لقد عرف العلماء منذ عقود أن العمر الزمني المكتوب في شهادة الميلاد، لا يروي القصة كاملة، إذ إن هناك ما يسمى بعمرنا البيولوجي، الذي يتأثر بكل شيء من بيئتنا إلى النظام الغذائي وعادات ممارسة الرياضة، ويعكس صحة خلايانا وأعضائنا ويمكن أن يختلف عن العمر الزمني بسنوات!

ولكن على عكس تتبع الوقت الذي كنا فيه على قيد الحياة، فإن العمر البيولوجي أكثر صعوبة من أن نتمكن من تحديده.

ولكن، ربما أصبح الآن من الممكن حساب هذا العمر، إذ طورت جينغ دونغ (جاكي) هان، عالمة الأحياء الحاسوبية في جامعة بكين، وزملاؤها عملية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، أطلقت عليها اسم ساعة شيخوخة الوجه، والتي تقوم بأخذ صورة ثلاثية الأبعاد لوجه الشخص وتحسب عمره البيولوجي.

وابتكرت هان وفريقها، ساعتان مشتقتان من الذكاء الاصطناعي، واحدة تتنبأ بالعمر الزمني والأخرى تتنبأ بالعمر البيولوجي، وتتعقب ساعات شيخوخة الوجه هذه التغييرات التي نمر بها مع مرور الوقت، حيث تتدلى زوايا العينين، ويتسع الأنف، ويترهل الفكين، وتزداد المسافة بين الأنف والفم.

ووفقًا لأندريه إستيفا، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة ناشئة طبية للذكاء الاصطناعي في لوس ألتوس، كاليفورنيا، فإن عمل هان لديه القدرة على تغيير الطب الوقائي، حيث قال عنه: «إذا كان بإمكانك التقاط صورة واستعادة عمرك البيولوجي، فقد يؤثر ذلك حقًا على أسلوب حياتك».

وأضاف إنه وباستخدام هذه الأداة، يمكن للأطباء أيضًا تتبع وإدارة رعاية المرضى الذين يخضعون لعلاجات مرهقة معروفة للأشخاص في سن مبكرة، مثل العلاج الكيميائي، كما أن لديه القدرة على المساعدة في البحث في الشيخوخة أيضًا.

واستندت الساعات الأولى لقياس الشيخوخة إلى التغيرات في أنماط مجموعات الميثيل، وهي علامات كيميائية تضاف إلى الحمض النووي تعمل على تشغيل الجينات وإيقافها.

وتتدهور آلية مثيلة الحمض النووي التي تنظم نشاط الجين بمرور الوقت، لذا يمكن أن يخبرنا نمط هذا التدهور، أي مناطق الجسم أكثر تأثرًا بمدى سرعة شيخوخة الخلايا والأنسجة، فيما تعتمد الساعات الأخرى التي تقيم العمر على توزيع البروتين في الدم أو عدد مرات تقسيم الخلايا الجذعية.

تطبيقات التكنولوجيا

أصبحت أبحاث الشيخوخة سائدة، ولكن كانت إحدى مشكلات هذا المجال دائمًا، أننا نعرف بالضبط ما هو العمر البيولوجي، ولا توجد طريقة موضوعية لتعريفه كميًا. ولكن أبحاث هان، بالإضافة إلى العمل الجاري في مختبرات أخرى، يشير إلى أننا نخطو خطوات كبيرة لتضييق فجوة المعلومات هذه.

ووفقاً للخبراء، فإن مجرد القدرة على قياس الشيخوخة هي بالفعل قفزة كبيرة إلى الأمام وستلعب دورًا مهمًا في الدراسات التي تبحث هذا الأمر، إذ يمكن لشركات الأدوية استخدام الأداة لتقييم الأدوية التي تعزز طول العمر أو تبطئها.

إقرأ أيضاً:  طرق لمنع فرط التصبغ في فصل الشتاء
 

وعلى سبيل المثال، ونظرًا لأن السرطان يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالعمر، إذا أظهر شخص ما علامات الشيخوخة المتسارعة، يمكن للأطباء أن يكونوا أكثر استباقية في الفحص، إذ إن الشيخوخة هي السبب الجذري لما نسبته 80 % من الأمراض.

ويمكن للأطباء أيضًا أن يدمجوا العمر البيولوجي كأحد الاختبارات المدرجة في اختبارات الجسم السنوية مثل اختبارات الكوليسترول أو قياسات ضغط الدم.

وعلى عكس الساعات الأخرى التي تتطلب عينات دم أو أنسجة وتحاليل مكلفة للتنفيذ، فإن ساعة الوجه اقتصادية نسبيًا وغير جراحية، وكل ما تتطلبه من المريض الجلوس لمدة دقيقة واحدة فقط أمام كاميرا تصوير ثلاثية الأبعاد.