يعد فيروس الورم الحليمي البشري أكثر أنواع العدوى الفيروسية شيوعاً في الجهاز التناسلي ويسبب مجموعة من الحالات المرضية المتفاوتة في الخطورة عند الرجال والنساء. يوجد أكثر من 30 نمطاً وراثياً للعدوى، الكثير منها لا يعتبر على درجة عالية من الخطورة، إلا أن بعض سلالات فيروس الورم الحليمي البشري تعتبر "خطرة جداً" - كفيروس الورم الحليمي البشري 16 و18 وذلك لأنها تتطور إلى سرطان عنق الرحم. في حين أن معظم الأشخاص في عمر الزواج وما بعد (النشطين جنسياً) سيصابون بالعدوى في مرحلة ما من حياتهم، إلا أن الخطر الحقيقي يحدّق بالنساء حيث يمكن أن تتطوّر الإصابة عندهن إلى سرطان عنق الرحم، والذي يقتل سيدة كلّ دقيقتين. 

تنتج أكثر من 95٪ من حالات سرطان عنق الرحم عن الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري. ومع ذلك، يمكن الوقاية من هذا السرطان في الغالب من خلال التطعيم، ويمكن للقاحات فيروس الورم الحليمي البشري الآمنة والفعالة أن تمنع ما يصل إلى 90٪ من جميع حالات سرطان عنق الرحم. لذا لا بد من حماية الفتيات والنساء من هذا المرض الفتاك الذي يمكن الوقاية منه بالتطعيم. على الرغم من الجهود الحثيثة، وبرامج التلقيح المحلية لا بد من تكثيف جهود التلقيح في كافة أنحاء العالم.

العمر الأنسب لتلقي اللقاح، ومدة الحماية

بالنسبة للنساء فوق سن الثلاثين، توصي منظمة الصحة العالمية بإجراء فحوص اختبار دورية كل 5 إلى 10 سنوات. ومن المهم جداً الخضوع للفحص لأنه إذا تم الكشف عن عدوى فيروس الورم الحليمي البشري وآفات ما قبل السرطانية، فيمكن علاجها بسهولة، ويمكن تجنب الإصابة بالسرطان. وإذا ما تم اكتشاف السرطان في مرحلة مبكرة، فهناك احتمال كبير بأن يزيل العلاج الخلايا السرطانية تماماً. 

تعتبر جميع لقاحات فيروس الورم الحليمي البشري المرخصة من قبل منظمة الصحة العالمية فعالة للغاية، وتوفر حماية طويلة الأمد وتقلل بشكل كبير (90%) من خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم والحالات المرضية الأخرى المرتبطة بفيروس الورم الحليمي البشري. إلى ذلك، تشير الدراسات إلى أن الحماية التي يوفرها اللقاح ذي الجرعة الواحدة طويلة الأجل ولا تختلف عن تلك التي يوفرها اللقاح ذو الجرعتين.

 

تشير الدراسات إلى أن سرطان عنق الرحم خامس أكثر أنواع السرطانات شيوعاً بين النساء في الإمارات العربية المتحدة والثامن الأكثر شيوعاً بين النساء في المملكة العربية السعودية. هذا على الرغم من العديد من برامج التوعية المحلية وإدراج كلّ منهما (بالإضافة إلى المغرب، وليبيا في المنطقة) لقاح فيروس الورم الحليمي البشري في برامج التحصين الروتينية المحلية.  

 

مائة عام لا تكفي للقضاء على سرطان عنق الرحم!

في 2021، أطلقت منظمة الصحة العالمية هدفاً طموحاً للقضاء على سرطان عنق الرحم. وحتى نتمكن من تحقيق هذا الهدف، ستحتاج كافة دول العالم إلى ضمان تلقيح 90٪ من الفتيات بالكامل بلقاح فيروس الورم الحليمي البشري بحلول سن 15 عاماً، وأن يتم فحص 70٪ من النساء باختبار عالي الأداء بحلول 35 عاماً ثم بعد ذلك مرة أخرى بحلول 45. كما لا بد من التأكد من أن تتلقى 90٪ من النساء المصابات بمرض عنق الرحم العلاج بحلول عام 2030.

إذا ما تم كلّ ما سبق، تقدر منظمة الصحة العالمية أن ينخفض متوسط معدل الإصابة بسرطان عنق الرحم بنسبة 42٪ بحلول عام 2045، وبنسبة 97٪ بحلول عام 2120. لذا وفي حين أن هذا ليس إقصاءً تاماً، إلا أنه سيساعد في إنقاذ ملايين الأرواح. من المهم زيادة وتسهيل الوصول إلى اللقاحات المنقذة للحياة، فسرطان عنق الرحم هو أحد أنواع السرطان القليلة التي يمكننا الوقاية منها بالإرادة السياسية والتمويل والدعوة والدعم.