نجحت أربعة من الأجهزة العلمية على متن منظار جيمس ويب الفضائي في رصد تفاصيل غير مسبوقة للغلاف الجوي لكوكب "WASP-39 b" الذي يبعد عن الأرض بمسافة 700 سنة ضوئية. وتشكّل هذه البيانات من الكوكب الشبيه بكوكب المشتري من حيث الحجم سبقاً علمياً يحققه فريق الأبحاث الذي يضم باحثين من جامعة نيويورك أبوظبي وعدد من المؤسسات العلمية في مختلف أنحاء العالم.

 

 

جزيئات وذرات
وقد تحقق العلماء من تشكيل الغلاف الجوي لهذا الكوكب، فنجحوا مؤخراً في رصد كل مكوناته من جزيئات وذرات، كما رصدت الأجهزة أيضاً غيوماً ونشاطات كيميائية، كما صرّحت ياسمينة بليتشيتش التي تعمل في مركز فيزياء الفلك والجسيمات والكواكب في جامعة نيويورك أبوظبي، وهو المركز الوحيد في الدولة الذي يشارك في مجموعة أبحاث الكواكب الخارجية التي يقودها إيان دوبز – ديكسون وفي مجموعة أبحاث منظار جيمس ويب الفضائي.
يعمل منظار جيمس ويب الفضائي ضمن نطاق الأشعة تحت الحمراء، مما يسمح برصد آثار ضئيلة لجزيئات لا ترى في الطيف العادي الذي يراه البشر. ولدى مرور الكوكب "WASP-39 b" أمام نجم مجموعته ترشح الضوء عبر غلافه الجوي وتفاعل بطرق مختلفة مع الجزيئات في الغلاف، مما مكّن العلماء من تحديد مدار الكوكب وتحليل مكونات غلافه الجوي بفضل هذه التفاعلات المختلفة.
وفي تصريحها قالت ياسمينة: "لقد ذهلنا بجودة البيانات التي وصلتنا من المنظار، فلم نضطر إلى معالجة البيانات! وللوهلة الأولى، بدت لنا كالمعلومات التي تصلنا من منظاري هابل وسبيتزر بعد إجراءات معالجة التشويش وموازنة الدقة، فقد كانت المكونات واضحة من أول نظرة". وتبشر هذه النتائج بقدرة المنظار وأجهزته على العمل وتحليل الكواكب الخارجية الصخرية كما يأمل الباحثون.
اكتشافات علمية 

 

  • ياسمينة بليتشيتش

 

 

أوراق بحث
شاركت ياسمينة في تأليف خمس أوراق بحث حول هذه التطورات، وتنوي دورية نيتشر العلمية نشرها هذا الشهر، تصف فيها عدداً من الاكتشافات العلمية ومنها رصد ثاني أكسيد الكبريت في كوكب خارجي للمرة الأولى. تنتج هذه المادة عن تفاعلات كيميائية تسببها أمواج ضوئية فائقة الطاقة منبعثة من نجم المجموعة، في تفاعل يشبه إلى حد كبير طريقة تشكّل طبقة الأوزون حول كوكب الأرض.

وسيساهم تعديل هذه النماذج في رصد آثار الحياة وتحليلها، بما أن المنظار سينتقل لدراسة كواكب أخرى في المستقبل ومن المحتمل أن يعثر العلماء على إشارات تدل على وجود الحياة على كواكب أصغر حجماً من كوكب "WASP-39 b" حيث يقدّرمعدّل درجة الحرارة بحوالي 1900 درجة فهرنهايت أي حوالي 900 درجة مئوية، الأمر الذي يدفع العلماء إلى استبعاد احتمال وجود الحياة على سطحه.


رصد علماء فريق منظار جيمس ويب الفضائي عدداً من المكونات الأخرى للغلاف الجوي، منها الصوديوم والبوتاسيوم وبخار الماء، كما كان متوقعاً بحسب الدراسات السابقة، كما تحققوا من وجود للمرة الأولى ظواهر مائية أخرى رصدت بالموجات الأكثر طولاً.

 

 

كوكبي الزهرة والمريخ
وتعليقاً على ذلك قالت ياسمينة: "لقد تحققنا بالفعل من وجود ثاني أوكسيد الكربون بعد متابعة البيانات الأولية التي أشارت إلى ذلك. يتوفر ثاني أكسيد الكربون بكثرة في المجموعة الشمسية، وهو العنصر الأكثر وفرة في الغلاف الجوي لكوكبي الزهرة والمريخ اللذان يدوران مثل الأرض في مسارهما ضمن نطاق المنطقة القابلة للسكن حول الشمس. إن رصدنا لهذا العنصر يمثل سبقاً علمياً فهو يسمح لنا بتسخير منظار جيمس ويب الفضائي لدراسة الكواكب ضمن المنطقة القابلة للسكن حول مختلف النجوم وتحديد تلك الكواكب المناظرة للأرض".

مراحل تشكيل الكوكب 
يسمح تحديد مكونات الغلاف الجوي للكوكب للعلماء بتصوّر مراحل تشكيل هذا الكوكب وغيره من نفس النوع، وبفضل تحليلهم لهذه الجزيئات المختلفة، يستنتج العلماء أن الكوكب "WASP-39 b" قد تشكّل بعيداً عن نجم المجموعة في البداية، قبل تعرضه لمجموعة من الاصطدامات وعمليات الدمج ليصبح الكوكب الضخم الذي يدرسونه اليوم.


وفي رأي ياسمينة: "لقد أثبتت هذه الاكتشافات التي نتجت عن دراسة كوكب واحد كفاءة أجهزة منظار جيمس ويب الفضائي التي فاقت توقعات العلماء، فقد مهّدت الطريق لمزيد من الدراسات لاستكشاف عدد هائل من الكواكب الخارجية في المجرة بأكملها".