الطفل المتوحد إنسان أولاً، لم يأتِ للدنيا بإرادته، بل بقدر من خالق البشرية لسر من أسرار الكون أودعه الله، وللأسف فإن الكثيرين يخفون حالات التوحد خوفاً من العار، أو نظرة المجتمع لهم، أو يسجنونهم هروباً من الواقع أو همسات من حولهم ونظراتهم الجارحة أحياناً.
هنا، توضح الدكتورة نعيمة قاسم، المستشارة التربوية، قائلة إنه في دولة الإمارات العربية المتحدة تدنت هذه المؤشرات لأبعد حد، قياساً مع المجتمعات الأخرى في العالم، وذلك بفضل القيادة الرشيدة التي من أبرز أولوياتها بناء كيان للإنسان، والحرص على إنسانيته، كونه كتلة مشاعر يحزن ويفرح ويتعلم ويعمل، وجعلت دستوراً لدمجه مع فئات المجتمع كونه حالة مرضية كأي مرض آخر يحتاج العلاج والرعاية وكثيراً من الأمور التي يقرها المختصون في هذا المجال. 
وتشير الدكتورة قاسم إلى أن المعضلة الأهم في مجتمعنا حالياً، وبالرغم من التقدم الذي طال كل المجالات، هي كيفية التعامل مع الطفل المتوحد، داخل الأسرة أو في المدرسة أو أينما وجد، لاسيما أن هذه الكيفية تساهم في تحسين سلوكه وتفاعله، وترفع نسبة العلاج أو الحد من الفرط الحركي لديه، أو وفق تشخيص حالته.  

 

  • الدكتورة نعيمة قاسم

 

دعم.. وتشجيع
وعن الحالة النفسية للطفل المتوحد، تقول الدكتورة قاسم إن تقدير الحالة النفسية للطفل المتوحد كإنسان أولاً، قضية يجب أن يعيها المجتمع، خاصة الوالدين، فهذا الطفل الضعيف كائن حي يحتاج الدعم والتشجيع والحوار وتنمية الثقة بالنفس والاستقلالية، ولن يكون هناك أفضل من الأم لتمنح طفلها المتوحد هذه المشاعر وتلبي رغباته، وهذا الأمر ليس يسيراً، وإنما هو ابتلاء وتحدٍّ، وعلى قدر أهل العزم يمتحن الله عباده، لكن في نهاية المطاف، الأم ثم الأم ثم الأم هي الركن الأساسي وعمود الخيمة التي يستظل بظلها طفلها الضعيف والقوي والمريض والمعافى، فالملاطفة والمحبة وقبوله وقبول تصرفاته تساهم في الكثير مما لا يخطر ببال بشر. 

صبر.. ومثابرة
وعن أهم المنعطفات في حياة طفل التوحد، تلفت الدكتورة قاسم إلى أن دمجه أولاً مع أفراد أسرته، والحذر من نفور الإخوة من تصرفاته وتقبلها بروح المحبة حتى لو كان فيها بعض العنف من أهم المنعطفات التي تقابل الطفل المتوحد، وهذا لا يعني تلبية رغباته وإتاحة الفرصة له ليؤذي غيره، لكنه يحتاج للتوجيه والتعليم والتدريب والتحفيز والمكافأة ببال طويل وتأنٍ وصبر.

التواصل البصري واللفظي
وتنصح قاسم أولياء أمور الطفل المتوحد، بعدم إجبار طفلهم على ترك فعل بالقوة أو معاقبته إن قام بفعل ما، وإنما التركيز على تكليفه بأعمال محببة لديه تحدُّ من الحركات النمطية التي تلفت النظر له، وتؤكد أن الإنسان بإنسانيته واندماجه مع من حوله، وعليه على الأهل أن ينموا التواصل البصري واللفظي مع ابتسامة وقبول، مساعدة طفلهم على إنجاز المهام، وإشعاره بأنه بطل، وأن لديه قدرات لا توجد لدى الآخرين.. وفي نهاية المطاف كل واحد فينا معرض لأن يكون في بيته طفل توحد.