إذا علمت مؤخراً أن طفلك مصاب باضطراب طيف التوحد، فربما تتساءلين وتقلقين بشأن ما سيحدث بعد ذلك، إذ لا أحد من الوالدين مستعد على الإطلاق سماع أن طفله ليس سليماً أو غير سعيد، ويمكن لتشخيص اضطراب طيف التوحد أن يثير مخاوف الأهل بشكل خاص.

قد تكونين غير متأكدة بشأن أفضل طريقة لمساعدة طفلك، أو تشعرين بالارتباك بسبب نصائح العلاج المتضاربة، أو ربما تم إخبارك أن اضطراب طيف التوحد هو حالة غير قابلة للشفاء وتدوم مدى الحياة، مما يجعلك تشعرين بالقلق من أن لا شيء تفعلينه سيحدث فرق. في هذا الدليل نكشف لك كل ما تحتاجين معرفته عن اضطراب طيف التوحد، وكيفية التعامل مع ابن مصاب به، تابعي معنا.

نظرة عامة على التوحد

  التوحد (أو اضطراب طيف التوحد) هو إعاقة في النمو، يواجه الأطفال فيه تحديات في 3 مجالات: مهارات الاتصال ومهارات التفاعل الاجتماعي والسلوك التقييدي/المتكرر.

ثمة مروحة واسعة من القدرات لدى الأفراد المصابين بالتوحد، يحتاج بعض الأطفال إلى مزيد من الدعم والبعض الآخر يحتاج إلى دعم أقل في مجالات التنمية المختلفة، على سبيل المثال: قد يكون بعض الأطفال غير لفظيين، بينما يتحدث أطفال آخرون، لكن لا يستخدمون لغتهم للتواصل اجتماعياً.

قد يعاني بعض الأطفال من إعاقة معرفية، بينما يمتلك البعض الآخر مهارات متقدمة في المجال الإدراكي، هناك مقولة تقول: "عندما تعرف شخصاً مصاباً بالتوحد، فأنت تعرف شخصاً مميزاً"، هذا صحيح جداً، يتمتع كل طفل مصاب بالتوحد بمجموعة فريدة من الخصائص ونقاط القوة والتحديات.

أعراض التوحد

فيما يلي بعض الأعراض الموجودة لدى الأطفال الصغار المصابين بالتوحد:

  · تجنب ملامسة العين  أو الاتصال البصري العابر

  · لا يستجيب لابتسامة  الوالدين أو تعابير الوجه الأخرى

  · لا ينظر إلى الأشياء  أو الأحداث التي ينظر إليها أحد الوالدين أو يشير إليها

  · لا يشير إلى الأشياء  أو الأحداث لجعل أحد الوالدين ينظر إليها

  · لا يجلب الأشياء  ذات الاهتمام الشخصي لعرضها على أحد الوالدين

  · صعوبة في استخدام  تعابير الوجه

  · صعوبة فهم مشاعر  الآخرين

  · غير قادر على تكوين  صداقات أو غير مهتم بتكوين صداقات

  · يحب الروتين والنظام  والطقوس

  · يعاني صعوبة  التغيير أو الانتقال من نشاط إلى آخر

  أنماط السلوك

  هناك مجموعة من مشاكل أنماط السلوك المحدود أو المتكرر لدى الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد، بما في ذلك العلامات التالية:

  · الحركات المتكررة  بنفس الأسلوب في كل مرة، سواء الدوران أو الإشارة باليد

  · القيام بإجراءات  محددة بشكل مستمر، ويرفض أي تغيير عليها

  · القيام بأنشطة  قد تكون مؤذية من دون الاستجابة لمحاولات الوالدين في التوقف عنها

  · مشاكل في أنماط  الحركة على سبيل المثال: السير على أصابع القدمين، حركات غير متزنة، المبالغة في التحرك

  · الانبهار المبالغ  فيه بالأشياء.

  · الحساسية تجاه  الصوت والضوء واللمس

  · تفضيل نوعية واحدة  من الأطعمة وتجنب ملامسة غيرها

  متى تجب زيارة الطبيب

  عادة ما ينمو الأطفال بطريقة واحدة، حيث توجد علامات للاستجابة والبلوغ يوماً تلو الآخر، لكن الأطفال المصابين بطيف التوحد يظهرون علامات تأخر في النمو أو بعض الإشارات الغريبة التي تحث على سرعة زيارة الطبيب المختص، ومن هذه العلامات:

  · عدم الاستجابة  للأصوات عند بلوغ الشهر السادس

  · عدم الابتسام أو  التعبير بأي شكل عند بلوغ الشهر السادس

  · إصدار أصوات مختلفة  في الشهر الثاني عشر

  · عدم القيام بحركات  أو إشارات باليد عند بلوغ الشهر الرابع عشر

· عدم تجنب كلمات  متفرقة أو أحرف فقط مع بلوغ الشهر السادس عشر

  · فقد مهارات اللغة  أو التأثير بالمحيط به

  أسباب الإصابة بالتوحد

  حتى الآن لم يتم تحديد جين معين للتوحد، لكن الأبحاث تشير إلى أن التوحد يتطور من مجموعة من التأثيرات الجينية وغير الجينية أو البيئية، ويبدو أن وجود هذه التأثيرات تزيد من خطر إصابة الطفل بالتوحد.

من المهم أن تضعي في اعتبارك أن زيادة المخاطر ليست هي نفسها السبب، على سبيل المثال: يمكن العثور على بعض التغييرات الجينية المرتبطة بالتوحد لدى الأشخاص غير المصابين بهذا الاضطراب، وبالمثل لن يصاب كل من يتعرض  لعامل الخطر البيئي للتوحد بالاضطراب. 

تظهر الأبحاث أيضاً أن بعض التأثيرات البيئية قد تزيد أو تقلل من خطر التوحد لدى الأشخاص المعرضين وراثياً للاضطراب، والأهم من ذلك يبدو أن الزيادة أو النقص في المخاطر صغيرة بالنسبة لأي من عوامل الخطر هذه:

  · العمر المتقدم  لأحد الوالدين

  · مضاعفات الحمل  والولادة مثل الخداج الشديد، انخفاض الوزن عند الولادة، حالات الحمل المتعددة (توأم، ثلاثي)

  · تباعد فترات الحمل عن أقل من عام واحد

  هل توجد علاقة بين التحصينات والتوحد؟

لا تزال التحصينات التي يأخذها مصاب التوحد في فترة طفولته، مصدر جدل كبير حيال تسببها باضطراب طيف التوحد، على الرغم من أن الأبحاث تشير إلى أنه ليس هناك علاقة بين اضطراب التوحد والتحصينات الشائعة.

عوامل الخطر

تزداد بالفعل عوامل خطر الإصابة بإضطراب طيف التوحد لدى الأطفال، في حال كان لديهم:

التاريخ العائلي:

من أهم عوامل الخطر في الإصابة باضطراب طيف التوحد، هو وجود تاريخ عائلي مع المرض من نفس الاضطراب.

جنس الطفل:

عادة ما يكون الذكور أكثر عرضة للإصابة باضطراب طيف التوحد بحوالي 4 مرات من الإناث.

حالات مرضية معينة:

أحياناً تنتج الإصابة ببعض الحالات الطبية، من أبرزها: الإصابة بمتلازمة الصبغي Xالهش، وهو اضطراب موروث يُسبب مشاكل فكرية؛ والتصلب الحدبي وهو حالة تنمو فيها أورام حميدة الدماغ؛ ومتلازمة ريت وهي حالة وراثية تصيب الفتيات بشكل حصري وتُسبب تباطؤاً في نمو الرأس والإعاقة الذهنية واستخدام اليدين دون هدف.

الولادة مبكراً:

الأطفال المولودون قبل مرور 26 أسبوعاً على الحمل، يكونون أكثر عرضة للإصابة باضطراب طيف التوحد.

عمر الأبوين:

الأبوان الأكبر سناً، عرضة لإنجاب أطفال مصابين بطيف التوحد أكثر من غيرهم، لكن ليس هناك الكثير من الأبحاث التي تؤكد هذه النظرية حتى الآن.

الوقاية من التوحد

على الرغم من انتشار مرض اضطراب طيف التوحد، إلا أنه لا توجد وسيلة أو طرق لمنع الإصابة به حتى الآن، بينما هناك وسائل عديدة للعلاج، حيث يعد التشخيص المبكر مفيداً في تحسين سلوك الطفل ومهاراته.

هل هناك علاج؟

عندما يتعلق الأمر بخيارات علاج التوحد المبكرة، فهناك مجموعة متنوعة ومذهلة من العلاجات والأساليب، تركز بعض علاجات التوحد على الحد من السلوكيات الإشكالية وبناء مهارات الاتصال والمهارات الاجتماعية، بينما يتعامل البعض الآخر مع مشاكل التكامل الحسي والمهارات الحركية والقضايا العاطفية والحساسيات الغذائية.

تشمل علاجات التوحد الشائعة ما يلي:

  1.العلاج السلوكي

  العلاج السلوكي هو علاج شائع الاستخدام لاضطراب طيف التوحد ويهدف إلى تشجيع السلوكيات المرغوبة وتقليل السلوكيات غير المرغوب فيها، تتبع معظم علاجات السلوك التقنيات التي حددها تحليل السلوك التطبيقي التي تهدف لمساعدة  الطفل المصاب بالتوحد على فهم العلاقة بين السلوكيات والعواقب.

2.علاج النطق واللغة

  إذا كان طفلك يعاني صعوبات في التواصل، فيمكن أن يساعده علاج النطق واللغة على تحسين مهاراته اللفظية وغير اللفظية. لتحسين المهارات اللفظية، قد يوجه معالج النطق واللغة طفلك من خلال التمارين التي تتضمن وصف  المشاعر وتحديد العناصر والأشخاص.

تعمل التمارين الأخرى على تحسين إيقاع كلام الطفل وبنية الجملة والمفردات، على سبيل المثال: أثناء التمرين، قد يُطلب من طفلك التصفيق أثناء حديثه للفت الانتباه إلى عدد المقاطع اللفظية ووتيرتها.

3.العلاج الطبيعي والعلاج الوظيفي

يعاني بعض الأطفال المصابين بالتوحد من صعوبات في التحكم في الأفعال الجسدية، على سبيل المثال: قد يكون لديهم مشية غير عادية أو مشكلة في الكتابة اليدوية، يمكن أن يساعد العلاج الطبيعي في بناء المهارات الحركية  لطفلك، ويمكن أن يؤدي التركيز على الموقف والتنسيق والتوازن والتحكم في العضلات إلى تحسين الحياة الاجتماعية للطفل وإحساسه بالرفاهية.

4.العلاج الغذائي

 يعاني بعض الأطفال المصابين بالتوحد من مشاكل في الجهاز الهضمي بالإضافة إلى مشاكل كثافة العظام، علاوة على ذلك قد يُظهر بعض الأطفال نفوراً من نكهات أو قوام طعام معين، مثل طراوة الطماطم أو القوام المتكتل لدقيق الشوفان، لذلك قد يكون تلبية احتياجاتهم الغذائية أمرا صعباً.

 5    .علاج  السلوك المعرفي

  يمكن أن يساعد العلاج السلوكي المعرفي (CBT) الأطفال المصابين بالتوحد على فهم كيفية تأثير الأفكار في السلوك. يُظهر المعالج للطفل كيفية التعرف على المشاعر وإعادة تقييمها وتنظيمها، مثل القلق. هذا النوع من العلاج مفيد لتعليم الأطفال كيفية التعامل مع المواقف الاجتماعية الصعبة وغيرها من التحديات في الحياة.

مشاهير مصابون بالتوحد

هناك العديد من مشاهير العالم مصابين باضطراب طيف التوحد، الذي قيل إنه السبب في موهبتهم الفذة وعبقريتهم غير المسبوقة، على سبيل المثال:

  1.بيل غيتس

  عانى بيل غيتس متلازمة أسبرجر (متلازمة المشاهير) والتي جعلت منه طفلاً فضولياً وغريب الأطوار، وحتى في مرحلة شبابه لم يكن متزناً.

  2. فان غوغ

  أشهر رسامي العالم، الذي حفروا اسمهم في تاريخ البشرية الفني على المستوى العالمي، ورغم ذلك كان مصاب بمرض التوحد.

  3.إيلون ماسك

  كشف المهندس ورائد الأعمال التكنولوجية إيلون ماسك أثناء ظهوره في البرنامج الكوميدي الأميركي "ساترداي نايت لايف" عن إصابته بمتلازمة أسبرجر.

4    . أنتوني  هوبكنز

  أنتوني هوبكنز ممثل حائز على جوائز عديدة، تم تشخيصه بمتلازمة أسبرجر عندما كان طفلاً، تتضمن بعض سماته في اضطراب طيف التوحد؛ هوس التفكير، وصعوبة الحفاظ على الصداقات، والنظر إلى الأشخاص من منظور فريد.

  مشاهير لديهم أبناء مصابون بالتوحد

  هناك قائمة من أبناء المشاهير العرب والأجانب الذين يعانون اضطراب طيف التوحد، ومنهم:

  1. نور عمرو دياب

  كشفت الفنانة شيرين رضا، عن إصابة ابنتها نور عمرو دياب في أحد البرامج التليفزيونية، بمتلازمة أسبرجر، التي جعلت منها شخصية مميزة ومبدعة.

  2. سيرجيو سيلفستر ستالون

  كشف النجم العالمي سيلفستر ستالون عن إصابة نجله سيرجيو، باضطراب طيف التوحد عندما كان عمره 3 سنوات.

  3. جيت جون ترافولتا

  عانى جيت ابن الفنان العالمي جون ترافولتا اضطراب طيف التوحد، عند ولادته عام 1992، وتوفي في عام 2009 بعدما  أصيب بنوبة شديدة.

4    . آر جي نجل هولي روبينسون بيت

  اكتشف الفنانة هولي روبينسون بيت، إصابة نجلها الأكبر آر جي بالتوحد في عام 2000، وأصبحت من أكثر المشاهير الناشطين في مجال التوعية باضطراب طيف التوحد.