يحلّ اليوم العالمي للربو سنوياً في أول ثلاثاء من شهر مايو. وهذه السنة، يصادف أول ثلاثاء ثاني يوم من مايو. فهل ندعه يمرّ مرور الكرام، متناسين أن هناك من يعانون الأمرَّين، بسبب نوبات ناتجة عن التهاب الشعب الهوائية؟ من السهل طيّ الصفحة، والانهماك في أيّ تفصيل آخر، لكن تذكروا أن الجميع معرضون، وقليل من الوعي قد يُحدث الفرق الكبير. تشعرون بضيق في التنفس؟.. بسعال متكرر؟.. بألم في الصدر، وبصوتِ صفير عند التنفس؟ تستيقظون ليلاً، وأنتم تشعرون بضيق شديد؟.. ضعوا في حساباتكم داء الربو، وسارعوا إلى البحث عن اليقين: ربو أم لا؟.. هل العلاج ممكن، أم التعايش هو الحلّ؟

نعم، نوبة الربو قد تظهر فجأة. قد تغفون معافين وتستيقظون على.. ربو. نخبركم ذلك منذ البداية؛ لتدركوا ببساطة أن عليكم (وعلينا)، أن نقرأ، ونعرف؛ لنبتعد عن نقطة الجهل، لا لنصل إلى نقطة العلم، فالتفاصيل ستبقى كثيرة، وكل يوم فيه جديد.. فماذا في جديد داء الربو؟ 

طرحنا هذا السؤال وسواه على أخصائية أمراض الرئة في معهد الجهاز التنفسي بمستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي، الدكتورة سانية خان. وسمعنا أجوبتها: «تؤثر أمراض الرئة أو أمراض الجهاز التنفسي المزمنة على الأفراد في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك دولة الإمارات، حيث تشاهد حالات الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن وأمراض الرئة الخلالية والتهاب الرئة التحسسي بشكل خاص، وأمراض النسيج الضام المرتبطة بأمراض الرئة، وارتفاع ضغط الدم الرئوي وسرطان الرئة». على كل حال، علينا أن نعرف، تماماً، أن مرض الربو شائع في الحياة الحضرية.

الأسباب.. والعلاج

سؤال بديهي يطرح نفسه: ما أهم أسباب الإصابة؟.. تجيب خان: «تؤثر أمراض الرئة، المعروفة باسم أمراض الجهاز التنفسي المزمنة، في الشعب الهوائية، وغيرها من أجزاء الجهاز التنفسي؛ نتيجة عدد من الممارسات والعوامل، بينها: التدخين وتلوث الهواء والمواد الكيميائية والغبار والتهابات الجهاز التنفسي السفلي المتكررة أثناء الطفولة. صحيح أن لا إمكانية للشفاء التام من هذه الأمراض، إلا أن أشكالاً مختلفة من العلاج قد تسهم في السيطرة على الأعراض، وتحسّن الحياة اليومية للمرضى». 

وتضيف: «تلعب الظروف البيئية دوراً أساسياً في أمراض الرئة وبينها الربو. في منطقة الخليج والشرق الأوسط، تعدّ الأتربة والغبار والطقس الرطب وأنظمة التكييف المركزية، إذا لم تتم صيانتها وتنظيفها بشكل صحيح، من العوامل المسببة لأمراض جهاز التنفس، كما أن الدخان الناتج عن حرق أعواد البخور لكونه يصنف كوقود حيوي عضوي». 

ماذا عن العلاج؟.. تقول أخصائية أمراض الرئة: «بصرف النظر عن علاجات الاستنشاق التقليدية، مثل: الأدوية الموسعة للشعب الهوائية (القصبات الهوائية)، هناك العديد من الحلول الجديدة المعتمدة لمرضى الربو، ومرض الانسداد الرئوي المزمن، وهي فعالة، وسهلة الاستخدام. وتشمل العلاجات الحديثة ما نشير إليه بالعلاجات البيولوجية أو المناعية، التي يمكن تحديدها بعد تقييم الحالة البيولوجية لكل مريض، والبيانات السابقة للحالة بدقة. على أساس هذا التقييم يحدد الطبيب إمكانية إعطاء العلاجات القائمة على الحقن للمريض». 

الكبار والصغار معرضون لداء الربو. فهل تختلف علاجات الأطفال عن البالغين؟.. تقول خان: «تتشابه العلاجات، وبينها أجهزة الاستنشاق أو البخاخات، وقد تمت الموافقة على استخدام العلاجات الأكثر حداثة منها مع المرضى الذين تزيد أعمارهم على 12 عاماً، كما تمت الموافقة على بعض العلاجات البيولوجية للأعمار من ست سنوات وما فوق، في حال تأزم وضع المريض». 

يتكرر الكلام عن الانسداد الرئوي المزمن في كل مرة نتحدث فيها عن الربو.. فهل يتشابهان؟.. تقول الأخصائية في داء الرئة: «الربو هو حالة مرضية طويلة الأمد، تسبب التهاباً وتضيقاً في الشعب الهوائية، وتشمل أعراض الربو: السعال والصفير وضيق التنفس وضيق الصدر. ويعد الربو مرضاً غير معدٍ، يصيب الأطفال والبالغين على حد سواء، وهو أكثر الأمراض المزمنة شيوعاً بين الأطفال. واستناداً إلى أرقام منظمة الصحة العالمية، أصيب بمرض الربو عام 2019 نحو 262 مليون شخص، وتسبب في موت 451 ألف حالة. أما مرض الانسداد الرئوي المزمن، فهو ثالث سبب رئيسي للوفيات في العالم، ويطلق عليه انتفاخ الرئة أو التهاب الشعب الهوائية المزمن. إنه شائع عند البالغين المدخنين، ويشير إلى تدمير الأكياس الهوائية الصغيرة في نهاية الشعب الهوائية بالرئتين. ويتسبب ذلك في السعال المزمن مع إنتاج البلغم الناتج عن التهاب الشعب الهوائية. وتتشابه أعراضه مع داء الربو من حيث صعوبة التنفس والسعال والصفير عند التنفس. وقد يصاب بعض الأشخاص بالحالتين معاً». 

السيطرة ممكنة

السيطرة على الربو ممكنة، أما علاجه فلا، ويصار إلى تحديد كيفية التحكم فيه، بحسب طبيبة كليفلاند، عبر وضع خطة العلاج، بناء على التاريخ الطبي للمريض، وشدة حالة الربو. 

وتضيف: «الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي للإصابة بالربو، لديهم خطر متزايد للإصابة به. ويعتبر الربو من الأمراض الأكثر شيوعاً لدى الأشخاص الذين لديهم أمراض الحساسية. كما الأطفال الذين ينشؤون مع أفراد مدخنين. ويمكن لأي شخص أن يصاب بالربو في أي وقت. وقد تكون الإصابة لمدى الحياة، بينما يصاب البعض به في سن متقدمة. ويهم جداً معرفة أن السيطرة على الربو ممكنة، لكن لا يمكن علاجه نهائياً. مع ذلك، قد يتغلب الأطفال على الربو مع مرور الأعوام، ويمكن للناس أن يعيشوا حياة طبيعية رغم الإصابة، في حال راقبوا أعراض المرض، واتبعوا الإجراءات والعلاج في الوقت المناسب. أما الانسداد الرئوي المزمن، فيمكن التحكم فيه، وتكون للعلاج نتائج جيدة إذا تم تشخيص المرض مبكراً، وأهم جزأين من العلاج: الإقلاع عن التدخين، وإعطاء علاجات الاستنشاق. أما الحالات المتقدمة، فقد تتطلب أحياناً زراعة رئة. وكل تلك العلاجات متوفرة في كليفلاند كلينك أبوظبي، حيث يصار إلى التشخيص الصحيح في الوقت المناسب، وتخطيط العلاج المتعدد الاختصاصات، ومساعدة المرضى على إدارة المرض، والتحكم في الأعراض، وبالتالي تحسين جودة الحياة». 

نصل إلى النصائح.. بماذا تنصح أخصائية الرئة مرضاها، أو من قد ينضمون إلى لائحة المصابين الطويلة؟.. تجيب: «يجب أن يكون المرضى على دراية بأعراض الربو لديهم، مثل: السعال المزمن وضيق التنفس والصفير وعدم الراحة في الصدر، على أن يتصلوا بطبيبهم؛ ليساعد في صياغة خطة العلاج. ويجب أن يفهم المرضى المحفزات التي تعزز ظهور المرض والأعراض التي تشمل: الظروف الجوية والبيئية وحبوب اللقاح والحيوانات الأليفة والعطور وحرق العود، وتجنبها كلما أمكنهم ذلك. ويجب على الأهالي الاهتمام بأطفالهم عند ظهور هذه الأعراض، على أن يدركوا أن ضيق التنفس، الذي قد يظهر أثناء ممارسة الرياضة أو عدم القدرة على مواكبة الأعمال الرياضية، علامة على ضعف السيطرة على مرض الربو. وليتذكروا في النهاية أن (درهم وقاية.. خير من قنطار علاج)».