يمر الناس بظروف مفاجئة غير متوقعة، وتدفعهم ظروف الحياة كثيراً للتصرف بشكل سيئ أو غير منطقي، قد يكون كلمةً أو تصرفاً غير محمود، وتكون نتائجه سيئة على الأغلب.
وفي كثير من الأحيان، يفقد الناس السيطرة على تصرفاتهم وقراراتهم، فلا يتخذون القرار الصائب في الوقت المناسب، ويبدؤون بعد ذلك بالندم، كونهم لم يتفاعلوا مع موقف معين، ولم يخاطروا بفعل ما يحبونه.
ومن الطبيعي أن يتملك اليأس أولئك الذين غرقوا في الندم، والذي قد تكون له آثار كبرى على صحتهم النفسية، ويعتقدون أن هذا الندم هو الأمر الصحيح، الذي عليهم القيام به.
لكن إذا كان هناك شيء قد أضر بك فعلاً، فإن تغيير الماضي هو المستحيل بذاته، ولن تفيد محاولات تبديل ما فات سوى بإيذاء النفس والانزلاق فعلاً داخل دوامة الندم، لكن عليك التفكير في أنه حان الوقت لتخرجي منها فعلاً.

 

 

هذا هو الندم
حسب تعريف جمعية علم النفس الأميركية، فإن الندم هو رد فعل على الرغبة في أن يكون شيء ما في الماضي قد سار بشكل مختلف عما هو عليه الآن.
ووفق هذا التعريف، من الطبيعي تماماً وجود أفكار عاطفية ثانية بعد حدوث شيء ما، أو القيام بشيء ما، ولا يمكن أن يكون هذا الأمر ضاراً على الإطلاق، لكن في حال بدأ هذا التفكير يعطل حياتك فعليك الحذر والانتباه.
يقول عالم النفس الإكلينيكي، علي ماتو: "يتعلق الندم دائماً بخيبة الأمل، نريد أن نتخذ خيارًا مختلفًا عما فعلناه، لكن لا يمكننا السفر عبر الزمن". ويضيف: "الندم هو طريقة العقل لعقاب النفس".
وقد أظهرت دراسة نفسية حديثة أن معظم المشاركين فيها بالغوا في تقدير الطريق الذي لم يسلكوه، وهو الذي تسبب لهم في نوبات كبيرة من الندم والشعور به دائماً، وبالتالي فقدوا قدرتهم على التأقلم مع الحقيقة، التي تؤكد أنهم لن يرجعوا؛ ليغيروا الحقائق مهما جرى.

 

 

كيف تخرجين نفسك من "دوامة الندم"؟
الخروج من "دوامة الندم" ليس أمراً معقداً على الإطلاق، ولا يتطلب الكثير، وعليك أولاً أن تعالجي الضرر الذي تسبب به تصرفك في الماضي، وأن تعترفي بالخطأ، وأن تقدمي الاعتذار الصادق، ورغم أنه لن يغير الحقيقة لكنه يعد أهم عوامل الشفاء، وقد تحتاجين مزيداً من الصبر والقوة والعمل في بعض المواقف الأكثر صعوبةً.
وضمن ذات السياق، يؤكد الطبيب النفسي، المستشار لوكاس تيج، أن بعض الحالات الصعبة، التي يكون فيها الإنسان غارقاً تماماً في تلك الدوامة، تحتاج أن يقرر صاحبها طلب تلقي المساعدة، عبر كثير من الأدوات المتوفرة، منها: الحديث مع صديق، أو خبير، أو حتى طبيب معالج.
في النهاية، من المهم أن يؤمن جميع البشر بأن الحياة ليست دائماً جميلة، وأنها تتطلب في كثير من المواقف أن يسامح الشخص نفسه، وأن يعاملها كأنها صديق طلب العفو، ودائماً مسامحة النفس عما فعلته تدفعنا للبدء من جديد، وتبعدنا عن المعاناة، وتفتح لنا أفقاً جديداً مشرقاً في الدنيا.