لا تخلو بطولات كأس العالم، عبر التاريخ، من القصص الخالدة التي ترددها الأجيال مع اقتراب كل بطولة للمونديال، كما يتناقلها الناس، سواءً كانت مرتبطةً بجمال اللعبة، أو ببعض الإعجازات التي حققها لاعبون بحد ذاتهم، أو أنها ترتبط بحوادث سلبية ارتكبها نجوم الفرق المشاركة، وقد تكون متعلقةً بتلك المنتخبات التي شكلت مفاجآت كبرى، خلال ظهورها في المونديال، ولم يكن أحد يرشحها لفعل أي شيء.
وبالعودة إلى الذاكرة، وتحديداً في مونديال إسبانيا 1982، توجهت كل الأنظار والأضواء إلى صانع الفرح وهداف البطولة اللاعب الإيطالي باولو روسي، الذي قاد منتخب بلاده للظفر باللقب، إلا أن أحد أهم أسباب رفع إيطاليا للكأس كان وجود جزار حقيقي في صفوف منتخبها لم يعره الإعلام اهتماماً كبيراً.

 

 

فمن هذا الجزار وما حكايته؟.. دعونا نتعرف إليها:
"كرة القدم ليست لراقصي الباليه، لا يمكن للاعب والكرة أن يمرا، واحد فقط باستطاعته عبوري"، نقلت هذه الكلمات عن المدافع الإيطالي كلاوديو جنتلي، الذي اشتهر بقساوة لا هوادة فيها أبداً، وبات لاحقاً من أبرز الأمثلة التي يدرس فيها مبدأ الرقابة اللصيقة للمدافعين على المهاجمين، خاصة في طريقة الدفاع الإيطالية الشهيرة باسم "الكاتناشيو".

 

 

وفي مونديال 1982، وصفت الصحافة الإيطالية جنتلي بالجدار المنيع المصنوع من الحديد والباطون، فما فعله اللاعب لم يكن عادياً أبداً، وأقل ما كان يوصف به أنه "صلب".

 

 

خنق مارادونا 
امتلك جنتلي خصلة لا مثيل لها أبداً، فقد كان قادراً على خداع الحكام بشكل كبير، ولم تقل موهبته بالخداع عن بأسه الدفاعي، وقد تجلى ذلك بوضوح عندما استطاع إيقاف أبرز أسطورتين شاركا في البطولة، هما: الأرجنتيني مارادونا، والبرازيلي زيكو.
وفي التفاصيل، وقعت القرعة على منتخب إيطاليا في ربع النهائي، ليكون ضمن مجموعة البرازيل والأرجنتين، وذلك عندما كان نظام البطولة يقام بنظام المجموعات.
وقبل مواجهة الأرجنتين، درس جنتلي مارادونا بعناية فائقة، وتوصل لقناعة تامة بأنه يستطيع إيقافه وشلّ حركته، وذلك من خلال منع الكرة من الوصول إليه بأية طريقة، سواء كانت مشروعة أو غير ذلك.

 

 

وفي المباراة، خنق جنتلي مارادونا تماماً، وتعرض له بالضرب والجرح بعيداً عن أعين الحكم، حتى أحبطه تماماً، وتسبب هذا الإحباط بنيل الأسطورة الأرجنتيني إنذاراً لكثرة الشكاوى إلى الحكم من عنف اللاعب الإيطالي.
وإلى جانب أخطائه الخفية التي لم يستطع الحكم مشاهدتها، ارتكب جنتلي 11 خطأ في شوط المباراة الأول، وأنهى اللقاء بـ23 خطأً ولم يخرج من المباراة سوى ببطاقة صفراء وبعض الإنذارات الشفهية.
وعقب انتهاء اللقاء، قال جملته الشهيرة: "كرة القدم ليست لراقصي الباليه".

 

 

عطل زيكو
بعد لقاء الأرجنتين، توعد جنتلي نجم البرازيل وأبرز مهاجم بذلك الوقت "زيكو" بمصير مشابه، وبالفعل عانى زيكو كثيراً في مباراة منتخبه أمام إيطاليا، إذ فرض عليه "الجزار" رقابة صارمة، تطورت مع أحداث اللقاء إلى ضرب وشد، أديا لتمزق قميص زيكو بالكامل، واستطاع الإيطالي شل حركته تماماً.

 

 

يحمل لقبين
نعم، عرف اللاعب "الجزار" بلقب "القذافي" أيضاً، كونه ولد في ليبيا وتحديداً في طرابلس، كما أنه امتلك شعراً أشعث يشبه إلى حد بعيد شعر معمر القذافي، وقد غاب "القذافي" عن مباراة نصف النهائي في مونديال 1982، بسبب الإنذارين أمام مارادونا وزيكو على التوالي، لكنه عاد للمشاركة في النهائي. وبالإضافة لدوره الكبير في الحد من خطورة لاعبي ألمانيا بتلك المباراة، منح بنفسه باولو روسي تمريرةً حاسمة، سجل منها الأخير هدف اللقاء الأول الذي سهل مهمة الطليان للفوز بالبطولة.

 

 

طرد غريب
رغم تلك الشراسة، فإن اللاعب "الجزار" أو "القذافي" كما كان يلقب، لم يتعرض طيلة مسيرته الكروية للطرد مطلقاً، إلا مرة واحدة، وكانت بسب لمسه للكرة بيده وليس لخشونته أو لضربه لخصومه، وهو الأمر الذي يؤكد موهبته الساحرة بخداع الحكام وضرب اللاعبين دون أن يراه أحد.
وعادت سيرة اللاعب للظهور عبر وسائل الإعلام بعد اعتزاله كرة القدم بسنوات طويلة، وتحديداً إبان نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2015، الذي جمع بين ناديه يوفنتوس، وفريق برشلونة الذي كان يلعب له، أفضل لاعب في العالم بذلك الوقت ليونيل ميسي، ليقول جملة شهيرة أخرى:" ليت اليوفي استدعاني للمباراة لمراقبة ميسي".

إقرأ أيضاً: بيكيه يوقف كل الشائعات.. ويكشف سبب اعتزاله الحقيقي