نجح المصمم السعودي، محمد خوجة، مصمم علامة الأزياء «هندام» (Hindamme)، في الوصول بتصاميمه إلى العالمية، حتى إن سترة «قيادة السيارة»، التي استوحاها من قرار رفع الحظر عن قيادة المرأة في السعودية، تعرض بشكل دائم للجمهور في متحف «فيكتوريا وألبرت» المرموق بلندن، حيث تم شراء السترة من قبل «V&A» عام 2020، لتصبح أول قطعة سعودية معاصرة، تنضم إلى أكبر مجموعة مرجعية للأزياء وأكثرها شهرة في العالم، علماً بأن هذه السترة، أيضاً، جزء من المجموعة الدائمة المعروضة بالمتحف الوطني للثقافات العالمية في أمستردام بهولندا. وهذا التقدير العالمي يوازيه تقدير سعودي وعربي، وأتى حصيلة موهبة وشغف بدأ منذ الطفولة.. ومعه كان هذا الحوار:

• أخبرنا بالمزيد عنك.. طفلاً وشاباً!

- طفولتي كانت في الولايات المتحدة الأميركية، ثم انتقلت إلى السعودية في المرحلة المتوسطة الدراسية، وكانت والدتي تملك متجراً للأحذية، وتستورد البضاعة من إيطاليا، وكنا نسافر كعائلة لهذه الغاية سنوياً. من هنا، تجربتي الأولى كانت استكشاف الثقافة الإيطالية، والتعرف إلى المصممين والمتاجر هناك، وقد أحببت الأزياء من تلك الفترة، لاسيما أنني كنت أرسم وأصمم منذ الصغر، وعبر زياراتنا إلى إيطاليا، عرفت مبكراً أن مجال الأزياء هو المفضل بالنسبة لي.

التجربة الأولى

• كيف كانت بدايات رحلتك، وتجربتك الأولى في التصميم؟

- التجربة الأولى في عالم الموضة والأزياء كانت أثناء دراستي بالجامعة الأميركية في باريس، وكنت سأتخصص في إدارة الأعمال وليس تصميم الأزياء. لكن، كنت أعرف - منذ أيام الدراسة الثانوية - أن تصميم الأزياء هو المجال الذي لديَّ شغف به، وتجربتي الأولى في التصميم كانت في باريس، إذ صممت أكثر من قطعة لأحد المتاجر في العاصمة الفرنسية، حيث تعرفت إلى صاحب المحل، وطلب مني أن أصمم له، مستعيناً بمصنعه، وهكذا كان. هذه التجربة أكدت لي أن هذا ما أريده، وكنت حينها أحضر عروض الأزياء والمعارض الفنية في باريس، التي ألهمتني وحفّزتني على دخول عالم التصميم.

• كيف ومتى أسست علامة «هندام»؟

- في عام 2014، وبعد تخرجي في الجامعة؛ عدت إلى السعودية، وعملت بالمركز الثقافي، وكنت خارج الدوام أصمم قطعاً كاللوحات الفنية، وبدأت تصميم «التيشيرت». وفي عام 2016، استجمعت أفكاري، وأسست علامة «هندام»، التي تعني الشخص المهندم، الذي لديه ذوق رفيع. أحاول، في علامتي، أن أمزج الثقافتين الشرقية والغربية دون افتعال؛ لتقديم ثقافتي السعودية، وتصديرها بطريقة معاصرة وجديدة، تناسب الغرب بقطع معاصرة ومستقبلية.

• ما الذي حثّك على إطلاق «هندام»؟

- بصراحة، حينها كنت أشعر بأن وجود المصممين الخليجيين قليل في العالم العربي، خاصة في مجال الملابس الجاهزة. في المقابل، مثلاً، كان هناك مصممون لبنانيون كثيرون وصلوا إلى العالمية، فشعرت بأن هناك فجوة كبيرة، واستوحيت من ثقافتي وتقاليدنا في السعودية، ولم أكن أرى النقوش الجميلة مترجمة في عالم تصميم الأزياء المعاصرة، فكان الدافع بالنسبة لي لأبدأ بـ«هندام»، وأن أختار اسماً عربياً، يستطيع أي إنسان غير عربي نطقه.

• بماذا تصف تصاميمك؟ وما الرؤية الإبداعية التي تحملها؟

- كل مجموعة أقدمها أحاول أن تكون بها رسالة أو مفهوم معين، من خلال القطع حتى لو كانت «تيشيرت»، فلديَّ هدف أساسي هو أن أوصل فكرة أو رسالة من خلال عملي.

قطعة متحفية

• صممت سترة دخلت متحف «فكتوريا أند ألبرت».. ما قصة هذه السترة، وما الرسالة التي يحملها تصميمها؟

- هي أول قطعة من مصمم سعودي في متحف «فيكتوريا أند ألبرت» الشهير، وكنت سعيداً جداً عندما تواصلوا معي، واشتروا القطعة. صممت هذه القطعة عام 2018؛ تكريماً لقرار إيجابي احتفلنا به آنذاك بعد رفع الحظر عن قيادة المرأة السعودية السيارة. وقتها، راودني شعور بأن أصمم شيئاً لهذا الحدث، ولو كان بسيطاً، وتأريخه في الوقت نفسه، وسررت برد الفعل الإيجابي من هذا المتحف العريق، والنظر إلى هذه السترة على أنها قطعة متحفية.

• حظيت تصاميمك بتقدير دولي.. ماذا عن الجانب السعودي؟

- تعاونت، في الماضي، مع هيئة العلا الملكية في مهرجان طنطورة. وأيضاً، عرضت قطعي في المتحف الوطني بمدينة الرياض، وأنا سعيد وفخور جداً بأن علامة «هندام» من العلامات المقدّرة في المجتمع السعودي وأعتز بذلك؛ لأن تصاميمي استوحيتها من ثقافتي وتجاربي كمصمم سعودي.

• تحمل تصاميمك رسائل معينة.. ماذا عن المجموعة الأخيرة، التي تعاونت فيها مع فنان ياباني؟

- المجموعة التي أطلقتها، مؤخراً، ووصلت السوق قبل شهرين، أتت بعد الصعوبات التي عشناها في «كوفيد - 19»، فتجمعت أفكاري حول تقديرنا للعائلة وللأرض التي نعيش عليها ولبيئتنا، وأتت تصاميمي سعيدةً، تحمل الإيجابية عبر الألوان التي استخدمتها لتعديل المزاج ورفع المعنويات كعلاج نفسي. تعاونت مع الفنان الياباني Ikegami Yoriyuk في قطع عدة، ونفذ لي لوحة فنية سماها «A certain planet»، وقد تعرفت إليه في مدينة كيوتو باليابان، بعد أن تابعت أعماله عبر الإنترنت، وأحسست بأن أعماله وروحه الفنية جعلتني أشعر بالسعادة، ورأيت أنها مناسبة للموسم، وفيها نتبادل ثقافتَيْنا.

• إلى جانب الأزياء دخلت مجال تصميم الأثاث.. ماذا قدمت في هذا السياق؟

- بالنسبة لتصميم الأثاث أعرف أنني ذكرته من قبل، وأعمل على هذا الموضوع حتى الآن، وما قدمته كان قطعاً فنية عدة لفندق «إعمار» تدمج نقوشاً مستوحاة من السدو، وهو نوع من النسيج، كما أطلقت قطعاً عدة في مدينة الرياض كالمرايا، وأتفاوض حالياً مع شركة إيطالية؛ لتدشين قطع أثاث عدة للمنزل.

تحفيز.. وطموح

• هناك حراك وتطور سعودي ملحوظ في مجال تصميم الأزياء.. ماذا تأمل أن يثمر مستقبلاً؟

- هناك تطور كبير في مجال التصميم و مجالات مختلفة في السعودية بشكل عام، وتصميم الأزياء قطع شوطاً كبيراً، وصار معروفاً أكثر. آمل أن تكون لدينا نقاط إنتاج ومصانع أكثر في بلدنا، وكنت قد عرضت أكثر من مرة أن يتم منحنا تسهيلات أكبر في الإنتاج، لنعرض تجاربنا في عالم التصميم، ونقدم أفكاراً إبداعية أكثر.

• ماذا تحضر حالياً؟

- أحضّر، الآن قطعاً جديدة، ولديَّ مشروع آخر فيه نوع من الإبداع العالي، لا أستطيع البوح بشأنه؛ لأنه قيد الإنشاء.

إقرأ أيضاً:  نجمات خطفن الأنظار بإطلالات من توقيع طوني ورد
 

• كيف تحفّز نفسك على مزيد من الإبداع في كل مجموعة؟ وما مصادر إلهامك؟

- أحفّز نفسي بأن أجلس وحدي من دون ضجيج؛ حتى تأتي الأفكار وأرسمها فوراً. أحياناً، أكتبها كفكرة، فمصدر الإلهام قد يأتي في أي وقت، فمثلاً حينما أركب الطائرة أشعر بالهدوء وأُخرج أوراقي وأرسم، فالإلهام يأتي من أي مكان، ومن أي شيء، من اللوحات الفنية، عروض الأزياء، القطع الأثرية، أو لباس الناس في الشارع.

• ما الذي تطمح إليه مستقبلاً؟

- أطمح إلى توسيع رؤية «هندام»، ليس فقط في عالم الأزياء، بل أيضاً في عالم تصميم الأثاث، وفي إيصال «البراند» عالمياً، وأن أتوسع داخل بلدي عبر محال عدة، وأقدم ما يحبه الناس، ويتناغمون معه. وأن أصل، أيضاً، إلى زبائن لديهم احتياجات مختلفة أساسية وثابتة، والأهم أن يتعامل المصمم مع رجل أعمال أو شركة؛ حتى يتوسع ويتطور في مجال التصميم.