لا تكاد أسرة في هذا العالم تخلو من الخلافات التي تندلع بين الأبناء، وغالباً ما يحتار الأهل كيف يتعاملون معها وإن كانوا سيقفون بجانب أحد أبنائهم مقابل الآخر، أو أنهم يهرعون لمحاولة فض النزاع وإنهاء الخلاف على الفور ظناً منهم إن هذا هو التصرف الأمثل والذي ينعكس إيجاباً على تربيتهم لأبنائهم وبناتهم.
ولا بد من الإشارة إلى أن معظم خلافات الأبناء لا تتعدى كونها جدلاً يحل خلال وقت قصير، ولا يمتد طويلاً أو يأخذ إبعاداً أخرى، لكن بعض هذه النزاعات قد تصل حد الاشتباك في الأيدي فهل الأصح أن يتدخل الأهل أم يتوجب عليهم ترك أبنائهم يحلون خلافاتهم بنفسهم؟
يشير تقرير نشرته مجلة «أتر بارون» الفرنسية، للكاتبة شارون كابلوتو، ان الأهل يعانون قبل اتخاذ أي من القرارين المتمثلين بالتدخل للتحكيم وفض الخلاف أو الوقوف متفرجين عليهما، ومنحهما الفرصة لاتخاذ القرارات المناسبة لهما.
وتقول الكاتبة أن هذه الخلافات، ليست أمراً سيئاً دائماً، ولا مستهجناً او نادر الحدوث بل إنها تعد جزء من الروتين الرئيسي لعدد كبير من الأسر، وغالباً ما تبدأ لأسباب ساذجة كمن يلعب أولاً، أو من يأكل أكثر ومن يختار المشاهدة على التلفاز، كما أن هذا الخلاف يعد جزءاً رئيسياً من تنافس الأطفال على نيل رضا والديهم، وسعي كل واحد منهم لنيل الاهتمام الأكبر من قبل والده ووالدته.

 

 

دعهم يحلون خلافاتهم وحدهم
ترى الكاتبة أنه ليس من المنطقي أن يتدخل الآباء والأمهات في كل خلافات أطفالهما، مشيرةً بأن هذا الأمر يضر بعلاقتهما مع بعضهما، وقد يكون سبباً رئيسياً لإضعاف الرابط الأخوي، إذ ربما يعتقد كل واحد منهما أنه ليس المفضل لدى أبويه، ويؤثر هذا سلباً على طبيعة علاقته مع إخوته.
كما يؤكد التقرير بأن الخلافات بين الأبناء، وحلها من قبلهم يكسبهم مهارات حياتية هامة، ويمنحه القدرة على إدارة علاقاتهم الاجتماعية بطريقة أفضل وبناء شخصيتهم للمستقبل ليتمكنوا من حل خلافاتهم مع الآخرين في مختلف نواحي الحياة.

 

 

تدخلا بهذه الحالة
يلجأ الأطفال غالباً، وربما الكبار في كثير من الأحيان بطلب المساعدة من والديه، لنصرته ومعاقبة الآخر مثل أن يصرخ: «بابا.. اختي اخذت العابي».. «ماما شقيقي يضربني»، ويمكن هنا الاستمرار بعدم التدخل في حال استمر الخلاف طبيعياً.
تشير الكاتبة بأن التدخل يجب أن يتم في حال بدأ الخلاف يتحول لعنف، وهنا يجب التصرف بحسم وحزم مع تقديم النصائح الجادة، بأن العنف لم ولن يكن حلاً لأي خلاف، وأن عليهما نبذه دائماً وأبداً، وإيجاد طرق أخرى لحل مشاكلهما.

 

 

وفي هذا السياق يوصي خبراء الأسرة بالتحلي بالهدوء والثبات والتحدث بصوت هادئ وبطيء وهو الذي يكون ذو تأثير أكبر على الأبناء، مع أهمية الحديث حسب عمر الأبناء وبأسلوب بسيط يفهمونه دون أي تعقيدات.
وتؤكد الكاتبة الفرنسية انه يجب معرفة أسباب الخلاف دائماً سواء كان صغيراً أو كبيراً، والبدء بمحاولة إجراء حوار هادئ والالتزام بالحياد، بهدف تعزيز لغة الحوار ونبذ لغة العنف.
وتختم الكاتبة تقريرها بالتأكيد وتفضيل عدم التدخل في خلافات الأبناء إطلاقاً، إلا في حال وجود عنف وهو أمر يتطلب تدخلاً فورياً دون أي تأخير.