رحلت الملكة إليزابيث الثانية.. خبر صدم العالم رغم علم الجميع بأنها عاشت طويلاً، وتجاوزت فترة حكمها السبعة عقود؛ لكونها ملكةً كاريزميةً للغاية، تركت إرثاً لا يُمحى، وزارها الموت وهي محاطة بجميع أفراد أسرتها يوم 8 سبتمبر الماضي، عن عمر يناهز الـ96 عاماً، بمقر إقامتها في قصر بالمورال باسكتلندا، وفقاً لما أعلنه البيت الملكي البريطاني.

كانت «الملكة الأم» الرمز العالمي لما يمثله البيت الملكي الأوروبي، وأوضح دليل على أن بقاء المؤسسة الملكية يعتمد، دائماً، على شخصية من يحمل التاج. فكانت إليزابيث الثانية مزيجاً مثالياً من التقليدية، والحداثة، والغموض، والطقوس، فضلاً عن حياد دستوري دقيق، نال احترام 15 رئيساً للوزراء - من حزب المحافظين، والعمال - حكموا باسمها. 

لم تكن إليزابيث الثانية حاكمة قصر باكنغهام فقط، أو والدة الأمير تشارلز (الملك تشارلز الثالث)، أو جدة الأحفاد المثيرين للجدل، لكنها أيضاً تمثل سلطة عقود من الاعتدال والحكمة والإحساس بالواجب، والأناقة والرقي والتقاليد؛ لتكون جزءاً لا غنى عنه من «المشهد الطبيعي»، الذي لم يكن أي بريطاني أو زائر للدولة على استعداد للاستغناء عنه، وظلت شعبية إليزابيث الثانية قوية حتى نهاية ما يعرفه المؤرخون بالفعل بأنه «العصر الإليزابيثي الثاني».

صعدت «إليزابيث» إلى العرش في فبراير عام 1952، في سن الخامسة والعشرين، وهي صغيرة جداً، وعندما أدلت بأول خطاب لها كملكة، أقسمت على الولاء للعرش والناس، ووعدت بأنها ستبذل قصارى جهدها، سواء كان ذلك لفترة قصيرة أو طويلة. وقد كانت أطول فترة حكم في العالم، حيث شهدت إليزابيث الثانية الحروب والصراعات، والنهوض والسقوط، وفترات الأزمات والسلام، وتعاقباً طويلاً من الحكام، في المملكة المتحدة، وحول العالم. كما رافقت التغيرات الثقافية والعادات بأخلاق وحكمة تحسد عليهما. وحظيت بالتبجيل والحب في جميع أنحاء العالم، وعلى نطاق واسع كرمز للاستقرار؛ لأنها شكلت أهمية لدورها النموذجي المتوافق مع جميع البروتوكولات الملازمة لمنصبها كملكة، والذي شغلته لمدة 70 عاماً و214 يوماً، لقد شهدت كيف تم صنع التاريخ، وكانت جزءاً منه. 

زواجها.. وعائلتها

عام 1947، تزوجت إليزابيث أمير اليونان والدنمارك فيليب، الذي أصبح يعرف - بعد الزواج - باسم دوق إدنبره، كانا متزوجين لما يزيد قليلاً على 73 عاماً، حتى وفاته العام الماضي، ما يجعله الزواج الأطول في تاريخ المملكة المتحدة، ولديهما 4 أبناء، و8 أحفاد، و9 أبناء الأحفاد، كانت آخرهم «ليليبت ديانا»، ابنة الأمير هاري وميغان ماركل.

رمز.. وسيادة

في 5 فبراير الماضي، احتفلت الملكة الراحلة إليزابيث الثانية بمرور 7 عاماً على الحكم (اليوبيل البلاتيني)، وحتى لحظة وفاتها، أصبحت رمزاً ومثالاً لكيفية الحفاظ على المؤسسة الملكية في الأوقات التي شهدت العديد من التغيرات. ومن تتويجها إلى آخرة لحظات حياتها، لم تكن الملكة هي صاحبة السيادة على المملكة المتحدة فحسب، بل امتدت فترة حكمها إلى ولايات أخرى، يقول الكثيرون عنها إنها لن تتكرر، رغم كونها رمزية، فشكلها البسيط أحدث فرقاً في العالم؛ إذ إنها لم تشارك - بشكل مباشر - في سياسات المملكة المتحدة: (إنجلترا، اسكتلندا، ويلز، وأيرلندا الشمالية)، والدول الـ14 الأخرى، التي شغلت فيها منصب الملكة، لكنها كانت مرتبطة بها ارتباطاً وثيقاً، عندما يتعلق الأمر بالأنشطة الثقافية أو الرمزية، التي تشكل جزءاً من هذه البلدان.

ملهمة الأناقة

لم تكن الملكة إليزابيث الثانية الأطول عمراً في تاريخ المملكة المتحدة فحسب؛ بل تعتبر رمزاً للأناقة بالنسبة للكثيرات، وكانت أيضاً من الملوك الذين يتمتعون بأكبر ثروة من المجوهرات والتيجان الثمينة الشهيرة، التي يقارب عددها الـ50  تاجاً. وعند ذكرها، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هو تنانيرها الراقية، وأزياؤها مع أطقم المعاطف، وقبعاتها، وقفازاتها، ودبابيس شعرها الأيقونية، وثمنها الغالي، وأيضاً الجواهر والحقائب الملكية، التي تليق بارتدائها في أي مناسبة؛ وقد تمكنت من فرض أسلوب مثالي خالد، أحدثت به ثورة في كسر جميع قواعد الموضة. لهذا ليس من المستغرب رؤيتها في معظم الأوقات بملابس متشابهة، لا تغير فيها سوى اللون الذي يمكن أن يراوح بين درجات الألوان الداكنة والأكثر إضاءة، مثل: الوردي، والأخضر النيون، بالإضافة إلى الأزرق، فقد كان ارتداء الألوان الزاهية إحدى سماتها الخاصة، رغم أنها كانت تحب ألوان الباستيل أيضاً. بالطبع، تم اختيار كل لون - إلى حد الكمال - باتباع بروتوكول صارم.

مصممون عالميون كثيرون وصفوا الملكة الراحلة بأنها «مصدر إلهام، وتملأ أخبار القبعات والبدلات والمجوهرات الخاصة بها صفحات مجلات الأزياء والموضة. أما بالنسبة لملابسها وتصميمها، فقد كانت الملكة دائماً مرجعاً لها. وتم التعليق على تصاميمها في وسائل الإعلام، وكانت موضوع نقاش بين الوسط الاجتماعي. وأكثر إكسسواراتها تميزاً قبعاتها، التي يُقال إنها صممتها بنفسها، وكان من الشائع أنها - خلال جولاتها العالمية - كانت ترتدي دائماً السراويل والتنانير والفساتين وبعض الملابس، وفقاً لمناخ المكان الذي كانت تزوره.

محطات‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الملكة

 

100‭ ‬دولة

•‭ ‬شاركت‭ ‬الملكة‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬21‭ ‬ألف‭ ‬مناسبة‭ ‬رسمية،‭ ‬أثناء‭ ‬زياراتها‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬دولة،‭ ‬كملكة‭ ‬لبريطانيا‭.‬

•‭ ‬خلال‭ ‬سبعة‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬توليها‭ ‬العرش،‭ ‬عاصرت‭ ‬الملكة‭ ‬إليزابيث‭ ‬الثانية‭ ‬15‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬بريطانياً،‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬ونستون‭ ‬تشرشل،‭ ‬إلى‭ ‬مارغريت‭ ‬تاتشر،‭ ‬وبوريس‭ ‬جونسون،‭ ‬وأخيراً‭ ‬ليز‭ ‬تروس‭.  ‬