رضوان التميمي: «بوطافش».. قصة نجاح تلهم أجيال المستقبل

قَدِمَ رضوان أشتي التميمي الملقب بـ«بوطافش»، صاحب محال أسماك «بوطافش» المعروفة في الإمارات، هارباً من ضيق العيش في بلاده منذ أكثر من 50 عاماً، متنقلاً بين بلاد وأوطان عربية عدة، باحثاً عن لقمة عيش، وحياة هادئة، في رحلة كفاح لم يدق فيها اليأس باب قلبه لحظةً، ولم يعرف الخوف له طريقاً، فقط طلب من والدي

قَدِمَ رضوان أشتي التميمي الملقب بـ«بوطافش»، صاحب محال أسماك «بوطافش» المعروفة في الإمارات، هارباً من ضيق العيش في بلاده منذ أكثر من 50 عاماً، متنقلاً بين بلاد وأوطان عربية عدة، باحثاً عن لقمة عيش، وحياة هادئة، في رحلة كفاح لم يدق فيها اليأس باب قلبه لحظةً، ولم يعرف الخوف له طريقاً، فقط طلب من والديه الدعاء، وتوكل على الله، ساعياً في دروب الحياة. وصل الوالد رضوان على متن سفينة، مبحراً مع مجموعة من الشباب؛ فلم يخشَ غرق السفينة، ولم يفكر في التراجع، لكنه لم يتوقع أن حياته ستنقلب رأساً على عقب، بعد أن نال شرف لقاء المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي فتح له باب الرزق على مصراعيه؛ ليلج منه عالم ريادة الأعمال وبقوة. كان من الممكن أن يبدد الوالد رضوان المبلغ المالي، الذي منحه إياه المغفور له الشيخ زايد، في ما لا يفيد، لكن عقله الراجح، وتفكيره الصائب، وضعاه على أول طريق النجاح؛ ليصعد فيه خطوةً خطوةً، ويصبح الآن صاحب أشهر مجموعة مطاعم للأسماك في الإمارات.. التقت «زهرة الخليج» الوالد رضوان التميمي؛ ليسرد قصته الملهمة، التي نستقي منها العبر والدروس في الإصرار على النجاح؛ عندما يغلف بروح الإرادة والعزيمة، فكان الحوار التالي:

 

 

• كيف بدأت رحلتك إلى دولة الإمارات؟

- قبل حوالي 55 عاماً، قَدِمت إلى الإمارات، بعد أن تنقلت بين فلسطين والأردن، ثم العراق. بعدها، فررت على ظهر باخرة، مع مجموعة من الشباب من جنسيات مختلفة، ومكثنا أربعة أيام في البحر، متجهين إلى الإمارات. حينما وصلنا إلى أبوظبي كانت الرطوبة مرتفعة جداً، وكذلك الحرارة، وكان عدد العرب الذين قابلتهم قليلاً جداً، فالأغلبية كانوا من الهند، وباكستان، وإيران، وبنغلاديش. فكرت في إقامة كشك صغير بمنطقة على ضفاف كورنيش أبوظبي؛ لبيع القهوة والشاي والبيبسي والمياه، ولم أستخرج تصريحاً أو موافقات من المسؤولين، معتمداً - في ذلك - على فضل الله، ودعاء الوالدين. بعد ذلك، أكرمني الله بمرور المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بالمنطقة التي بها الكشك، وكان يوم سعدي وانطلاقتي.

• كيف كان لقاؤك مع المغفور له الشيخ زايد.. لأول مرة؟

- في الحقيقة، لم أكن أعرف المغفور له الشيخ زايد، إلا بعد أن وجدت الجميع يحيطون به، كأنهم يرغبون في حمله على الأعناق من شدة فرحهم بلقائه، وأدهشني كثيراً التواضع والمحبة والأخلاق العالية، التي كان يتعامل بها مع الكبير والصغير من شتى الجنسيات الموجودة، فكان يسلم على الجميع بحفاوة، ويسأل عن أحوال الناس، كأنهم أبناؤه، ومن عائلته.

 

 

 

• ما الحديث الذي دار بينكما؟ وكيف ساعدك، طيب الله ثراه، في تحقيق النجاح الذي وصلت إليه؟

- سأل الشيخ زايد طيب الله ثراه، قائلاً: «هذه الصندقة حق من؟»، يقصد الكشك الصغير؛ فقالوا له: «حق ذاك الشاب الفلسطيني»، فقال لهم: «أريد أن أتحدث معه»، وبالفعل قَدِمت إليه، طيب الله ثراه، على استحياء، ويدور في ذهني الكثير من الأسئلة، والكثير من المخاوف؛ اعتقاداً أنه سيأمر بإغلاق الكشك غير المرخص على الأقل، لكن ذلك لم يحدث، وشاءت الأقدار أن أتشرف بالحديث مع هذه الشخصية العظيمة؛ فهو معلم ينهل الآخرون من أخلاقه، أينما حل وارتحل، وحينها أمر بمنحي مبلغاً من المال - وكانت النقود آنذاك تسمى «الروبية» - لمساعدتي كي أطور مشروعي.

• لماذا تركت مشروع بيع الشاي والمرطبات، وفكرت في إنشاء مطعم للأسماك؟

- كان الكشك الصغير على كورنيش أبوظبي، وكنت أشاهد الصيادين يصطادون الكثير من الأسماك ومن خيرات البحر؛ ففكرت في إنشاء مطعم يقدم الأسماك الطازجة، وأطلقت عليه اسم «السندباد البحري»، وكان مطعماً عائماً وسط مياه الخليج، إذ إنني شاهدت هذه الفكرة قبل ذلك في مصر، وودت لو استطعت محاكاتها، وهذا ما حدث بفضل الله، ثم مساعدة المغفور له الشيخ زايد، وكان الزبائن يختارون الأسماك من أحواض وضعناها في البحر؛ فنصطادها لهم، ونقوم بطهيها على الفور.

• من أين أتت تسمية مطعمك بـ«بوطافش»؟

- عندما سألني المغفور له الشيخ زايد: «من أين قدمت؟»، أجبته: «طفشت من فلسطين يا طويل العمر»؛ فقال طيب الله ثراه: «أنت طافش.. إذن أنت بوطافش». ومن يومها، أصبح هذا الاسم وساماً على صدري، وقمت بإطلاقه - بعد ذلك - على مجموعة المطاعم التي تم افتتاحها واحداً تلو آخر، وهي: فرع في شارع حمدان بأبوظبي، وفي الجميرا بدبي، وفي مدينة العين، وفي مدينة خليفة (أ)، وأحدث فرع في منطقة مراسي البطين بأبوظبي، بالقرب من المطعم العائم، المكان الأول الذي تم افتتاحه في عهد المغفور له الشيخ زايد، وبقي طيب الله ثراه، حتى وفاته، يأتي مع ضيوفه لتناول الطعام في المطعم الذي أصبح معلماً سياحياً؛ بسبب الكثير من المشاهير الذين تناولوا الطعام فيه، سواء من الشيوخ، أو الشخصيات المهمة، أو كبار الفنانين.

 

 

• بعد رحلة كفاح تكللت بالنجاح.. ماذا علمتك الحياة؟ وما نصيحتك للشباب المقبل على مشروع جديد؟

- لم أتوقع، يوماً، ما حدث لي من نجاحات، ولولا فضل الله، ثم المغفور له الشيخ زايد، فدعاء الوالدين ورضاهما عني؛ لما وصلت إلى ما أنا عليه اليوم، يأتي بعد ذلك الصبر، والمثابرة، وقبول التحديات، ومحاولة تخطيها؛ فالسعي مطلوب في الحياة، ومن دونه لن يكون هناك توفيق. أما نصيحتي للشباب، فهي ما تعلمته من كلمات المغفور له الشيخ زايد، التي توزن بالذهب: «أنتم ثروة الأمة الحقيقية، لا تهدروا أوقاتكم، واستثمروا فراغكم في ما يفيد»، فمن يرغب في بدء مشروع جديد فليبدأ فوراً، ولا يخشى الفشل، خاصة ونحن نعيش في دولة ترفض الفشل بكل أشكاله، وتشجع النجاح، وتدعم الشباب، وتمنح الفرص للجميع على أرضها.

إقرأ أيضاً:  تبييض الأسنان.. إليكِ كل ما تحتاجين معرفته