أشجار القرم حارسة الاستدامة في الإمارات

تملك دولة الإمارات العربية المتحدة إرثاً قيماً من الاستدامة، كان رائده المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إذ أدركت الدولة، وبوعي بيئي متقدم أهمية مساهمة غابات القرم في المحافظة على البيئة، فشجعت منذ عقود دعم نمو هذه الأشجار على سواحلها والتي تلعب دوراً كبيراً في مكافحة ال

تملك دولة الإمارات العربية المتحدة إرثاً قيماً من الاستدامة، كان رائده المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إذ أدركت الدولة، وبوعي بيئي متقدم أهمية مساهمة غابات القرم في المحافظة على البيئة، فشجعت منذ عقود دعم نمو هذه الأشجار على سواحلها والتي تلعب دوراً كبيراً في مكافحة الاحتباس الحراري والتلوث وإزالة الغابات وزيادة استهلاك المياه والترسبات، من خلال التزام وطني بزراعة مائة مليون من أشجار القرم بحلول عام 2030 للاستفادة من الحلول الطبيعية لمكافحة تغير المناخ، و ضمن جهود تنفيذ مبادرة الإمارات الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050.

 

 

أشجار القرم هي نظم إيكولوجية ساحلية ذات أهمية قصوى للبشر وللمحافظة على التنوع البيولوجي البحري والساحلي، لأنها توفر موطناً مناسباً للأنواع البرية والبحرية والساحلية. وكذلك تشكل مناطق تكاثر مهمة للعديد من الأنواع ولصيد الأسماك. بالإضافة إلى ذلك، فهي تشكل حاجزاً طبيعياً يحمي المجتمعات الساحلية من التقلبات المناخية المتطرفة مثل الأعاصير والفيضانات، وتثبيت السواحل وتقليل تآكل التربة.

تغطي أشجار القرم نحو 13616 ألف هكتار من مساحة دولة الإمارات بينها 10834 هكتاراً في إمارة أبوظبي، تليها إمارة أم القيوين ب 1877 هكتاراً، وإمارة رأس الخيمة بـ480 هكتاراً، وإمارة الشارقة 204 هكتارات، وإمارة عجمان 158 هكتاراً، ودبي 63 هكتاراً.

 

 

فوائد وخصائص

غابات القرم ليست جميلة فحسب بل إنها مفيدة أيضا، وذلك لأنها تدعم النظم البيئية الفريدة حيث إنها تمتص خمسة أضعاف ثاني أكسيد الكربون أكثر من أي نبات آخر. وهذا حل جيد ضد الاحتباس الحراري ومشاكل بيئية أخرى.

وتتميز أشجار القرم كذلك بمجموعة من الخصائص، مثل: تماسك جذورها وتشعبها وامتدادها في قاع البحر، مما يؤدي إلى عدم انجرافها بواسطة الأمواج، أوراقها سميكة وتخلو من الأشواك، تحمي البيئة البحرية التي تنمو فيها الطحالب، تسهم في تحسين جودة المياه المحيطة ونمو أنواع مختلفة من الشعاب المرجانية.

وتدخل أوراق نبات القرم في العديد من الصناعات الطبية والكيميائية، ويتراوح ارتفاعها ما بين مترين إلى أربعة أمتار وتجتذب أنواعاً كثيرة من الطيور البرية والبحرية، من خصائصها، كذلك هي من الأشجار والشجيرات القادرة على النمو في التربة المالحة والمياه.

محافظة وتنمية

على الرغم من أن غابات القرم تنمو عادةً في البيئات الاستوائية وشبه الاستوائية، إلا أن درجات الحرارة الصيفية على طول ساحل دولة الإمارات العربية المتحدة (غالباً ما تتجاوز 35 درجة مئوية) تشكل تحديات أمام بقائها في الإمارات في العقود الأخيرة، لكن بفضل برامج إعادة التشجير واسعة النطاق، والتي بدأت باكرا تضاعف عددها تقريباً في 20 أو 30 عاماً وما نراه اليوم هو نتيجة 40 عاماً من الزراعة الطبيعية. خلال فترة انقرضت فيها أشجار القرم في أجزاء كثيرة من العالم. فقد ركز القانون الاتحادي 24 الصادر سنة 1999، بشأن حماية البيئة وتنميتها، في أحد بنوده، على منع قطع أشجار القرم في الدولة، كما تقوم السلطات المختصة في الإمارات بإعادة تأهيل المناطق المتضررة، والحرص على استدامة هذا النوع من الأشجار، وذلك من خلال التركيز على استزراع أشجار القرم والمحافظة عليها.

 

 

محميات طبيعية

تتوافر في دولة الإمارات 43 محمية طبيعية معلنة تتبع للحكومات المحلية في كل إمارة، وتبذل الجهات الحكومية في الدولة جهودها لمساعدة المحميات على المحافظة على التنوع الثري الذي تتميز به، حيث تضم أنواعاً مختلفة من الطيور والأسماك.

أهم المحميات الطبيعية التي تضم أشجار القرم، في الإمارات هي: محميات «القرم الشرقي» و«مروح» و«أبو السياييف» في أبوظبي، ومحمية «رأس الخور» في إمارة دبي، و«أشجار القرم والحفية» في إمارة الشارقة، و«الزوراء» في عجمان.

تعمل أشجار القرم في محمية «مروح» في أبوظبي على تثبيت الشواطئ وتشكيل بيئة لـ«تعشيش» الطيور المقيمة أو المهاجرة، أما أشجار القرم الموجودة في محميتي «رأس الخور» و«جبل علي» في إمارة دبي، فجذبتا أنواع مختلفة من الطيور، منها (الفلامنجو، والنوارس). كما توفر أشجار القرم الموجودة في محمية «الزوراء» في عجمان، البيئة المناسبة للطيور المقيمة والمهاجرة، وأعشاش التفريخ والنباتات الرعوية. وتحتضن أشجار القرم في محمية «أشجار القرم والحفية» في خور كلباء بالشارقة، أنواع عديدة من الطيور المهاجرة والمقيمة والأسماك والقشريات، وهي من أكبر وأقدم غابات القرم في الساحل الشرقي.

سياحة مستدامة

تعتبر «السياحة المستدامة»، أحد أهم مفاهيم الصناعة السياحية وأعمقها في دولة الإمارات، إذ تعمل الدولة على زيادة عدد ومساحات أشجار القرم، وبحلول عام 2030 هناك خطة لأربعة حدائق وطنية أخرى لأشجار القرم. واليوم تعد بحيرة القرم الشرقية في أبوظبي وجهة مفضلة لقضاء العطلات بين المجدفين وكنز حقيقي لمراقبي الطيور والباحثين عن الهدوء الشعور بالسلام والانسجام في الطبيعة، إذ تعيش مئات الطيور في المتنزه. من بينها، ببغاء الكسندرين، آشي درونجو، بنك مينا، غودويت المحيط الهادئ واللقلق الأسود. يمكن أن تتحول زيارة هذه الغابات إلى مغامرة حقيقية لجميع أفراد الأسرة. وتجربة سياحية لا تُنسى..