورته.. «هدهد» قلبك واربت عليه، وأخبره بأنه يستحق الحب.. رمم تلك الفجوة في جدارك، وأعد طلاءه، وانتظر إطار صورة بهية تليق بأن تُعلق فوقه.. صمّ أذنيك عن سُمّ فحيحهم؛ فعدالة السماء كفيلة بأن تعيد قذفه إلى جوفهم. 

بالله عليك أبطل سحرهم! فأنت أدرى بنفسك منهم.. احفظ قلبك عن التلصص خلف جدران بناها القدر؛ فبعض الحرمان عطية وأنت لا تدري! وبعض النقصان كمال وأنت لا تفهم.. وبعض الفقد فرصة لتخلية الأماكن الصحيحة لمن يستحقها!