نور بهجت: تجاربي طورت رموزي البصرية

جعلت التشكيلية السورية، نور بهجت، من أفق التصوف غيمة تمطر رموزاً على إنتاجها الفني، فزينت لغتها البصرية باستنهاض روح الزهد، وشجب العالم المادي، ومن خلال أعمالها المترعة بالألوان القوية والساطعة؛ سعت إلى تطوير قاموسها الفني؛ ليلامس كل جوانب الحياة، ويصل إلى المتلقي صاخباً ونابضاً بحياة تحتفي بالروح،

جعلت التشكيلية السورية، نور بهجت، من أفق التصوف غيمة تمطر رموزاً على إنتاجها الفني، فزينت لغتها البصرية باستنهاض روح الزهد، وشجب العالم المادي، ومن خلال أعمالها المترعة بالألوان القوية والساطعة؛ سعت إلى تطوير قاموسها الفني؛ ليلامس كل جوانب الحياة، ويصل إلى المتلقي صاخباً ونابضاً بحياة تحتفي بالروح، وتطرح الأسئلة حول المعاصر.. وخلال هذا الحوار معها، اطلعنا على تجربتها الفنية المميزة:

 

 

• كيف تنوعت وتعددت مفرداتك التشكيلية كرموز تُجِدُ استقلالها واستلهامها لحالات الحياة المعيشة؟

- صراحة.. مفرداتي ورموزي البصرية تطورت من تجاربي الحياتية، وثقافتي، واهتمامي بالتاريخ والعلوم، وحبي وشغفي بالحياة، حيث بت أتعرف إلى ذاتي بصورة أكثر عمقاً، من خلال تكرار فرشاتي لبعض الرموز، مثل: الميزان والورد والجمجمة والصوفي والساعة والدرج والماء، واستصحبت لوحاتي الطبيعة بشكل واسع وقوي، وتأثرت بكثير من رموزها، مثل: الأشجار، والأغصان الخضراء، وقاع البحر، وغيرها. وكانت إقامتي الفنية في دولة الفلبين لمدة ثلاثة أشهر، فترة كافية لي؛ لأتعرف فيها إلى نفسي بصورة أكبر، وتطورت لغتي البصرية الخاصة، حيث اكتسبت القدرة على إيصال فكرتي عن طريق تكوينات فنية، وأنا دائماً في حالة تجربة؛ للبحث عن رموز ومعانٍ جديدة، أثري بها قاموسي الفني، وأجعله غنياً.

• هل استطعت أن تعبري عن «الصوفي الروحاني» في أعمالك، وما موقع التصوف في مشروعك الفني؟

- «الصوفي الروحاني» هو رمز للإيمان الكبير اللامادي الموجود حولنا، مع بعض العناصر الأخرى المختلفة، وتكرر وجوده وتحول إلى مجموعة من المدن في لوحاتي، وهو تذكير وتأكيد لكل صوفي في داخلنا، ليكون حاضراً، ويذكرنا  بالزهد في هذه الحياة الفانية.

• الحرب ربما تكون «نقمة»، وفي بعض تأثيرها «نعمة».. كيف تأثرت أعمالك بالحرب كتغيير إجباري يطال وسائل التعبير الفني؟

- رغم مرارة الحرب، وشعوري بويلاتها، فإنني إذا نظرت إليها من نصف الكوب الممتلئ، فأستطيع القول بأن النعمة تمثلت في ما حدث معي من تأثير إيجابي على المستوى الشخصي؛ لأنني سافرت، وتعرفت إلى ثقافات مختلفة، وأكثر الفترات التي ظهر بها تأثير الحرب في أعمالي كانت عامَيْ: 2014 و2015، من خلال لوحات تمثل امرأة تلبس الأسود، محاطة برموز تعبر عن الموت، مثل: الجمجمة والغراب. من ناحية ثانية، هناك رموز أخرى تعبر عن الأمل، مثل الورد، وتكررت رمزية الأرواح في هذه الفترة بأعمالي؛ للتذكير بالأشخاص الذين فقدناهم، ولكن لايزال أثرهم فينا باقياً، ويحلق حولنا.

 

 

• هل استطعت تعليم المتلقي للغتك البصرية سعياً نحو محو أمية التشكيل في مجتمعاتنا؟

- مفرداتي بسيطة وواضحة، ولا تحمل رموزاً معقدة، مثل: الميزان رمز العدل، والغراب رمز السوداوية، لكن وجود الرموز المختلفة والمتناقضة معاً، قد يخلق بعض الفضول عند المتلقي، يدفعه إلى البحث عن الرابط والمعنى من العمل، وهنا يأتي دوره لتفسير العمل بمنظوره الخاص؛ ليجد إجاباته على أسئلة تخص الرموز البصرية، بالإضافة إلى اللون والتكوين، اللذين يلعبان دوراً مهماً في توجيه نظر المتلقي، وبالتالي زرع الكرة. ويشكل عنوان اللوحة، غالباً، مفتاحاً للمتلقي؛ ليبدأ رحلته الفكرية الخاصة بالعمل.

• كيف أثرت أزمة «كورونا» في أعمالك، وتجربتك مع صناعة الفيديو؟

- في فترة «كورونا»، عملت على سلسلة فيديوهات، تحكي عن تجربة شخصين ينظران من نافذتين متعاكستين، وهذا يرمز إلى وجهات النظر المختلفة، وما يمكن أن يجمع بين رؤى الناس، واختلافاتهم. من إيجابيات فترة «كورونا»، أنها أتاحت للكثير من الناس - وأنا منهم - العودة إلى ذواتهم، وإعادة النظر في طريقة حياتهم، وترتيب أولوياتهم.