في اليوم الثامن من شهر مايو كلَّ عام، يحتفي العالم باليوم العالمي للثلاسيميا؛ ويهدف هذا اليوم لإحياء ذكرى مرضى الثلاسيميا، الذين توفوا جرَّاء المرض، وتشجيع الذين مازالوا على قيد الحياة، ويصارعونه يومياً، وإعطاء الأمل للمرضى لمواصلة محاربة هذا المرض.

الدكتور خالد مسلم، رئيس قسم الأبحاث في مستشفى برجيل، يجيب في لقاء مع "زهرة الخليج"، عن بعض الأسئلة، التي تشمل الأعراض والمضاعفات التي يحدثها المرض، وأحدث العلاجات والأبحاث الخاصة به، في الحوار التالي:

  • بشرى لمرضى الثلاسيميا في الإمارات

ما مرض الثلاسيميا؟

الثلاسيميا هو مرض وراثي، يؤثر في الهيموغلوبين، وهو المكون الموجود في خلايا الدم الحمراء المسؤولة عن نقل الأكسجين إلى جميع أعضائنا، ويظهر مرض الثلاسيميا عندما يرث الأطفال المصابون طفرات من كلا الوالدين في الجينات المسؤولة عن إنتاج الهيموغلوبين، ما يؤثر في قدرتهم على إنتاج كميات كافية منه.

ما أعراض المرض؟

السمة المميزة الرئيسية للمرض هي فقر الدم المزمن، ويمكن أن يراوح في شدته من فقر الدم الشديد، الذي يستلزم عمليات نقل الدم الشهرية (ما نسميه الثلاسيميا المعتمدة على نقل الدم TDT) إلى فقر الدم المعتدل، الذي لا يتطلب علاجًا منتظمًا لنقل الدم (الثلاسيميا غير المعتمدة على نقل الدم NTDT).

هل هناك مضاعفات للمرض؟

في مرضى الثلاسيميا المعتمدة على نقل الدم، تتمثل المضاعفات الرئيسية في زيادة الحديد من عمليات النقل المنتظمة، التي يمكن أن تتراكم في القلب والكبد والغدد الصماء مسببة الاعتلال أو الوفاة. أما المرضى الذين يعانون الثلاسيميا غير المعتمدة على نقل الدم، فبدأنا مؤخرًا فقط إدراك أن فقر الدم غير المعالج يمكن أن يرتبط أيضًا بزيادة حمل الحديد عن طريق زيادة امتصاصه من القناة الهضمية، بالإضافة إلى العديد من المضاعفات الخطيرة على المدى الطويل، التي تشمل معظم الأعضاء، وتساهم في زيادة معدلات الوفاة.

هل توجد إحصاءات للإصابة على مستوى دولة الإمارات، وهل يحصل المرضى على العلاج المناسب؟

هناك ما بين 1000 إلى 2000 مريض داخل دولة الإمارات، يعانون مختلف أشكال الثلاسيميا. في الآونة الأخيرة، بدأنا في مدينة برجيل الطبية دراسة جماعية مطولة جديدة، بالتعاون مع مراكز أخرى في أبوظبي، بتمويل من دائرة الصحة، للسماح لنا بفهم خصائص وعبء المرض في الإمارة.

ما آخر المستجدات البحثية لهذه التجارب والنتائج، إن وجدت؟

يركز برنامج أبحاث الثلاسيميا، لدينا، على تفاصيل العلاقة بين فقر الدم، والحمل الزائد للحديد، وتطور المضاعفات لدى مرضى الثلاسيميا، بناءً على ذلك نجري تجارب سريرية لعلاجات جديدة، لتلبية هذه الاحتياجات التي لم تتم تلبيتها مثل تجارب "ENERGIZE / T"، التي تهدف إلى تحسين فقر الدم، وتقليل متطلبات نقل الدم لدى هؤلاء المرضى، كما ونجري أيضًا تجارب لطاردات حديد جديدة، يمكنها التخلص من الحديد الزائد، وستبدأ نتائج هذه التجارب في الظهور في السنوات القليلة المقبلة، كونها من الدراسات طويلة الأمد.

  • الدكتور خالد مسلم

 

اقرأ أيضاً: "روتا".. فيروس ينتشر صيفاً فكيف تحمون منه أطفالكم؟

علاج جديد

هل هناك أمل أو دواء جديد لعلاج مرضى الثلاسيميا، وإنهاء معاناتهم؟

هناك العديد من العلاجات الجديدة، التي تمت الموافقة عليها أو تطويرها، كما أن تطورات زراعة نخاع العظم تجعل العلاج متاحًا لعدد أكبر من المرضى. علاوة على ذلك، أصبح العلاج الجيني، الآن، حقيقة لدى هؤلاء المرضى، وقادرًا على تصحيح الخلل الجيني، الذي هو أساس المرض. بعض الأدوية، التي تعمل على نضج خلايا الدم الحمراء، مثل عقار "luspatercept"، متاحة الآن أيضًا في السوق بعد تقييمها في دراسات عالمية، وإظهار قدرتها على تقليل متطلبات نقل الدم. وكما أشرت إليه، ستعمل المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، التي ستقام في أبوظبي، على تقييم فاعلية العقار "mitapivat" لدى نوعين من الثلاسيميا، يختلفان نسبياً من حيث الاحتياجات الطبية، حيث تهدف دراسة "ENERGIZE" إلى تقييم ما إذا كان بإمكان العقار الجديد تحسين مستويات الهيموغلوبين بشكل فعال وآمن لدى مرضى الثلاسيميا غير المعتمدين على نقل الدم، فيما تهدف دراسة "ENERGIZE-T" إلى تقييم ما إذا كان بإمكان العقار ذاته تقليل متطلبات نقل الدم لدى مرضى الثلاسيميا، المعتمدين على نقل الدم.

كيف تترجم هذه التطورات العلمية إلى علاج المرضى على أرض الواقع؟

قمت، مؤخرًا، بنشر الإصدار الجديد من إرشادات الاتحاد الدولي للثلاسيميا، لإدارة الثلاسيميا غير المعتمدة على فقر الدم، بالتعاون مع زملائي البروفيسور علي طاهر من لبنان، والبروفيسور ماريا كابيليني من ميلانو، حيث يتم استخدام هذه الإرشادات من قبل معالجي الثلاسيميا في جميع أنحاء العالم، وستؤثر في عشرات الآلاف من المرضى. ولقد حرصنا على إبراز جميع التطورات الجديدة في هذا المجال، من خلال مجموعتنا، وآخرين في الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وآسيا، حيث ينصب التركيز الرئيسي على الدور الذي تم تحديده حديثًا لفقر الدم في تشكيل مسار المرض، وكيف ينبغي التعامل مع ذلك باستخدام العلاجات التقليدية أو الحديثة، يقدم الدليل أيضًا نظرة عامة شاملة عن كل المضاعفات التي يمكن أن يعانيها المرضى، وكيف يمكن منعها أو إدارتها، ونحن نؤكد بنفس القدر على دور الخبراء، والمراكز المتخصصة، وإشراك المرضى، في ضمان النتائج المثلى.