مُنحت الدكتورة رئيفة أبو خزام جائزة عام 2022 عن فئة الباحثات العلميات ما بعد الدكتوراه، من قبل «برنامج الشرق الأوسط الإقليمي للباحثات الصاعدات لوريال - اليونيسكو من أجل المرأة في العلم»، في دورته التاسعة على التوالي، بالشراكة مع جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا. بالإضافة إلى عالِمَتين عن الفئة نفسها، وعالمتين عن فئة الباحثات من طالبات الدكتوراه، وجميعهن يتمتعن برؤية مستقبلية ثاقبة، ومن دول مجلس التعاون الخليجي. ولدت الدكتورة رئيفة أبو خزام في لبنان، حيث أجرت معظم دراساتها، وحصلت على الدكتوراه في علم الأحياء الخلوي والجزيئي من جامعة بافيا في إيطاليا، إلى أن انتقلت إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، والتحقت بمعهد «ثومبي» لأبحاث الطب الدقيق في جامعة الخليج الطبية، ما مكنها من الاستفادة من التقدم في المجال البحثي الذي تشهده الدولة، وأن تكون جزءاً منه.. نتعرف - في حوارنا معها - إلى رحلتها، واكتشافها الذي فازت بموجبه بالجائزة عن بحثها حول استكشاف استراتيجيات علاجية جديدة لمواجهة نمو سرطان البنكرياس وتطوره، وحصلت على منحة تقديرية بقيمة 20 ألف يورو؛ لدعمها في متابعة أبحاثها:

• لماذا اخترت طريق البحث العلمي؟ ومتى بدأت رحلتك في هذا المجال؟ 

- عندما بلغت مرحلة النضج، كنت دائماً أشعر بالفضول حول كيفية عمل الأشياء، وما الذي يجعلنا نتحرك. وتنامى هذا الفضول لديَّ، خلال السنوات التي أمضيتها في الجامعة اللبنانية، حيث أصبحت مهتمة للغاية بمرض السرطان، وهو من بين أمراض عدة عصية علينا باستمرار. ومن هذا المنطلق، واصلت الحصول على درجة الماجستير في «بيولوجيا السرطان»، وبعد فوزي بمنحة دراسية تدعمها مؤسسة «Erasmus Mundus Dunia Beam Project»، حصلت على درجة الدكتوراه في إيطاليا. كانت تلك تجربة رائعة، فتحت عينيّ بالفعل على مدى أهمية البحث العلمي. ومكثت عاماً آخر في إيطاليا؛ لإكمال الزمالة الممنوحة من معهد علم الوراثة الجزيئي، التابع لمجلس البحوث الوطني (IGM-CNR). ثم انتقلت إلى دولة إلى الإمارات العربية المتحدة، وانضممت إلى معهد ثومبي لأبحاث الطب الدقيق (TRIPM) في جامعة الخليج الطبية (GMU)، ما مكنني من الاستفادة من التقدم في المجال البحثي، الذي يشهده هذا البلد، وأن أكون جزءاً منه.

• لماذا تركزت أبحاثك على سرطان البنكرياس.. تحديداً؟

- لقد اخترت مجال الأبحاث السرطانية؛ رغبةً مني في إحداث تغيير في حياة المصابين بهذا المرض. ومنذ البداية، ركزت بحثي على سرطانات الجهاز الهضمي، ودرست سرطان القولون والمستقيم والمعدة، وبحثت العوامل التي يمكن أن تميز الأورام؛ بناءً على مرحلة المرض، واستقصاء الجينات المهيئة لتلك الأمراض، والعوامل الجديدة المحتملة المرتبطة بحدوثها. واكتشفت أن سرطان البنكرياس لم يكن خاضعاً للدراسة بالشكل الكافي، رغم أنه مرض قاتل. في الواقع، إن المرضى، الذين يعانون هذا المرض في مرحلة متقدمة، لديهم معدلات بقاء على قيد الحياة لمدة 5 سنوات، ويمكن أن تنخفض إلى 2.9%. إن هذه الفجوة - انطلاقاً من مفهومنا، ورعايتنا للمرضى الذين يعانون سرطان البنكرياس - وضعت هذا المرض في منظوره الصحيح بالنسبة لي، ما جعلني أبذل المزيد من الجهود في هذا المجال، وهذا ما كنت أحاول القيام به. 

تحديات.. وجائزة

• كم الوقت المستغرق لاكتشافك؟ وإلى أين تتوقعين أن تصلي في نهاية المطاف؟

- لن أسمي ذلك اكتشافي، ولا أعتقد أن هذا الشيء من شأنه أن ينتهي؛ إذ إنه بحث يتطلب عملاً جماعياً، وإلهاماً نستمده من الآخرين ودعمهم لأفكارنا، والأهم من ذلك التعاون معهم. ولطالما تيقّنت أن هذا المشروع بأكمله يقوم على التعاون الرائع، والفرص التي قُدمت إليَّ في معهد أبحاث ثومبي للطب الدقيق (TRIPM)، وجامعة الخليج الطبية (GMU)، وتبنّي ثقافة البحث التي يوفرانها. وأتوقع أن يرسي هذا البحث أسس استراتيجيات العلاج المحسنة لمرضى سرطان البنكرياس، وتزويدهم بعلاج يمكن أن يعزز بقاءهم على قيد الحياة، ونوعية حياتهم.

• ما التحديات التي واجهتك أثناء القيام ببحثك؟

- هنالك دائماً تحديات تواجهنا في مجالات البحث، أبرزها: التزام الشخص ومثابرته وإرادته التي تعتبر ضرورية لحضنا على متابعة العمل. ويكمن أبرز التحديات، أيضاً، في مسألة التمويل. ويوجد بالفعل عدد محدود من المؤسسات، التي تمول أبحاث السرطان في المنطقة. وبالنسبة لي، أنا أعمل في جامعة الخليج الطبية، وأعتبر محظوظة لأن البحث ركيزة مهمة بها، والتمويل الداخلي متاح للمشاريع التنافسية. وعلى الرغم من ذلك، فإن هناك حاجة إلى المزيد من المبادرات، مثل تلك التي يقودها برنامج «لوريال – اليونيسكو»، بهدف إحياء تطلعات الباحثين المجتهدين، وزيادة تشجيع ودعم تطوير أبحاث السرطان في المنطقة. 

• ما شعورك لحظة تسلمك جائزة عام 2022، عن فئة الباحثات العلميات ما بعد الدكتوراه؟ 

- لقد شعرت بفرحة عارمة، ولم أصدق أن ذلك قد حدث أخيراً؛ كوني أصبحت جزءاً من برنامج الشرق الأوسط الإقليمي للباحثات الصاعدات لوريال - اليونيسكو من أجل المرأة في العلم، وهذا الأمر يسعدني كثيراً، ويعطيني دافعاً قوياً. كنت متعطّشة لهذه الشهادة، فالبقاء متحمّسة والإيمان بنفسك قد يصبحان أمراً شاقاً في بعض الأوقات، ومع كفاحاتي في الحياة كنت بحاجة بالفعل إلى الفوز، وقد تحقق ذلك بأفضل طريقة ممكنة مع هذه الجائزة. 

طموح.. ونصيحة

• هل كنت تتوقعين أن ينال بحثك هذا التقدير والتنويه؟

- في الواقع، لم أكن أتوقع ذلك على الإطلاق. كنت أتمنى بشدة أن يكون البحث الذي قدمته جيداً بما فيه الكفاية. وهذه هي الحال بالنسبة لمعظم الباحثين الشباب، لذا يجب أن نستمر في المحاولة. أشعر، حقاً، بامتنان كبير لتشجيع الباحثين في معهد أبحاث ثومبي للطب الدقيق (TRIPM)، والمدير الذي وثق بقدراتي دائماً. وعلى الرغم من أنني شعرت بأن هناك أهمية كبيرة بالنسبة للبحث الذي قدمته، فإن هناك العديدات من الباحثات الموهوبات في المنطقة، وهو أمر رائع بالطبع، لكنه - في الحقيقة - يتركك لا تعرف ما إذا كان عملك سيكون جيداً بما فيه الكفاية. لحسن الحظ قد تحقق ذلك! لكن يجب أن أنصح كل أولئك الذين استسلموا، ولم ينجحوا، بأن يلتقطوا أنفاسهم، وينفضوا الغبار عن أفكارهم، ويحاولوا مرة أخرى، وأن يعملوا للوصول إلى الأعلى، وإلى أبعد من ذلك، وهذا هو السبب في أنني أقدمت على ذلك، ونجحت.

• ما الذي تطمحين إليه.. بعد الجائزة؟ 

- إن طموحي راسخ بعمق في الرؤية المتجذّرة لهذا المشروع، وما تم اقتراحه هو مجرد بداية لهدف متعدد الخطوات، يعمل على تحسين نتائج مرضى سرطان البنكرياس في جوهره. وسأجرؤ على المضي قدماً في ذلك، على أمل أن الفوز هذا العام بهذه الجائزة يعني أن المزيد من هيئات التمويل ستكون مهتمة بتوفير الدعم. في نهاية المطاف، أود أن أدير مختبري الخاص، المخصص لفهم ومعالجة سرطان البنكرياس بشكل أفضل.

• كملهمة لغيرك.. بماذا تنصحين النساء المهتمات بالأبحاث؟ 

- نصيحتي الوحيدة للجيل القادم من العالمات، هي عدم التخلي عن أهدافهن. فإذا كنت تطمحين إلى أن تكوني ناشطة في مجال البحث، فتأكدي من أنه من خلال التفاني والعمل الجاد يمكنك تحقيق مسيرة ناجحة. إن العلم مجتمع يزدهر من خلال العمل الجماعي، والاكتشاف المشترك. لذا، ستجدين الدعم والمساعدة اللازمين على طول الطريق. فلا تكوني مُثبطة العزيمة؛ فبإمكانك أيضاً اختيار أن تكوني جزءاً من التغيير، وزيادة تمثيل النساء في هذا المجال.