يعتبر فصل الشتاء من أكثر الفصول التي يتعرض فيها الأفراد للإصابة بالفيروسات المعدية، خصوصاً الإنفلونزا التي تهاجم الجهاز المناعي، ويزيد انتشارها مع انخفاض درجات الحرارة وتقلبات الطقس، ما يساعد على انتقالها وانتشار العدوى بين الأفراد بكل سهولة، ويتأثر بأعراضها جميع أفراد العائلة بلا استثناء، لاسيما كبار السن والأطفال الذين تظهر عليهم أعراض قوية، وقد تتسبب في حدوث مضاعفات شديدة. 

الدكتورة ديما إبراهيم، أخصائية الأمراض المعدية في مدينة برجيل الطبية بأبوظبي، توضح لـ"زهرة الخليج"، أهم الفيروسات التي تنتشر في فصل الشتاء، والأعراض التي يجب التنبه لها، وسبل العلاج وكيفية تقوية المناعة الطبيعية للتصدي لهذه الفيروسات.

  • د. ديما إبراهيم

أكثر الفيروسات انتشاراً

تعدد أخصائية الأمراض المعدية أكثر الفيروسات التي تنتشر خاصة في فصل الشتاء، وهي: الإنتروفايروس، والراينوفايروس وغيرهما مثل: الإدينوفايروس والإنفلونزا، فيما توجد أعراض مبكرة تنبهنا إلى أن الجهاز التنفسي مصاب بأحد فيروسات الشتاء، ما يتطلب العلاج السريع لضمان عدم تفاقم الأعراض. وتتمثل الأعراض في سيلان الأنف وألم الحنجرة والصداع وآلام الجسم، وأحياناً تتطور الأعراض إلى خطيرة كضيق التنفس وألم الصدر، وقد تصل حدتها إلى التقيؤ والإسهال. وفي بعض الحالات، تكون طفيفة، وفي أخرى تكون متقدمة وتسبب التهاباً في الرئتين ودخول المستشفى، وأحياناً الرعاية المركزة لبعض الفئات العمرية الكبيرة.

أشخاص أكثر عرضة للعدوى

وعن توعية الأشخاص الأكثر عرضة للعدوى تقول الدكتورة ديما إن التوعية بأمراض فصل الشتاء يجب أن تركز أيضاً بشكل كبير على الأطفال كونهم أكثر اختلاطاً بأقرانهم في المدرسة، ولأن جهازهم المناعي مازال في مرحلة النمو، إضافة لكبار السن الذين يكون جهازهم المناعي غير قوي، ويلتقطون العدوى بشكل سريع وهم أكثر عرضة للمضاعفات كحال مرضى نقص الجهاز المناعي ومرضى الربو ومرضى السرطان والمرضى المتلقين للأعضاء، الذين لديهم نقص حاد بالمناعة.

ثقافة الوقاية

تقول الدكتورة ديما إنه يجب غرس ثقافة الوقاية بين الأطفال، مشيرة إلى أنه ينبغي أن نقوم بإرشاد الناس إلى بعض الأمور المهمة للوقاية من المرض، ومنها: تغطية الفم أو الأنف بالمناديل عند العطس أو السعال وغسل اليدين، والأهم من كل ذلك يجب عدم إرسال الأطفال للمدرسة في حال إصابتهم بأمراض الجهاز التنفسي وفيروسات الشتاء الموسمية، فقد يكون أحد زملائهم مصاباً بمرض مناعي خطير أو الربو، وذلك سيساهم في تفاقم حالته. لذلك من الضروري جداً الالتزام بأخذ اللقاحات في هذا الوقت، خصوصاً لقاح الإنفلونزا الموسمية الذي يقلل خطورة الأعراض بشكل كبير.

معلومات مغلوطة شائعة.. وتصحيحها

توضح الدكتورة ديما أنه بسبب الخوف وانتشار الأمراض في فصل الشتاء، يتم تداول شائعات ومعلومات مغلوطة بين أفراد المجتمع، ومن إحدى أكثر الشائعات انتشاراً هي أن التعرض لأجهزة التكييف يؤدي إلى الإصابة بالإنفلونزا، وهذا، وفق أخصائية الأمراض المعدية، غير صحيح، لأن ما يسبب الإنفلونزا هو عدوى فيروسية. وتتابع الدكتورة ديما إن هناك اعتقاداً خاطئاً يفيد بترك الأطفال يكتسبون مناعة ضد العدوى، من خلال ترك الأصحاء منهم يخالطون الأطفال المرضى، وهو ما يعرف بمناعة القطيع، وهذا بالطبع أمر غير صحيح، لأنه من خلال ذلك قد يلتقط العدوى أحد الأطفال من ذوي المناعة القليلة أو من أصحاب الأمراض المزمنة، وهنا قد يصاب بمضاعفات شديدة. أما التصرف الصحيح بحسب الدكتورة ديما، هو عزل الطفل المريض عن غيره عند الإصابة بأي عدوى.

وتتابع قائلة: "من ضمن الشائعات، أيضاً، عزوف الكثيرين عن التطعيم بحجة أن اللقاح يضع الفيروسات في الجسم، وهو أمر خاطئ بالطبع، لأن الأبحاث والتجارب أثبتت أن اللقاحات هي الحل الأمثل للوقاية من الأمراض. فهي لا تحمي من الإصابة بالفيروس بشكل مطلق، لكنها تقلل مدة وجود الأعراض، وتحمي من تطور الحالة ودخول العناية المركزة والمخاطر الصحية الكبرى. نقول إن لقاح الإنفلونزا يجدد سنوياً ويمكن الحصول علية من عمر 6 أشهر وحتى 80 عاماً، فهو آمن، ومن الضروري أن تحصل عليه الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالالتهابات الحادة في الرئة، فنحن نحمي أنفسنا وأفراد المجتمع".

الفرق بين الفيروسات و"كوفيد-19"

وعن كيفية معرفة الفرق بين الإصابة بـ"كوفيد-19"، والإنفلونزا توضح الدكتورة ديما، قائلة: "للأسف إن الأعراض التي تصيب الأفراد تتشابه إلى حدٍ كبير بين (كوفيد-19) والإنفلونزا أو غيرها من الفيروسات، لأن جميعها تصيب الجهاز التنفسي العلوي، لذلك إن الفحص وأخذ المسحة يبين نوع الفيروس الذي تسبب في الإصابة، وهو الحل الأمثل الذي يساعدنا في التفريق بين الإصابات، وبالتالي كيفية العلاج والأدوية المناسبة".

المضاد الحيوي

"هل المضادات الحيوية تعد العلاج الأمثل للفيروسات؟".. عن هذا السؤال تجيب الدكتورة ديما، مؤكدة أن غالبية الالتهابات التي تحدث في فصل الشتاء يكون سببها الفيروسات كفيروس الإنفلونزا A-B، ولا يكون علاجها بالمضاد الحيوي، لأن المضاد الحيوي يقضي على البكتيريا فقط. وتبيّن أنه نتيجة الاستخدام العشوائي، أصبح المضاد الحيوي غير قادر على علاج بعض أنواع البكتيريا القوية التي تطور من نفسها، لذلك يجب ترك الطبيب يقرر أي دواء يستخدم، وإن كان هناك ضرورة لاستخدام المضادات الحيوية من عدمها.

إقرأ أيضاً:  سبب غريب وراء زيادة الوزن شتاءً
 

ولتقوية المناعة الطبيعية، تنصح أخصائية الأمراض المعدية، الدكتورة ديما إبراهيم، بضرورة تناول حصص غذائية متنوعة ومتوازنة تحتوي على نسبة كبيرة من الفيتامينات، وجميع الأغذية التي تحتوي بكثرة على فيتامين (سي) كالليمون، وشرب السوائل الكافية للوقاية من الجفاف في حال أصيب الجسم بالمرض. فالجسم، بحسب الإخصائية، لا يحتاج الماء في فصل الصيف كما هو شائع فحسب، وإنما أيضاً في فصل الشتاء، كذلك، يعتبر النوم المنتظم والكافي ضروري للجسم لأنه يساعد على تقوية المناعة الطبيعية.