تعاني النساء أحياناً أعراضاً كثيرة مختلفة وغير مترابطة، تجعلهن يشعرن بالحيرة والضياع، ولا يعرفن إلى أي طبيب يلجأن لتستشرنه عن حالاتهن، من هذه الأعراض ألم العضلات، والخمول، والشعور المتواصل بالبرد، وتورم الأطراف، وزيادة الوزن، أو قد تعاني المرأة من عكس هذه الأعراض تماماً مثل فقدان الوزن، وتسارع ضربات القلب، والهبات الحارة والساخنة طوال الوقت، وأيضاً بروز العينين.

جميع هذه الأعراض المختلفة بحسب الدكتور حسام العلي استشاري غدد صماء، تؤشر إلى وجود اضطراب الغدة الدرقية، ذلك المنظم العظيم لوظائف الجسم المختلفة، مشيراً إلى أن النساء يصبن بها بنسبة أكبر من الرجال بعشر مرات. في حوارنا مع الدكتور العلي، يوضح أسباب إصابة النساء باضطراب الغدة الدرقية بشكل أكبر مقارنة بالرجال، وعن وظائف هذه الغدة عند النساء، وكيف تؤثر أمراض الغدة الدرقية في الحمل.

  • الدكتور حسام العلي

*لماذا تصاب النساء بشكل أكبر من الرجال بأمراض الغدة الدرقية؟ 

-السبب ليس واضحاً، ولكن بما أن أمراض الغدد هي بغالبيتها أمراض مناعية، فإنها تصيب النساء لأنهن الأكثر عرضةً للإصابة بالأمراض المناعية، كذلك، يرتبط هرمون الاستروجين والدورة الهرمونية بمشاكل الغدة، وبحسب الدراسات فإن النساء أكثر عرضةً بعشر مرات من الرجال للإصابة بأمراض الغدة الدرقية، حيث يصيب نقص الغدة الدرقية 10% من النساء مقابل 3% من الذكور، ويصيب فرط الغدة الدرقية 1.4% من الإناث مقابل 0.5% من الرجال.

*ما أشهر أمراض الغدة التي تصيب النساء وما عمر الإصابة الشائع لديهن؟

-الأكثر شيوعاً لدى النساء هو مرض التهاب الغدة (الهاشيموتو)، وهو مرض مناعي ناتج عن إنتاج الجسم لمضادات تسبب التهاب للغدة الدرقية ما ينتج عنه تضخم للغدة وخمول في إنتاج الهرمون الدرقي، أما المرحلة العمرية التي تصاب بها النساء بشكل أكثر شيوعاً، تتمثل في العمر ما بين 30 و40 عاماً  أو ما يسمى بمنتصف العمر.

*هل أمراض الغدة الدرقية وراثية؟

- تعتبر أمراض الغدة الدرقية ضمن الأمراض الوراثية والتي يمكن للأم المصابة توريثها لأحد أبنائها بشكل محتمل، بمعنى أن إصابة الأم تجعل احتمال إصابة بناتها أعلى، مثلما يحدث في الكثير من الأمراض المناعية.

*ماهي تأثيرات وعلاقة الغدة الدرقية على بعض المتغيرات التي تصيب النساء كالحمل، وزيادة ونزول الوزن؟

-يعتمد الجنين في النمو على الأم في أول  3 أشهر من حياته داخل الرحم، ولا تبدأ غدته الدرقية في العمل بشكلٍ كامل ومستقل قبل بداية الأسبوع 18-20، مما يجعل فكرة الانتباه لأداء الغدة الدرقية لدى الأم أمرًا حتميًا، لأن هرمونات الغدة الدرقية التي تنتجها الأم لها أهمية كبيرة لنمو عصبي سليم للجنين، لذلك فحص الغدة الدرقية خلال فترة الحمل مهم وذلك لعلاج أي قصور في إفراز الهرمون الدرقي. وفيما يتعلق بتغيرات الوزن فإن وظائف الغدة الدرقية لها دور مهم بالنشاط الأيضي، هذا يعني أن لها علاقة بحرق السعرات الحرارية ليستفيد منها الجسم وظيفياً، وأن أي خلل في عملها يؤثر على الوزن إما بالنقصان المفاجئ بالرغم من تناول كميات كافية من الطعام في حال فرط الإفراز، أو السمنة المفاجئة بالرغم من التحكم بكميات الطعام في حالة القصور الدرقي.

*هل لأمراض الغدة الدرقية علاج أم هي مرض مزمن؟

-(هاشيموتو) هو مرض التهاب مزمن ينتهي بإتلاف الغدة والتسبب بقصور أو خمول الغدة الدرقية، وعلاجه يتمثل بأخذ الهرمون الدرقي عن طريق الفم بالجرعة المناسبة التي تقرر حسب نتيجة فحوصات الدم أي الـTSH، أما فرط أو نشاط الغدة الدرقية المزمن علاجه يكون إما بمضادات إنتاج الهرمون الدرقي، أو بالجراحة باستئصال الغدة أو بإتلاف الغدة علاجياً باليود المشع، ثم تعويض الجسم بحبوب الهرمون الدرقية وبالتالي فهو علاج مستمر ويتعايش معه المرضى كأمراض السكري وضغط الدم.

إقرأ أيضاً:  هل زيادة الوزن في فترة الطمث أمر طبيعي؟
 

*كيف نقي أنفسنا من الإصابة بأمراض الغدة الدرقية؟

-هناك بعض الإجراءات التي يمكن اتباعها لحماية الغدة الدرقية، وعلى رأسها تناول كميات كافية من الأغذية الغنية باليود، مثل الأسماك ومنتجات الألبان، ويقدر الخبراء احتياج الإنسان لليود بنحو 200 ميكروغرام يومياً، ويعد التوقف عن التدخين من أهم سبل حماية الغدة الدرقية، إذ تحتوي السجائر على مادة السيانيد التي تمنع امتصاص اليود في الجسم.