نادين قانصو: وصلت بالخط العربي إلى مجالات متقدمة

يمكن القول بأن مصممة المجوهرات، نادين قانصو، مبدعة من رأسها إلى أخمص قدميها، وفن يمشي على قدمين، فهي امرأة جميلة، متصالحة مع نفسها، ولا تكترث بعلامات الزمن على وجهها. أسست، منذ 16 عاماً، علامة مجوهرات «بلعربي» (Bilarabi)، لتسليط الضوء على الخط العربي والهوية والثقافة العربيتين؛ فهي فنانة تشكيلية ومص

يمكن القول بأن مصممة المجوهرات، نادين قانصو، مبدعة من رأسها إلى أخمص قدميها، وفن يمشي على قدمين، فهي امرأة جميلة، متصالحة مع نفسها، ولا تكترث بعلامات الزمن على وجهها. أسست، منذ 16 عاماً، علامة مجوهرات «بلعربي» (Bilarabi)، لتسليط الضوء على الخط العربي والهوية والثقافة العربيتين؛ فهي فنانة تشكيلية ومصورة قبل أن تكون مصممة مجوهرات. وتعرّف علامتها على أنها هوية، وحب وإبداع. نجحت المرهفة نادين في عالم الأعمال، بعد أن أطلقت علامتها الشخصية والغنية في مضمونها، وتسعى حالياً لتطويرها رقمياً، كما وسعت دائرة إبداعاتها في «العربية» إلى المجوهرات الراقية. موهبتها الاستثنائية لفتت إليها أنظار الماركات العالمية؛ فتعاونت معها، على غرار: «Gucci، وLouis Vuitton»، وغيرهما.. نتعرف إليها أكثر في هذا الحوار:

* بدأتِ مشوارك من معرض للصور بعنوان «من أنا».. من أنت الآن؟

- أنا لازلت كما أنا؛ فلايزال لديّ شغف وحب لما أفعله، وقناعة بما أفعله، واحترام وحب لهويتي، واليوم أكثر من قبل؛ لأننا في مراحل جديدة من تطور العالم. فالإمارات كانت سباقة في الانفتاح على كثير من الأمور، وعلى تقبل كل شيء، والتسامح، وربما نحن من تألمنا وأتينا من ظروف الحرب اللبنانية الصعبة، حان الوقت لتغيير الأمور، فلا نريد لأولادنا أن يعيشوا ما عشناه، نريدهم أن يعيشوا أفضل، وألا يخوضوا الصعوبات التي عشناها، بل أن يبذلوا طاقتهم ويبدعوا قدر ما يستطيعون؛ فأنا مازلت وفية لما أنا عليه. 16 سنة إلى الأمام، ولازلت أقوم بما أقوم به، لكن بطريقة ورؤية مختلفتين، ومع تطور الحرف الذي أعمل به، وتطور الخط العربي وجمالياته، على غرار مجموعة «هوى»، متفرعة من كلمة حب وشغف وعشق وغرام، وغيرها، خطوة متقدمة ومختلفة عما أصممه عادة، فهي مجوهرات راقية. لقد تحديت نفسي لصنع شيء جديد ومختلف، وأكون سعيدة عندما أفعل هذا الشيء؛ لأنني أشعر بأنه على الرغم من وضع نفسي في صندوق اسمه «بالعربي»، واستطعت أن أصل بالخط العربي إلى مجالات لم يصل إليها أحد قبلي. إذا نظرت إلى الخاتم، فإنك ترين شغل النسج والمشربية، تتكرر عليها كلمة حب لا يمكن قراءتها سوى بالتعمق فيها. فالخط العربي والفكر والروح لاتزال موجودة، إنما على مستوى أعلى ومختلف والتطور دائم. وتطور هذه المجموعة استوحيته من الإمارات، واحتفالاً بالتقدم الاستثنائي لبلد أحبه، وأفخر بأن أسميه «وطني».

* ما الذي تطور في مقاربتك للخط العربي؟

- إذا نظرت إلى كلمة «الحب» فأنا جزأتها، وفككتها، وأعدت تركيبها، وضعت حرفَيْ (ح)، و(ب) فأصبحا نسجاً ونمطاً «pattern»، وليسا كلمة بحد ذاتها.

* على ماذا تعملين حالياً؟

- سنطلق مجموعة جديدة بعد بضعة أسابيع، وقد أعدت تصور مجموعة أخرى، وطورتها؛ لتكون غير مرتكزة على الحرف بل على الكلمة التي هي «حب»، جعلتها أكثر حداثة وملاءمة للجنسين، وتحمل رسالة العطاء بكل معانيها.

* ماذا عن الأحجار الكريمة المستخدمة على قطع مجوهرات «هوى»؟

- مبدئياً، في الوسط أحجار شبه كريمة، وعلى الجوانب هناك أحجار كريمة متنوعة، مثل: المالاكيت، والتركواز، واللابيز مقصوصة على اليد، وهناك أيضاً ألماس. نحن نطلق العديد من المجوهرات المخصصة، وفي هذه المجموعة التخصيص يكون بالحجر واختلاف الألوان. على سبيل المثال، صممنا للنجمة منى زكي خاتماً وحلقاً من هذه التشكيلة.

* كم تشكيلة تطلقين في السنة؟

- أطلق مجموعة سنوياً، مع تطعيمها بمجموعات صغيرة على مدى السنة، بقطع متفرقة صغيرة تتسق مع المجموعة الأساسية.

* ما شعورك تجاه المصممين، الذين يقلدون مجوهراتك؟

- لا مشكلة لديّ على الإطلاق مع المصممين الذين يستوحون ويتأثرون بتصاميمي، بل أشجعهم، لأن رسالتي هي تسليط الضوء على خطنا العربي، هويتنا وثقافتنا، لكن أن يأتي أحد ويأخذ خطي وتصميمي واسمي ويعتبره حقه؛ فهذا أمر غير أخلاقي، لأن هناك شخصاً بنى هذه العلامة التجارية، ووضع كل جهده وحياته وماله في مشروع ما، ولا يحق لأحد غيره أن يأخذ كل شيء دون تعب أو جهد.

* بمن تأثرت من مصممي المجوهرات، وتلفت تصاميمهم نظرك.. سابقاً وحالياً؟

- تلفتني تصاميم «بولغري» و«كارتييه» القديمة في الستينات والسبعينات، وتصاميم «David Webb» جميلة جداً.

* هل فكرت يوماً في تجديد قطعة قديمة ورثتها عن جدتك مثلاً؟

- لديّ العديد من القطع القديمة، لكنها في الخزنة بانتظار أن أورثها لأولاد أولادي. قد أستوحي من مجوهرات جدتي، لكنني أحاول الابتعاد عن إعادة تصميم القديم وتجديده، بل أركز على ابتداع الجديد.

* إلى أي مدى لاتزال حلقات الأذن الـ(Ear Cuff) رائجة ومطلوبة؟

- لاتزال تلقى رواجاً وطلباً من الشابات، لأنه لا ضرورة لقدح الأذن لوضعها، فهي تشبه الخاتم. وأعتقد أنها ستستمر موضةً لفترة.

* هل يشغل التصوير حيزاً من اهتماماتك الإبداعية الحالية؟

- خلال جائحة «كوفيد - 19»، اشتغلت فناً، لكن الغاليري التي كنت أتعاون معها أغلقت، فركزت على المجوهرات أكثر،.

* ما الذي تغير في الناس بعد «الجائحة»؟

- أعتقد أننا لم نعد كما كنا، فالطبيعة البشرية تراجعت إلى الوراء، وزاد الطمع والخوف من إنفاق الأموال وفقدها، ولم يعد هناك توازن في الحياة. هناك نوعان من الناس، منهم من شعر بأن الموت قريب فبدأ بإنفاق الأموال، وآخرون خافوا على أموالهم، وتوقفوا عن التبذير. نحن أبلينا جيداً جداً عام 2020؛ لأن الناس كانوا في بيوتهم، وأقبلوا على شراء المجوهرات، وطلب تخصيصها (custom made).

* يحكى الكثير عن الـ«NFT»، والميتافيرس، وغيرهما.. هل يمكن أن نراك منخرطة في التكنولوجيات الحديثة؟

- عندي فكرة عامة عنهما، لكن لم أعمل بهما، وقد تلقيت عرضاً للعمل بهذا المجال، بتعاونٍ مع «براند» أخرى، وعندما عملت اهتممت بالأمر، لكن لا أدري كم سأخوض فيها. حالياً، لا تفيدني، وإنما أراها جيدة؛ ولتبسيطها هي ملف غرافيك، ولكن هناك وقت طويل جداً لكي ينتقل كل العالم للميتافيرس. على كل حال، أنا لا أريد الانخراط فيها، أنا أفضل العيش على الأرض وليس بالخيال، أريد أن أسلّم على الآخر باليد، وأن أنظر في عينيه وأتحدث إليه، فهذا أساسي بالنسبة لي.   

* كانت لديك تعاونات مع «براندات» عالمية.. هل من تعاون قريب مع إحدى الماركات؟

- أحضر لتعاونٍ سيرى النور في أبريل العام المقبل، مع إحدى علامات التجميل الفرنسية الفاخرة.

* في بداياتك صممت وسائد؟ ألم تفكري في التوسع نحو إكسسوارات المنزل؟

- عندما بدأت في التصوير، كتبت في المعرض كتابات عربية على الوسائد والتيشيرت كجزء من هوية المعرض. تصميم إكسسوارات المنزل يتطلب وقتاً واستثماراً وفريق عمل وراءه. اليوم إذا استمررت على الطريقة التي أعمل عليها؛ فقد يصبح لديَّ وقت ومجال لتصميم إكسسوارات المنزل، وهو أمر أحبه. تعاونت، سابقاً، مع المصمم فادي سري الدين على مرايا وطاولات، وصممت سجادة عليها صورة الشيخ زايد، اسمها «زايد الخير»، بالتعاون مع «إيوان مكتبي»، وسجادة أخرى عليها عيون بالكامل.

* ما نصيحتك للمصممين الصاعدين؟

- النصيحة الوحيدة، هي أن يحافظوا على هويتهم، وألا يحيدوا عنها؛ فالموهبة إما تكون موجودة أو لا؛ فقد تكون لديك موهبة في مكان آخر، وليس بالضرورة أن تكون في التصميم إذا كنت غير مصمم، وتكون مبدعاً وتحب ما تفعله، فحتماً ستنجح.