على الضفة اليسرى من نهر السين، وفي قلب منطقة «سان جيرمان دو بري» الشهيرة بمتاحفها وحدائقها ومطاعمها الفخمة والعريقة، يقع فندق «لوتيسيا» (Lutetia)، الفندق الوحيد في هذه الناحية من مدينة باريس، الذي منحته الحكومة الفرنسية وسام القصر، لقيمته التاريخية والتراثية، وموقعه الجغرافي، وخدماته الاستثنائية.

وقد شكّل هذا الفندق، منذ عام 1910، عنوان الإقامة الباريسية الفخمة، واستقبل في ربوعه شخصيات كبيرة من عالم السياسة والفن والسينما والموضة، إذ اختاره الجنرال الفرنسي شارل ديغول وزوجته؛ ليكون مسرحاً لسهرة حفل زفافهما في 7 أبريل 1921، كما عقد فيه الزعماء السياسيون: نيكيتا خروتشوف، جورج بومبيدو، فرانسوا ميتران، وجاك شيراك، اجتماعات سياسية مهمة.

 

 

واستضاف الفندق، أيضاً، الرسام بابلو بيكاسو، والكاتب إيرنست هيمنغواي، وألبير كامو، والمصمم إيف سان لوران.. واحتفاء بضيوفه البارزين؛ خصص الفندق أجنحة لبعضهم، وأطلق مشروعاً، يتم التعاون فيه مع الشخصيات البارزة من ضيوف الفندق؛ لتصميم جناح خاص، مثل «بنتهاوس سان جيرمان من كوبولا»، الذي يضم أعمالاً فنية من مجموعة المخرج السينمائي فرانسيس فورد كوبولا الخاصة، وبعض التذكارات من أبرز أفلامه، إذ يعتبر كوبولا وابنته صوفيا من نزلاء الفندق الدائمين. 

وتكريماً للممثلة الفرنسية الشهيرة إيزابيل هوبيرت، خصص الفندق جناحاً باسمها، استوحيت تفاصيله من روح الخياطة الراقية التي تشتهر بها باريس، واستلهم تصميمه من الشقق الباريسية الفخمة.   

 

 

إطلالات خلابة

إضافة إلى هذين الجناحين الخلابين، يضم الفندق 6 أجنحة أخرى، يتميز كلٌّ منها بطابع خاص واستثنائي، منها جناح جوزفين بيكر، الذي يحتفي بواحدة من أهم فنانات الزمن الفرنسي الجميل، وهو يضم تراسين وأعمالاً فنية تحتفي ببيكر وتاريخها في عالم الاستعراض والغناء.ومن الأجنحة المميزة في الفندق، جناح «Suite L’Atelier»، الذي استلهم تصميمه من حي سان جيرمان، الذي يتميز بشاعريته ورومانسيته، ويحتوي أيضاً على تراسين، مع إطلالة على منظر رائع لمدينة باريس. أما جناح «Amour»، فيقع في أعلى نقطة في الفندق، ويتميز بإطلالته الفريدة على العاصمة وبرجها الشهير إيفل. 

ولمحبي الأدب والكتابة، يقدم جناح كتّاب إيفل Eiffel Writer، تجربة أدبية ساحرة، إذ يضم مكتبة خاصة اختيرت عناوين كتبها بعناية، إضافة إلى مكتب يطل على برج إيفل، لتحفيز المخيلة، وزيادة الإلهام. 

وفي «بينتهاوس برج إيفل»، الذي يضم 7 غرف فريدة من نوعها، يشعر الضيف بأنه أمام منافسة لاستعراض أجمل إطلالة على العاصمة الفرنسية.  والراغبون في الاستمتاع بروح المكان، والضفة اليسرى من مدينة باريس، يمكنهم الإقامة في الجناح الرئاسي «كاريه ريف غوش»، وهو أكبر جناح في فندق لوتيسيا، إذ تبلغ مساحته 196 متراً، وتم تصميمه بالتعاون مع جمعية «Carre Rive Gauche»، التي تضم مجموعة من أبرز تجار الأعمال الفنية في المنطقة، ما جعل الجناح بمثابة متحف فني خاص، يضم مجموعة من التحف الفنية النادرة، التي جعلت الفندق يستحق نيل وسام القصر. 

 

 

إعادة تأهيل

خضع فندق Lutetia، التابع لمجموعة «The Set»، لإعادة تأهيل امتدت إلى أربع سنوات، قبل أن يعيد فتح أبوابه أمام ضيوفه عام 2018، ليقدم لهم تجربة إقامة استثنائية في أحضان التاريخ بلمسة عصرية، تعكس عناصر الحياة الباريسية الراقية، الغارقة في تفاصيل تاريخية مذهلة. 

وشكلت عملية إعادة تأهيل هذا المبنى، الذي بني بنمط الفن الجديد والآرت ديكو، تحدياً كبيراً بالنسبة لفريق العمل الذي قاده المهندس المعماري جان ميشال فيلموت، إذ كان الهدف إضفاء حيوية عصرية على المكان مع الحفاظ على هويته، وسحره الخاص، وفخامة الأجواء، لهذا ضم فريق العمل رسامين ونحاتين وحرفيين، عكفوا على ترميم العناصر التراثية من منحوتات وموزاييك وأباريز، واستعادة تلك التي اختفت بفعل الزمن، وعوامل أخرى. كما كشفت الأعمال عن جداريات رائعة مختبئة تحت طبقات من الطلاء، فجرت إعادة إحيائها بالكامل. ولم يقتصر الأمر على ذلك، فقد أراد المهندس المعماري أن يضفي مزيداً من الضوء على المكان، فتخلص من بعض الجدران والصالات، واستبدلها بحديقة جميلة، شكلت مصدر نور طبيعي لضيوف الفندق.

 

 

تناغم تام

ولأننا في زمن التكنولوجيا، كان لا بد من تزويد الفندق بأحدث الابتكارات التكنولوجية، التي تسهل على الضيوف إقامتهم. ولتناغم تام بين غرف وصالات المطعم كافة، حرص المهندس المعماري على تزويدها بالعناصر الجمالية الراقية، مثل: أحواض الرخام، والممرات المغطاة بالخشب اللماع، التي تذكر بداخل اليخوت الفخمة القديمة. 

وكل غرفة من غرفه الـ184، الموزعة على 7 طوابق، وكل زاوية في فندق Lutetia، تصلح لأن تتصدر صورها أغلفة المجلات العالمية. أما مطاعمه وردهته، فتحتضن روح المنطقة الغنية بالفنون الجميلة، وتشكل نقطة جامعة لكل محبي الفن الراقي، وحياة الرفاهية والجمال. 

وإلى جانب اهتمام فندق Lutetia برفاهية ضيوفه، في ما يتعلق بالمأكل والنوم، فهو أيضاً يهتم بصحتهم النفسية؛ لهذا حرص الفندق على تقديم أفضل تجربة «سبا» مع منتجع «أكاشا»، الذي يمتد على مساحة 700 متر مربع، وتعتمد فلسفته على عناصر الحياة الأربعة: الهواء، الأرض، والمياه، والنار. ويقدم «السبا» علاجات عناية بالبشرة والجسم، وتوجد غرف «ساونا»، وتدليك، وأحواض جاكوزي، وحوض سباحة ضخم بطول 17 متراً، الذي يعتبر ميزة نادرة في الفنادق الباريسية.