لا عجب أن يصنف أرخبيل «بالاوان» الفلبيني كأجمل جزيرة في العالم، بشهادة أفضل القيّمين على السفر، ولسنوات عدة حتى الآن؛ فهي موطن المياه الزبرجدية الصافية، ومنحدرات الحجر الجيري، ومواقع الغوص الرائعة، والمساحات الشاسعة، من الشعاب المرجانية والغابات البكر، كما أن مناظرها الدرامية على مستوى سطح البحر تخطف الأنفاس، ولدى «بالاوان» الكثير لتقدمه؛ إذ تهدي زوارها مغامرات استوائية فريدة من نوعها، وآفاقاً مدهشة، بما في ذلك الأنشطة المائية الممتعة، من الغطس إلى التنقل بين الجزر والكهوف. ولايزال السفر إلى هذه الجزيرة تجربة لا تنسى، حيث يمكنك قضاء لياليك في النوم بأكواخ الشاطئ، وأيامك في ركوب قوارب الصيد في رحلات إلى الشواطئ الذهبية، والتخييم تحت النجوم في جزر نائية.

تقع جزيرة بالاوان على بحر الصين الجنوبي، وبحر سولو، وتعد خامس أكبر جزيرة في الفلبين، وهي أيضاً أكبر مقاطعة في البلاد، حيث تضم 1768 جزيرة صغيرة، تحيط بها الشعاب المرجانية. ويفسر المناخ الاستوائي، والعزلة، الثراء البيولوجي الاستثنائي لهذه المنطقة من الكوكب. وتمتلك «بالاوان» قطعاً أثرية، يعود تاريخها إلى 50 ألف عام، وتوصف بأنها «الحدود الأخيرة» للفلبين، لكنها لم تعد كذلك؛ فقد أصبحت وجهة سفر عالمية؛ بفضل مزيجها الرائع من المناظر البحرية الرائعة، والغابات المطيرة البكر، والمنتجعات ذات المستوى العالمي. وقد باتت، في السنوات الأخيرة، المنطقة الأكثر زيارة في الفلبين من قبل السياح، وأفضل وقت لزيارة جزيرة بالاوان من نوفمبر إلى أبريل.

تراث عالمي

لا تفتخر «بالاوان» بموقع واحد فقط، بل بموقعين من مواقع التراث العالمي لـ«اليونيسكو»، فهي كنز دفين للحياة البرية والتنوع البيولوجي، ويرحب بك سكانها المحليون الودودون اللطفاء، بين مناظرها البحرية والجبلية المدهشة، لاسيما أنها الجزيرة التي ألهمت الكاتب الإنجليزي أليكس جارلان رواية «الشاطئ»، التي تم تحويلها لاحقاً إلى فيلم.

رحلة نهرية

أفضل طريقة لبدء مغامرة في «بالاوان» تبدأ من متنزه «بويرتو برينسيسا» الجوفي الوطني (المعروف باسم النهر تحت الأرض)، في سلسلة جبال «سانت بول» على الساحل الغربي للجزيرة الرئيسية، على بعد حوالي 80 كم، من وسط مدينة «بويرتو برنسيسا»، حيث يمكنك التجديف بالقارب في طريقك عبر هذا النهر الجوفي، الذي تمت تسميته كموقع للتراث العالمي لـ«اليونيسكو»، وتم تضمينه أيضاً كإحدى عجائب الدنيا الطبيعية.

قد يرغب المسافرون، الأكثر ميلاً إلى المغامرة، في رحلة نهرية إلى «أوغونغ روك»، من خلال ثقوبها وشقوقها؛ للوصول إلى قمة هذا التكوين الحجري الجيري، الذي يبلغ ارتفاعه 75 قدماً، والمرتفع فوق البحر. قبالة مدينة «كورون»، في جزيرة «بوسوانجا»، توجد شعاب «كورون»، وهي منحدرات الحجر الجيري القديمة، التي تحتضن سبع بحيرات بهدوء، والتي يمكن زيارتها؛ إذ لا تعج الشعاب المرجانية بالحياة البرية المائية المذهلة بها فحسب، بل توفر أيضاً مواقع غوص مثيرة، بين حطام عشرات السفن اليابانية، التي خلفتها الحرب العالمية الثانية تحت الماء، والتي اختارتها مجلة «فوربس ترافيلر» كواحد من أفضل 10 مواقع للغوص في العالم.

جوهرة الجزيرة

أما «بانجكا»، القارب الفلبيني التقليدي، فهو جوهرة «بالاوان»، حيث يمكن - عَبْرَه - التنقل بين الجزر المختلفة، وزيارة أرخبيل «باكويت» المذهل، المليء ببحيرات المياه العذبة، والشواطئ المخفية، والخلجان الصغيرة، التي يصعب الوصول إليها. كذلك، تقدم جزر «إل نيدو» النقية - كل واحدة منها تخطف الأنفاس أكثر من الأخرى - أنشطة مائية مختلفة، مثل: جولات التنقل في جزيرة «إل نيدو»، والغطس، والتجديف بالكاياك، والتجديف بالوقوف، وغيرها.

تفتخر «بالاوان»، كذلك، بأنها موطن للمحميات الطبيعية على اليابسة والبحر، حيث توجد الدلافين في الخارج مباشرةً، والحدائق البحرية من «البطلينوس» العملاق، والسلاحف البحرية، التي تعشش على الشواطئ ذات الرمال البيضاء، و600 نوع من الفراشات، وغابات النخيل المورقة.

ويمكن للزائر الاستمتاع بالتنقل بين الجزر، والسباحة، والمشي لمسافات طويلة، واكتشاف الكهوف، والتخييم في الهواء الطلق، وكذلك الذهاب للصيد، أو جمع الصدف في المياه الضحلة، أو حصد الأعشاب البحرية، وأكلها أيضاً. ويمكن مشاهدة السكان المحليين، وهم يتجولون في المنحدرات التي تضربها المياه، لجمع بيض الطيور اللذيذ.

مأكولات  بحرية

المأكولات البحرية الطازجة، بالطبع، هي ثقافة الطعام السائدة في جزيرة «بالاوان». وأيضاً اللحوم المشوية، والشوربات الغنية بالخضروات، والفواكه الطازجة، حيث يمكن الاستمتاع بالبحث عن ألذ فطيرة جوز الهند في «بويرتو برنسيسا». الأمر الذي دعا عدداً من الطهاة الأوروبيين إلى البقاء في جميع أنحاء «بالاوان»، لاسيما في «إل نيدو»، و«كورون»، و«بورت بارتون»، و«بويرتو برنسيسا»، ما يجعل مقاطعة الجزيرة وجهة مغامرات طهي أيضاً.

وإذا كنت تتوق إلى مغامرة طعام؛ فجرب - إذن - لحم تمساح «بالاوان»؛ فهذا الطبق غريب ومثير للدهشة، وطعمه يشبه طعم الدجاج، لكن بنكهة خفيفة، وقوام صلب. إنها بالتأكيد محاولة للبحث عن خيار صحي من البروتين العالي، وتركيبة قليلة الدسم.

جرِّب، أيضاً، «هالو هالو»، وهو نسخة فلبينية منعشة من اللبن المخفوق، مع فاكهة محفوظة وحلوة، وحليب مبخر ومثلج، مطحون ومغطى بالآيس كريم.

طريقة الوصول

يمكن الوصول إلى جزيرة بالاوان بالقارب والطائرة، وتستغرق الرحلة حوالي ساعة ونصف الساعة بالطائرة من العاصمة الفلبينية مانيلا، ويمكن للمسافرين، أيضاً، الوصول إلى هناك من إيلويلو وسيبو، وفي الجزيرة يمكنك ركوب سيارات الأجرة، والسيارات الجيب، والحافلات، والشاحنات الصغيرة للذهاب إلى معظم الوجهات.