حب الذات تصالح مع النفس على طريق السعادة

إذا نظرنا إلى الحب نظرة ثاقبة؛ فسنجد أنه كألوان الطيف، يتدرج في أولوياته من حبنا لله، وديننا، ووالدينا وأبنائنا وأسرتنا وأصدقائنا. والوجه الآخر لهذا الحب ينتقل من الروح إلى الماديات، كحب المال والطبيعة والرحلات والكثير من مغريات الحياة، لكننا ننسى - في الأغلب - أهم أنواع الحب، وهو «حب الذات»، وقد لو

إذا نظرنا إلى الحب نظرة ثاقبة؛ فسنجد أنه كألوان الطيف، يتدرج في أولوياته من حبنا لله، وديننا، ووالدينا وأبنائنا وأسرتنا وأصدقائنا. والوجه الآخر لهذا الحب ينتقل من الروح إلى الماديات، كحب المال والطبيعة والرحلات والكثير من مغريات الحياة، لكننا ننسى - في الأغلب - أهم أنواع الحب، وهو «حب الذات»، وقد لوثه البعض حينما ربطوه بالأنانية والتعصب، لاسيما أن الفرق بين حب الذات والأنانية دقيق جداً، كما أوضح المختصون.

دائماً، نستظل بمظلة الإيثار، ونحب الخير والعطاء للآخرين، وننسى حق النفس البشرية علينا، ونضحي بمشاعرنا دون النظر إلى ما تتركه التضحيات من دمار نفسي وتهشم لدواخلنا. هنا، نحتاج إلى وقفة مع أنفسنا؛ لنتعرف إلى أهمية إطلاق العنان لأرواحنا؛ كي نحب أنفسنا كما هي، دون قيد أو شرط. 

استطلعت «زهرة الخليج» رأي شريحة من المتخصصين في علم النفس وتطوير الذات؛ للتعرف إلى كيفية الوصول إلى سلامنا الداخلي، وبالتالي استشعار السعادة الحقيقية، مؤكدين أن التصالح مع النفس هو السبيل للحصول على جودة الحياة، والاستمتاع بكل لحظة فيها؛ فكان التحقيق التالي.

في البداية، تقول مدربة تطوير الذات والسلام الداخلي، الدكتورة دانة الرحبي: كلما زادت معرفتك بنفسك، ووعيك بالحياة؛ زاد امتنانك وحبك لها، فهي سلسلة متصلة ومترابطة، فعندما أعلم من أنا، وما معتقداتي في الحياة، وأحدد أهدافي، سوف أحب نفسي، وأصل إلى مرحلة الراحة النفسية والسلام الداخلي والتصالح مع الذات، مشيرة إلى أن البعض قد يربطون حب الذات بشراء الكماليات والمنتجات الاستهلاكية، لكن في الحقيقة إن حب الذات أمر أعمق من ذلك بكثير.

وتعرف الرحبي حب الذات، دون شرط أو قيد، بأنه القدرة على الوصول إلى أعمق نقطة داخلنا، واحتواء الجانب المضيء، وتقبل الجانب المظلم، وسيحدث ذلك عندما نستطيع التعرف إلى العيوب وتقبلها والتصالح معها، وسنخوض - بالتأكيد - الكثير من التجارب، خلال رحلة اكتشاف الذات، والتخلص من المشاعر السلبية والذكريات المؤلمة.

رحلة الشفاء

وعن كيفية التصالح مع النفس، وعبور رحلة الاستشفاء بسلام، توضح: اسأل نفسك عن سبب أي مشاعر سلبية بداخلك، وحاول أن تجد الإجابة الصحيحة، حتى تستطيع الوصول إلى جذر المشكلة، ثم ابدأ في التحرر من طاقتك السلبية بطرق عدة، منها: التأمل في الذات، حضور جلسات الاستشفاء بالصوت، والاستشفاء بالكاكاو (الاستعانة بنبتة الكاكاو الأصلية، حيث كانت تستخدم قديماً كدواء طارد لسموم الجسم، وبالتالي التخلص من الطاقة السلبية)، والاستشفاء من خلال تدريبات التنفس، والاستشفاء بالتدوين والكتابة، والقراءة، خاصة بتنمية وتطوير الذات.

  • دانة الرحبي

وهناك طرق عدة تمكننا من مسامحة أنفسنا، وعدم إيلام ذاتنا (جلد الذات)، تقول عنها الرحبي: «تدريب الامتنان» إحدى الطرق المهمة لمسامحة النفس، وفيها يمكن للشخص الاسترخاء في خلوة مع النفس بشكل يومي، ولو لمدة عشر دقائق، يكتب فيها قائمة بالأشياء التي تسبب شعوره بالامتنان، والأشياء الإيجابية التي تجلب السعادة إلى قلبه؛ فكل واحد فينا يعرف جيداً ما يجعله ممتناً في الحياة. فمثلاً، أكون ممتنة لأنني بصحة جيدة، وممتنة لفنجان القهوة الذي يضبط مزاجي، وممتنة لوجود أبنائي من حولي.. وهكذا. فالتركيز على الأشياء، التي تكون ممتناً لها تغير ترددات طاقتك من سلبية إلى إيجابية، فيزيد ذلك فرصة احتواء النفس ومسامحتها.

أيضاً، من الأمور التي تساعدنا على التصالح مع الذات - بحسب الرحبي - «التوكيدات الإيجابية»، وهي جمل بسيطة بفعل الحاضر، أكررها على نفسي، يومياً. فمثلاً، أتحدث إلى نفسي، قائلاً: أقبل نفسي كما هي، أحب نفسي بكل جوانبها، أنا مؤمن بقدراتي الكامنة. علينا أن نعلم أن جلسات الاستشفاء تساعدنا على فتح الأبواب المغلقة منذ سنوات في عقلنا الباطن، مثل الذكريات القديمة المؤلمة، التي تعتبر طاقة ساكنة كامنة داخلنا، وتأخذ حيزاً من محيط حياتنا دون فائدة؛ لذلك علينا التخلص منها فوراً، ورغم أن رحلة الاستشفاء بها الكثير من التحديات، فإنها - في النهاية - ستصل بنا إلى أول طريق التصالح مع النفس، والاستمتاع بجودة الحياة، وقبول أنفسنا دون قيد أو شرط.

عدم الرضا

من بين الأسباب، التي قد تجعل البعض في حالة من عدم الرضا عن النفس، وعدم تقبلها، وهي حالة موجودة في المجتمع المحيط بنا، ويطلق عليها في علم النفس اضطراب تشوه الجسد، تقول عنها الدكتورة نسرين السعدوني، استشاري ورئيس قسم الطب النفسي بمستشفى ميدكلينك في أبوظبي، أستاذ مساعد الطب النفسي بجامعة المنصورة، بأنها حالة من عدم رضا الإنسان عن مظهره، خاصة ملامحه، وعدم تقبلها، وبالتالي عدم التوقف عن التفكير في واحد أو أكثر من العيوب أو النقائص التي يتصورها عن مظهره، وهي في الأساس عيوب بسيطة، قد لا يراها الآخرون، ويقوم بمقارنة نفسه بالآخرين، ما يجعله دائماً في حالة حرج وتوتر؛ إذا وجد في مكان مزدحم.

  • الدكتورة نسرين السعدوني

 

 

وتضيف: هنا يكون قد وصل الشخص إلى مرض نفسي يطلق عليه «الوسواس». وإذا لم يتم علاجه من الممكن أن يتحول إلى مرض أخطر يطلق عليه «الذهان». وهنا، سيذهب صاحب تلك الشخصية إلى طبيب أو أكثر؛ لمعالجة العيب الذي يراه (ليجري الكثير من العمليات؛ للتخلص من هذا العيب)، وقد يعرَّض نفسه لمخاطر العمليات، بالإضافة إلى خسارة المال والوقت والجهد!

وتنصح السعدوني من يشعر بذلك الاضطراب باللجوء إلى الطبيب النفسي؛ للوقوف على المشكلة، ووضع الحلول اللازمة للتخلص من تلك الأفكار التي تسيطر عليه، من خلال العلاج السلوكي أولاً؛ لمعرفة أصل ذلك التفكير وأسبابه الذي قد يرجع إلى مشكلة قد تعرض لها في مرحلة الطفولة، أيضاً قد يكون السبب تزايد الضغوط بسبب التقدم التكنولوجي، لاسيما وقد بتنا نشاهد «الفلتر»، الذي يستخدمه الكثيرون خلال التصوير، وبالتالي يرغب الشخص المصاب بهذا الاضطراب في أن تكون حقيقة ملامحه مثل الفلتر، الذي يجمل الشكل ويغيره.

 


نجوم تغيّر شكلهم..

وآخرون شعارهم «الجمال الطبيعي»

هناك عدد من النجوم، الذين عايشوا اضطراب تشوه الذات، وقد رفض بعضهم شكلهم الطبيعي؛ فأصبحوا أشخاصاً آخرين بعد إجراء الكثير من عمليات التجميل.

  • مايكل جاكسون

عانى مايكل جاكسون اضطراب تشوه الجسد كثيراً طوال حياته، وقد شاهدناه يجري عملية تجميلية تلو أخرى؛ ليتخلص من بشرته السمراء، أو لتجميل الأنف وتصغيره. أما كيم كارداشيان فظهرت في أحد اللقاءات التلفزيونية، وهي تصرح بأنها تعاني اضطراب تشوه الجسد، وأنها تفكر كثيراً في سماكة بشرتها، وأنها لا تستطيع تخطي الأمر، والتغلب عليه. كما صرحت الممثلة البريطانية جميلة جميل بأنها عانت  اضطراب تشوه الجسد منذ طفولتها، وتحديداً في مرحلة المراهقة؛ فقد عاشت فترة عصيبة؛ كانت خلالها تخشى النظر في المرآة.

في المقابل، هناك عدد كبير من النجوم والنجمات، العرب والأجانب، رفضوا عمليات التجميل، ورفعوا شعار «الجمال الطبيعي»، منهم: الفنانة المصرية سوسن بدر، التي تتباهى بالتجاعيد في بشرتها، وبلون شعرها الأبيض، وقالت في أحد اللقاءات التلفزيونية: قررت الحفاظ على شكلي، فأنا أهتم ببشرتي، لكنني غير مهتمة بأن أمحو من عليها سنوات عمري. أحب حياتي كما هي، وعمري كما هو الآن، ولا أرغب في أن أكون في الستين، وأحول مظهري إلى فتاة في عمر الثلاثين، فكل خط في وجهي يعبر عن حياتي، وتفاصيلها.

الفنانة هند صبري تعشق أيضاً مظهر شكلها الطبيعي، وكثيراً ما تطل على متابعيها، من خلال صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، دون استخدام أي مكياج أو فلتر، ولم تفكر يوماً في إجراء أي عملية تجميلية، بشكل عام، أو حتى تجميل أسنانها التي يطالبها البعض بتعديلها، حيث قالت في أحد تصريحاتها: «شكل أسناني يميزني عن بقية النجمات، وهو ما أحب الحفاظ عليه».

  • جينيفر لوبيز

عالمياً.. عرفت النجمة جينيفر لوبيز بجمالها الجذاب، منذ أن أطلت على الشاشة، فهي تضع أحياناً بعض مساحيق التجميل بشكل بسيط، لكنها لا تشجع عمليات التجميل، وكثيراً ما تفضل نشر صورها على مواقع التواصل دون مكياج، مهما كبرت في السن، مؤكدة أنها تصبح أجمل؛ كلما طال بها العمر. كما تحدثت النجمة السينمائية، دريو باريمور، في أحد البرامج التلفزيونية عن الشيخوخة، قائلة: أنا أكره كلمة «مكافحة الشيخوخة»، هناك إبادة جماعية للجمال الطبيعي حول العالم، لا أوجه أصابع الاتهام إلى شخص ما، لكن هناك أشخاص مزيفون يبيعون الوهم للنساء كبيرات السن؛ للتلاعب بمظهرهن الطبيعي؛ فيصبحن سيدات أخريات، وهنا نفتقر إلى الجمال الحقيقي، إذ يصبحن متشابهات.

هل تحبين ذاتك دون شروط؟

أعطي نفسك 10 علامات عند كل إجابة بـ(نعم). 

1.  لا أشعر بالغيرة؛ إذا قابلت من هي أجمل مني.

2.  أشعر بسعادة غامرة؛ عندما أختلط بالناس في الحفلات والمناسبات العامة.

3.  عندما أنظر في المرآة؛ أشعر بأنني امرأة جميلة.

4.  أستطيع تخطي الفشل، وأكرر المحاولة.

5.  لا أندم على أحداث الماضي، ولا أجلد ذاتي.

6.  أذهب في نزهة بمفردي في بعض الأحيان، وأستمتع بأوقاتي. 

7.  حينما يحدق أحدهم في تفاصيل وجهي؛ لا أشعر بالقلق. 

8.  لا أفكر في إجراء أي عمليات تجميلية، وأتقبل شكلي كما هو.

9.  أقدر نفسي ومهاراتي وقدراتي الإبداعية، التي أتميز بها عن الآخرين.

10.  ممتنة لوجود الكثير من الأمور الإيجابية في حياتي، مهما كانت بسيطة.

النتيجة:

من 10 – 30  أنت بحاجة شديدة إلى أن تحبي نفسك.

من 30 – 60  أنت في مرحلة مقبولة، لكنك تحتاجين إلى العمل على تطوير حبك لذاتك.

من 60 – 100  أنت شخصية بارعة، متصالحة مع نفسك وتقدرينها.