يقولون إن فبراير شهر الحب.. وأقول إنك أنت الحب، الذي لا تكفيه كل الشهور!

فكم عيداً يلزمني كي يحتفل القلب بك؟! وكم عاماً يكفيني؛ كي أسرد على شهود انكسارات روحي أثر دواءاتك؟!

أنت الذي حين حاصرني الموج، وانكسرت سفينتي حتى كاد يهزمني الغرق؛ رسمت وسط الهلاك جزيرة، ووسط العتمة شمساً!

أنت الذي حين تضور قلبي جوعاً؛ هززت بيدك أغلظ غصن فتساقط منه أشهى الثمر!

أنت الذي حين أرَّقتني الهموم، وثقب الوجع مظلتي؛ جعلت لي من ذراعيك مأوى، ومن ترانيم عشقك تهويدة!

سمعت حين صمّ الناس، وعانقت حين صفع الخذلان، ورأيت بعين بصيرتك ما عميت عنه أحداقهم!

أنت الذي لم تفلت كفي مهما تراخت، بل سويت شعث جدائلي، ورسمت بالكحل عينيّ، وطوقت عنقي بسوار الياسمين!

أخبرك سراً؟! منذ غدرَت بي في طفولتي أول قطعة حلوى منتهية الصلاحية، وأورثتني ألماً لا يطاق، صرت أتوجس من تواريخ الصلاحية، صار أماني موازياً لبضعة أرقام على الأغلفة، يخبرني بأن الوقت لايزال مناسباً للمتعة دون وجع، كبرت وباتت التواريخ هاجساً يطاردني وأطارده، يهددني دوماً أنَّ لا متعة تدوم ولا نعيم يبقى.. وأن كل الأشياء تفسد في النهاية، ولن يورثنا التمسك بها - بعد فسادها - إلا الألم! 

لكنك أطحت بعقيدتي، وأضفت إلى قوائم شرائي العاطفية نوعاً جديداً من السلع لا تنتهي صلاحيته أبداً.. «حباً غير مشروط»، لا يلزمه مقدم شراء، ولا أقساط تثبت الولاء، بل يكفيه دعاء قلب لقلب، ومسّ كف لكفّ، وشدة قبضة على كتف! 

شكراً؛ لأنك جعلت امرأة مثلي عاشت عمرها نبتة ظل، تدرك أخيراً قيمة شمس لا تشرق ولا تغرب إلا في فلكك.. 

شكراً؛ لأنك خلعت عن قدميّ حذاء لطالما أدماهما، وعلمت أصابعي متعة الرقص حافية القدمين..

شكراً؛ لأنك أجبرت اللسان المعيب بـ«التهتهة» أن يتقن أخيراً قول «أحبك».. أحبك دائمة الأثر، أبدية المفعول، وغير منتهية الصلاحية.