لطالما ارتبطت المسيرة المهنية لسعادة الدكتورة نوال الحوسني، المندوب الدائم لدولة الإمارات في الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا)، بالتركيز على البيئة، ودراسة آثار تغير المناخ في كوكب الأرض، وتحسين وضع الكوكب الذي يواجه تحديات إنمائية مستمرة. لم تضع الحوسني نفسها - في النقاش العالمي حول الاستدامة - كشخصية وبصمة إماراتية فحسب، بل أيضاً كصوت رائد، يمتلك الأفكار والقيادة لحلها، في سبيل عالم ينعم بالسلام والازدهار والتنمية.. في حوارنا معها، طفنا مع رحلتها الناجحة في مجالها، وجوانب من تجربتها الشخصية، وألقينا بالضوء على جهود الإمارات في موضوع الاستدامة:

• تنقلت في العمل بين إدارات مختلفة، ما المحطة التي أضافت إليك وأضفت إليها، ولماذا؟

- كل محطة لها ميزة معينة، وفيها نجاحات نستمد منها القوة والإرادة؛ لمواصلة مسارنا، والتقدم نحو تحقيق ذاتنا، والمساهمة في مجتمعنا وعالمنا. وفي دولة الإمارات، يحظى الفرد بالتمكين في مختلف مراحل النمو، والتحصيل الدراسي والأكاديمي، وتطوير الذات، والاستفادة من فرص النمو والابتكار والتطور. محطة عملي الحالية تعبّر كثيراً عن طموحاتي وتطلعاتي، كإماراتية مهتمة بمستقبل مشرق لدولتنا ومنطقتنا وكوكبنا. ومهامي في موقع المندوب الدائم للدولة لدى الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا)، منذ أبريل 2018، هي في الوقت نفسه شغفي وتخصصي وميدان أبحاثي، التي حصلت منها على شهادة الدكتوراه.

  • د. نوال الحوسني

• ما أهم الإنجازات في حياتك؟

- أهم إنجازاتي في الحياة، باعتقادي، هي التي لم تحصل بَعْدُ. هذه الاستمرارية في الأهداف، وتحويلها إلى إنجازات، ثقافة راسخة في دولة الإمارات، ومجتمعها وأفرادها ومؤسساتها، برؤية الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وبدعم غير محدود من القيادة الرشيدة للدولة. وأعتز بتمثيل قيم دولة الإمارات ومجتمعها الداعم للاستدامة، من خلال عضويتي في اللجنة الاستشارية لمبادرة التغيير، التابعة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، ومجلس إدارة مبادرة الطاقة المستدامة للجميع.

• كإماراتية.. كيف تصفين بصمتك في مجالك، وبصفتك المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى «آيرينا»؟

- إن دعم سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية (أم الإمارات) للمرأة، مكنها من التميّز والتقدم والإبداع في كل القطاعات. بالنسبة لي، ما حققته في مجالات الاستدامة ودبلوماسيتها لا يمثّل إنجازاً شخصياً، بقدر ما هو حصيلة الدعم المتكامل، الذي تحظى به المرأة الإماراتية في مجتمعنا بالميادين كافة. وأنا أعتز بأن أمثّل الإمارات والمرأة الإماراتية؛ لتقديم رسالتها في دعم التنمية المستدامة بالمحافل والفعاليات العالمية، من أجل عالم أفضل، انطلاقاً من شعار «لا مستحيل في دولة الإمارات».

إقرأ أيضاً:  عبير البريكي: العزلة ترتب أفكاري
 

• ما الذي يلزم عمله؛ لتشجيع ودعم مشاركة المرأة في القضايا البيئية، وقضايا الطاقة؟

- هناك فرص لمزيد من مشاركة المرأة في قطاع الطاقة؛ لتعزيز حضورها وفرصها وموقعها فيه، ورفع النسبة الحالية لها ضمنه؛ والتي تقارب حالياً الربع في قطاع الطاقة بشكل عام، والثلث في قطاع الطاقة المتجددة؛ لأن إشراك المرأة يفيد القطاع بالكثير من الفرص والإمكانات. ومن المهم، أيضاً، تعزيز دور المرأة في دبلوماسية المناخ؛ لتفعيل طاقاتها الكامنة في الحلول المناخية، خاصة في مجال الطاقة المتجددة، وهذا ما بحثناه هنا بأبوظبي في فعالية «المرأة في الدبلوماسية»، التي عقدناها مؤخراً على هامش الاجتماع الرابع والعشرين لمجلس الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا).

• ما توقعاتك لمستقبل المرأة في مجال الطاقة عامة؟

- أرقامنا في الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا)، التي تتخذ من دولة الإمارات مقراً دائماً، تخبرنا بأن قطاع الطاقة المستدامة سيوفر 42 مليون وظيفة عالمياً، من أصل 100 مليون فرصة في قطاع الطاقة بشكل عام بحلول عام 2050. وهذا يعني فرصاً واعدة للمرأة في قطاع الطاقة، وتخصصاته المتنوعة، التي تشكل محرّك التنمية في مجتمعات المستقبل. كما نرى، اليوم، صعود قطاع الطاقة الشمسية الكهروضوئية؛ ليصبح الأكثر توظيفاً في قطاع الطاقة المتجددة، بتوفيره 4.3 ملايين وظيفة، من أصل 14 مليون فرصة وظيفية، يوفرها القطاع حالياً. والمستقبل أمام المرأة الإماراتية؛ للمشاركة في تطوير مسارات تنمية مستدامة شاملة، تحقق الصدارة في المؤشرات العالمية للاستدامة، وأمن الطاقة.

• ما ملامح استراتيجية الإمارات؛ لمكافحة التغير المناخي السالب؟

- تفسح مبادرة الحياد المناخي لعام 2050، في دولة الإمارات، المجال لمختلف القطاعات؛ للمشاركة في تحقيق مستهدفاتها الطموحة، والقيام بدور مؤثر للوصول إلى أهداف التنمية المستدامة، وتحقيق اقتصاد مرن ومتنوع ومستدام، قائم على المعرفة والابتكار والتكنولوجيا؛ لتحقيق النمو المتوازن الذي يحافظ على الموارد، ويحقق أمن الطاقة، ويرشّد الاستهلاك، ويحمي الكوكب. وتمتلك الدولة مجموعة استراتيجيات نوعية شاملة، ستسهم معاً في الوصول إلى أهداف مبادرة الحياد المناخي بحلول عام 2050، بما في ذلك: الخطة الوطنية للتغير المناخي 2017-2050، واستراتيجية الإمارات للطاقة 2050، والبرنامج الوطني لإدارة الطلب على الطاقة والمياه، والسياسة العامة لبيئة دولة الإمارات، وسياسة الاقتصاد الدائري.

• ما مظاهر خطط الاستدامة في الحياة العامة الإماراتية إزاء قضايا التغير المناخي؟

- التركيز على خفض الانبعاثات أولوية في دولة الإمارات، منذ أيام المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي وجه بإيقاف عمليات حرق الغاز، وأرسى أسس الاستدامة. وقد رفعت دولة الإمارات - قبل عامين من الآن، وضمن المساهمات المحددة وطنياً الخاصة بها - مستهدفات العمل المناخي؛ لخفض الانبعاثات بنسبة جديدة أعلى هي 23.5% بحلول 2030، فهي تطبق سياسات استدامة طموحة تشرك الجميع، أفراداً ومؤسسات، وتحفّز تحولات إيجابية في الحياة العامة ومفرداتها اليومية؛ لدعم العمل المناخي العالمي، كما في تطبيق قرارات حظر الأكياس البلاستيكية المستعملة لمرة واحدة مثلاً.

• إلى أي مدى وصل وعي المواطن الإماراتي حيال مشاكل التغير المناخي؟

- وعي المواطن الإماراتي بتحدي التغيّر المناخي وقضاياه يتماهى، تماماً، مع رؤية قيادة الدولة التي تستضيف المقر الدائم للوكالة الدولية للطاقة المتجددة في العاصمة أبوظبي منذ عام 2009، وتخصص وزارة مستقلة للتغيّر المناخي والبيئة. وكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في كلمته التي ألقاها بالقمة العالمية للمناخ (كوب 27): إن مستقبل أولادنا، وأحفادنا، يعتمد على الخطوات التي نتخذها اليوم.

• كيف تقيمين مسيرة الإمارات في مجالات الاستدامة، وهي في محطة الاحتفال بعيد الاتحاد الـ51؟

- عشية احتفالاتها بعيد الاتحاد الـ51، لدولة الإمارات أن تفتخر بما أنجزته في مجالات الاستدامة محلياً وإقليمياً ودولياً، وما تتمتع به من احترام وتقدير من مختلف المنظمات العالمية المعنية بهذا القطاع، ومن دول العالم، حيث تم اختيارها لاستضافة قمة المناخ العالمية المقبلة (كوب 28) العام القادم. والدولة ستواصل - كما أكّد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في مؤتمر المناخ (كوب27) - دعم التمثيل المناسب للمرأة، وإشراك الشباب، وحفز وتوظيف طاقاتهم؛ لإيجاد حلول مستدامة. وعلى المستوى العالمي أيضاً، استثمرت دولة الإمارات أكثر من 50 مليار دولار بمشاريع الطاقة المتجددة في 70 بلداً.