يشير "سوء الإطباق" إلى الحالات التي تعاني فيها الأسنان اصطفافاً غير سليم، أو إلى وجود مشكلة في التطابق بين الفكين. ورغم أن العوامل الجينية تلعب دورًا في تطور هذه المشكلة، فإن العوامل البيئية والتنموية تلعب الدور الأكثر أهمية، وفقًا للأبحاث الحديثة. وتبدأ حالات "سوء الإطباق" في الظهور خلال فترة نمو الطفل، وتستمر في التطور إلى مرحلة البلوغ، وتصبح أكثر حدة في بعض الأحيان. ولحسن الحظ، أنه يمكن تحسين هذه الحالة أو حتى عكسها، من خلال التدخل في الوقت المناسب.
تقدم لنا الدكتورة سوزانا المعالي، أخصائية تقويم الأسنان والفكين، نصائح وحقائق طبية للوالدين، حول "سوء الإطباق" عند الأطفال. 

 

  • الدكتورة سوزانا المعالي

 

ما أهمية علاج "سوء الإطباق" في وقت مبكر؟
- ولت الأيام، التي كانت فيها التوصية بالانتظار حتى سن 12-14 عامًا، قبل زيارة أخصائي تقويم الأسنان (اكتمال الأسنان الدائمة)، لأن هذا النهج يحصر علم تقويم الأسنان بأكمله، في مبدأ "استقامة" الأسنان الدائمة. إلا أن تطبيق علم تقويم الأسنان والفكين على أصوله في الحقيقية، يمكِّن أطباء تقويم الأسنان من توجيه نمو الوجه والفكين أولاً، وتنسيق منظر الأسنان ثانياً.
استناداً إلى أعلى مستويات مهنة تقويم الأسنان، والتوصيات المبنية على الأبحاث المعاصرة، وتنصح الأكاديمية الأميركية لتقويم الأسنان الأهل بأن يعرضوا أطفالهم، قبل بلوغهم سن السابعة، على أخصائي تقويم الأسنان. 
ويسمح التشخيص المبكر بالتدخل في الوقت الذي لايزال فيه الفكان لدى الطفل في طور النمو، وقابلين للتغيير، وإعادة التوجيه، حيث إن تجاهل مشاكل الفكين الأساسية، خلال فترة النمو، يعتبر أحد الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى علاج تقويم أسنان أطول، وأكثر تعقيدًا لدى المراهقين أو البالغين (يتضمن، أحيانًا، جراحة الفكين، أو خلع الأسنان الدائمة).
وتصحيحاً لمعلومات متداولة خاطئة، فإن "سوء الإطباق" واضطرابات اصطفاف الأسنان، توضح الدكتورة سوزانا أن هذه المشاكل لا تختفي بحد ذاتها عند اكتمال الأسنان الدائمة، بل على العكس فمعظم اضطرابات الأسنان والفكين التي تظهر على الأسنان اللبنية تنتقل إلى الأسنان الدائمة. علاوة على ذلك، يسمح التشخيص المبكِّر بتحديد اضطرابات نمو الأسنان اللبنية والدائمة، قبل أن تتفاقم، على سبيل المثال:
• الفقدان المبكر للأسنان اللبنية، ونتيجة لذلك فقدان المساحة المتاحة للأسنان الدائمة.
• انحراف براعم الأسنان الدائمة عن مساراتها الأصلية للبزوغ داخل العظم. وإذا تركت هذه الأسنان دون علاج حتى سن المراهقة، فغالبًا تنمو بشكل خاطئ أعلى اللثة، أو يمكن أن تظل عالقة داخل العظم.

وتشير أخصائية تقويم الأسنان إلى أن إحدى المشكلات، التي غالبًا لا يهتم بها الآباء، هي أخذ الأسنان الدائمة محل اثنتين من الأسنان اللبنية. في الإجمال، لا يلاحظ الوالدان المشكلة، لأن الأسنان الدائمة تكون أغلقت بشكل جيد المساحة المتاحة بين السنين الاثنتين، ولا ينتبهان إلى وجود سن دائمة إضافية في العظم لا مكان لها لتبزغ. 
وتختم الدكتورة سوزانا بالتشديد على أن الآثار الضارة على الأطفال الناجمة عن بعض حالات "سوء الإطباق" سبب كافٍ لأخذ التصحيح المبكر بعين الاعتبار. فبالإضافة إلى التأثيرات على الثقة بالنفس، والقدرة على الازدهار الاجتماعي، فإن الأطفال الذين يعانون إطباقاً مفرطاً (الأسنان العلوية البارزة)، هم أكثر عرضة بثلاث مرات للإصابة بصدمات وإصابات دائمة في أسنانهم الأمامية العلوية، مقارنة بأقرانهم ذوي الإطباق الطبيعي.
ويحدث معظم إصابات الأسنان الدائمة الأمامية العلوية بين سن 8 و12 عامًا، أي أنها تسبق بشكل ملحوظ العمر الذي تكتمل فيه الأسنان الدائمة. فالتدخل المبكر يزيد فرص حماية الأسنان من هذه الإصابات الواردة.

 

 

توصيات مهمة للوالدين:
يسمح تقييم طفلك في سن 7 سنوات بالتشخيص المبكر والوقاية الاستباقية. وهذا لا يعني أن طفلك سيحتاج بالتأكيد إلى التدخل المبكر، أو أنك ستضطرين إلى اتخاذ إجراءات غير مبررة. والهدف هو السماح لك بأن تكوني على دراية كاملة بالحالة الصحية لأسنان طفلك وفكيه (وجود الحاجة لتقويم الأسنان أو الفكين، والوقت الأمثل للبدء، والخيارات المختلفة المتاحة)، ما يمكنك من اتخاذ القرار الذي ترينه مناسباً. 

 

 

لذلك، من الخطأ التوصية بنهج "الانتظار حتى الانتهاء"، عندما يتعلق الأمر بنمو الأسنان الدائمة، والحاجة لتقويم الأسنان، للأسباب التالية:
• هذه التوصية مبنية على فرضية خاطئة، مفادها أن غالبية حالات سوء الإطباق "تحل نفسها بنفسها"، الأمر الذي لا يحدث في معظم الحالات.
• يؤدي وصول الأطفال إلى أخصائي تقويم الأسنان بشكل متأخر إلى تضييع العديد من الفرص، التي كان من الممكن من خلالها تصحيح المشكلة بشكل أسرع وأسهل وأفضل، وبأجهزة أقل تعقيدًا.
• يمكن للتأخر في الحصول على العلاج أن يؤدي إلى معاناة الأطفال ضغوطاً اجتماعية/ عاطفية، كان من الممكن تفاديها، وفي بعض الأحيان يؤدي إلى أضرار لا رجعة فيها للأسنان الدائمة، التي كان من الممكن منعها منذ البداية.