حل العام الجديد 2023، الذي أدعو الله أن يكون أفضل من جميع ما مرّ من أعوامكم. ورغم أن كثيرين يربطون يناير بهواجس وتخوفّات مما يُمكن أن يحمله العام الجديد إليهم، وينتشر مع بداية كل عام ما يُعرف بضيق أو اكتئاب يناير، فإنني أؤمن بأننا قادرون على تغيير أي ظروف، بالتوكّل على الله، وبتغيير طريقة تفكيرنا تجاه وقت ما أو ظاهرة ما.. ومنها بداية الأعوام.

كتبت جزءاً من رمستي هذه المرة، وحروفي تحاول اللحاق بحبّات المطر التي تنقر نافذتي، والجزء الآخر منها في طريق عودتي من نيويورك، فعامنا بدأ وكأنّه يزفُّ البشرى لنا بخير كثير، فبدأ بالرحمة، وغيرها من الأسماء الكثيرة التي نتغزّل بها، بحلول ضيف الشتاء الغالي علينا، وهو المطر.

وكأن المطر يقول لنا إن هذا الوقت من العام هو وقت غسل كلّ ما علق في أيام 2022، فكثير مما يمر علينا يُشبه ذرات الغبار التي تعلق على نافذتنا، وغيرها مما يحيط بنا، فنحن نعتقد أنها زالت أثناء التنظيف الدوري، لكن الواقع عكس ذلك، فرؤيتنا للعالم متأثرة بذرات مواقف ولحظات لم نتخلص منها في الوقت المناسب كما يجب.

يُعجبني «واتساب» في هذا الوقت من كل عام، فكأنه كاتم أسرار البشر الذي يفيض بـ«الفضفضة» في صورة حِكَم وطُرَف، ونُسارع نحن لنشر ما يحاكي كلامنا مع ذاتنا على قنوات التواصل الاجتماعي، وهنا استوقفتني مقولة: «سافروا.. فالمال يعود، والوقت يذهب ولا يعود»، أو بأي صيغة مشابهة قد تكون مرّت بكم، وهو ما قررته منذ أيام الجامعة، ومستمرة عليه حتى الآن؛ فأنا صديقة للسّفر، ولا أفوته رغم مشاغلي، وهذه المرة خلال جولتي في نيويورك فكّرت طويلاً في اللحظات والمواقف العالقة، التي تشدنا إلى الأسفل في كثير من الأحيان، وكمية الفرص الجديدة حولنا.

هل لديكم الكثير من تلك المواقف واللحظات؟.. من السهل أن تُحصوها بمجرد كتابة ما يمر بخاطركم؛ عندما تقرؤون نُكتة، مثل تلك التي وصلتني على «السوشيال ميديا»: «أيام ويدخل العام الجديد، ولازم نعتذر لبعض على أي شيء بدر.. يلا اعتذروا لي».. تلك الخاتمة بعبارة طلب الاعتذار هي تفكير في كثيرين أخطأوا في حقنا، أو ردود لم نقلها كما يجب أن تكون.

لمن قام بغسل كل ما أتعبه في 2022.. أطيب التهاني ببداية جديدة نقية. أما البقية الذين لاتزال بداياتهم مُثقلة برواسب العام الماضي، فأودّ أن نقوم معاً بالتخلّص من غالبية ما يُثقلنا، ويحدُّ من سعادتنا، عبر خطوات بسيطة قمت بها أنا أيضاً. أولاً: اكتبوا كلّ ما جال بخاطركم أثناء قراءة سطوري، وأنا أعلم أن القائمة تطول هذه الأيام بسبب تحوّل الطباع بين البشر. ثانياً: اشطبوا كلّ موقف مؤجّل بسبب المجاملات. وثالثاً: ضعوا قائمة أمنيات بسيطة، ولو بدأتموها بواحدة فقط، لكن احرصوا على أن تكون قابلة للتطبيق السريع، فبمجرّد أن تبدؤوا لن تتوقفوا.. فكيف كانت بداية عامكم، هل لاتزال ممطرة مبشّرة، أم يطاردكم «ضيق يناير»، الذي أدعو الله أن يبعده عنكم؟