منذ صغره، نشأ بين مواقع التصوير وخشبات المسرح واستديوهات الإذاعة، فهو من ينطبق عليه المثل الشهير «فرخ الوز عوام».. إنه الفنان الإماراتي مروان عبدالله صالح، ابن الفنان القدير عبدالله صالح، الذي يكشف - في هذا الحوار - أسباب غياب الصناعة الفنية الإماراتية، وميله إلى المسرح الذي تأسس فيه، كما يروي أسراراً عن أشهر أعماله فيلم «الكمين»، الذي حقق جماهيرياً إثر عرضه قبل أشهر عدة.. التقته «زهرة فن»; فكان هذا الحوار:

* ماذا يعنــي لك التكريم من جهـة إعلامية، مثل: «زهرة الخليج»، وشركة أبوظبي للإعلام؟

- في البداية.. شكراً جزيلاً لكم، ولـ«زهرة الخليج»، و«أبوظبي للإعلام»، على كل ما تقومون به، فهذه البادرة تكريم لكل ما نقوم به نحن فناني الإمارات، سواء المسرح أو الدراما، وكما يقال: «طيبتم خاطرنا»; لأننا ننتظر التكريم الذي سيقدم لنا، وكنتم كمن ربت على ظهورنا بعد التعب والعناء; لذلك شكراً لكم!

 

 

* مسيرتك طويلة وحافلة، فما المكان الذي تفتخر به، وتقول إنه سر نجاحك؟

- «أبوالفنون»، فأنا لا أنكر تربيتي ونشأتي وتأسيسي في المسرح منذ صغري، ومن أول عمل قدمته ووقفت فيه مع الفنان الكبير جابر نغموش، ومن إخراج حبيب غلوم، في مسرحية «المصير» عام 1987. بالنسبة لي عالم المسرح والتلفزيون ليس بالغريب; لأنني كنت أرافق والدي في كواليس كل أعماله المسرحية والتمثيلية. لكن الفضل الأساسي يعود إلى المسرح; فقد أسسني لأكون قادراً على مواجهة الجمهور، والوقوف أمام كاميرا التلفزيون دون تردد، وأرى نفسي «مسرحياً» بالمقام الأول، ثم فناناً متعدد المواهب.

* فيلم «الكمين» أدخلك في حالة نفسية معينة.. أخبرنا عن هذا الفيلم!

- أنا فخور جداً بهذه التجربة، فهي نتاج السنوات والتجارب والتراكمات، ومحاولات سابقة لإثبات نفسي وزملائي. نحن نتوج، اليوم، بأن نشارك في هذا العمل الكبير، الذي يبرز جهود القوات المسلحة وشهدائنا الأبرار، وهذا تكليف بالنسبة لنا. بدأنا في شهر ديسمبر 2019، مروراً إلى 2020، وفي أول أيام التصوير داهمتنا «كورونا»; فاضطررنا إلى أن نحبس أنفسنا بين الفندق وموقع التصوير في رأس الخيمة، وهو وادي نقب، وحرمنا رؤية أولادنا. لكن أن تؤدي شخصية حقيقية جسدها الشهيد «علي المسماري»، فهذه أمانة أحملها لبلدي والقوات المسلحة وأهل الشهيد. لقد تجاوزنا كل التوقعات، فهذا يعتبر أول عمل إماراتي يحطم الأرقام; فقد وصلنا إلى ماليزيا وكندا وأميركا، ومادامت هناك إمكانية يبقى هناك أمل، وإذا أنتج اليوم في الإمارات فيلم «الكمين»; فمعنى ذلك أنه ستكون هناك إنتاجات أخرى، لكن لا يجب أن ننتظر 10 سنوات لتقديم عمل يشبهه.

 

 

* هل تعتقد أن الفنان الإماراتي أخذ حقه محلياً وخليجياً؟

- الفنان الإماراتي مظلوم، ومؤخراً أصبح يعتمد على جهده الشخصي; ليصل إلى الناس من خلال «السوشيال ميديا»، وأقصد بكلمة «مظلوم» أنك لا ترى الفنان الإماراتي إلا في شهر رمضان، فهناك قلة في الأعمال، ولا أحد يعرف الأسباب، فلماذا يتم حصرنا في أعمال رمضان؟! فنحن نستمر في البحث عن أنفسنا طوال العام،  فهل يعقل أن المؤسسات لا تملك إمكانية الإنتاج إلا في شهر واحد فقط; بسبب وجود الداعمين؟.. نحن لدينا إمكانية وقدرة ومادة لصنع نجوم إماراتيين. للأسف، هناك أعمال إماراتية، لكن لا توجد صناعة إماراتية، وهذه هي المشكلة، فنحن معروفون، لكننا مشاهير فقط ولسنا نجوماً.

* ما الفرق بين المشاهير والنجوم؟

- المشهور يشار إليه بالمعرفة، فهو شخص مألوف للجمهور، بينما النجم له صفات معينة، كما يضمن أن له أعمالاً ومسلسلات وأفلاماً. بينما الممثل الإماراتي لا يضمن عمله في رمضان كلَّ عام.

* ما رسالتك اليوم من خلال «الكمين»، لما وصفته بـ«ضعف الإنتاج»؟

- نحن نقدر، ويجب ألا يتعذر المنتج الإماراتي بالميزانية; فلو كانت الفكرة مدروسة، وقدمت بشكل جيد، وأرسلت إلى الجهات المعنية، لن يتردد أحد في دعمك. نحن لدينا أفكار كثيرة، ولدينا قصص واقعية جميلة; فلماذا يلجأ المؤلف دائماً إلى خياله؟! هناك قصص كثيرة حدثت في الإمارات قبل وبعد تأسيس الدولة، فلماذا نذهب إلى قصص لا تشبهنا. ونجاح «الكمين» يعطي درساً لبعض الإنتاجات السينمائية التي كانت قليلة المستوى، ورغم أن رصيدي فيلمان فقط هما «راشد ورجب»، و«الكمين»، فإنني اعتذرت عن أفلام عرضت عليّ، لأنني دائماً أريد الوصول إلى مستوى معين في السينما، بعد عملي مع مخرج مثل محمد سعيد حارب، والمخرج بيير موريل، الذي قدم فيلم «Taken»; فيجب أن أنتقي أعمالي بدقة.

* تحدثت عن والدك الفنان القدير عبدالله صالح وقلت إنك رافقته في طفولتك.. ماذا أخذت من تجربته وفنه؟

- كما يقال: «سبع صنايع.. والبخت ضايع»، فهو يكتب الشعر، وباحث تراثي، وممثل وقائد فرقة ومخرج، وأنا أخذت هذه التركيبة منذ صغري، ولا أشعر بأنني أشبهه إلا اليوم من خلال زميليه أحمد الأنصاري وأحمد الجسمي، اللذين يقولان لي دائماً إنني أشبهه، فطباعي تشبه طباعه، والفرق الوحيد هو أن أبي خجول جداً في بعض المواقف، وأنا صريح جداً، فعبدالله صالح كنز وقامة فنية ومسرحية، وكل الشباب في مجال المسرح ينادونه بـ«أبي»، وأنا أعتز بهذا الأمر.

 

 

* ماذا تقول له، من خلال هذا الحوار؟

- أطال الله في عمرك «أبا مروان»، وأنت متقاعد وأرجوك أن تتفرغ تماماً للفن الذي تحبه، وأهم شيء أن تحافظ على صحتك; لأنه يهتم بعمله أكثر من صحته. واليوم لديه أحفاد (أبنائي)، فأطلب منه أن يخصص لهم وقتاً أسبوعياً لرؤيتهم بحكم مشاغلي.

* تصور مسلسل «أهل الــدار».. حدثنا عن هذا الدور!

- شخصيتي اسمها «راجح»، الذي يبحث عن وظيفة لكنه لا يملك أوراقاً ثبوتية، وهذه رسالة قوية من المؤلف والمنتج أحمد الجسمي الذي يتطرق إلى هذه الفئة، حيث إن هناك أناساً يعيشون على أرض هذه الدولة، ومن مواليدها، لكنهم لا يملكون أوراقاً ثبوتية لأسباب كثيرة، مثل: سجن الأب أثناء الولادة. و«راجح» يذهب في هذا الاتجاه، فهو مثقف، ويبحث عن وظيفة، ويلجأ إلى جهات عدة، وإلى شخصيات مثل «سعود» (أحمد الجسمي)، الذي يأخذ بيده، ويجعله يعمل في منزله.

* قدمت برامج كثيرة بجانب التمثيل.. ألا تشعر بالحنين إلى تقديم البرامج؟

- من أمتع الأمور التي قمت بها تقديم البرامج، ولديَّ تجربة مع أناس كبار، وأنا كنت أصغرهم، مثل برنامج «سوالفنا حلوة»، فقد كنت أصغر واحد بين المذيعين: مريم أمين، وفاطمة الطباخ، وريتا عون من لبنان، وأسماء كثيرة. وقد كنت آخذ راحتي في البرنامج أكثر من المسرح والتمثيل، والبعض يجدونني صاحب «كاريزما خاصة» في البرامج; إذ إنني لا أتقيد بالإعداد. لكن للأسف، في الآونة الأخيرة، اعتذرت عن تقديم البرامج التي عرضت عليَّ; لأنها تزامنت مع إنتاجات رمضان، وهذه مشكلتي; فالأعمال الفنية والبرامج تكون في الوقت ذاته. وأتمنى العودة ببرنامج قوي، بحكم أن اليوم يوجد شيء اسمه «بلاتفورم»، أو ما يسمى البث المباشر «بودكاست».