يُحتفى باليوم العالمي للمتاحف في الـ18 من مايو كل عام، وهو مناسبة لإلقاء الضوء على أهمية وجود المتاحف، ومدى ارتباطها بنمو الدول، وتطورها.

تعود بدايات إنشاء المتاحف إلى عصور ما قبل الميلاد، ويمكن أن نرى ذلك في شكل مدافن الفراعنة على سبيل المثال، حيث تم الاحتفاظ فيها بكل ما هو قيم وثمين بأشكال مختلفة عبر الزمن.

وتقدم المتاحف الكثير من الإلهام، وفيها يمكن المشاهدة والتعرف إلى الإرث الثقافي والحضاري للأمم السابقة، والاطلاع على نمط أو أنماط الحياة الحقيقية التي عاشها القدماء، وكل ما يتعلق بحياتهم من أعمال وأدوات وفنون. كما تساعد المتاحف في تتبع مراحل الحياة المختلفة، وكل ما خلفه الإنسان خلال العصور التاريخية المختلفة في شتى المجالات، والتعرف إلى الحضارات المتعاقبة، التي صنعها الإنسان في مناطق العالم المختلفة، منذ آلاف السنين وحتى عصرنا الحاضر.

وفي التعريف العلمي والرسمي للمتاحف، فإن وظيفتها تتمحور بشكل أساسي في حفظ وصيانة وعرض نماذج من مختلف الحضارات القديمة، كما أنها تقدم رسالة تربوية وتعليمية وثقافية وسياحية، وفنية، وعلمية واجتماعية وأخلاقية ووطنية وقومية.

المتاحف دليل نمو وتقدم:

تحرص الدول على إنشاء المتاحف لأهميتها الفعالة في تطوير وتنمية السياحة، وحفظ التراث الحضاري والتاريخي والثقافي، كما أنها تساهم في تعميم الثقافة ونشر المعرفة وتنشيط الحركة الفنية والعلمية في المجتمع، وهي واحدة من أكبر وسائل تنمية الحس الجمالي والذوق الفني لدى الفرد والمجتمع، لقدرتها على تنمية حرية التفكير ودقة الملاحظة عند الزائرين، وتقديم الخدمات التعليمية لأبناء المجتمع.

وتساعد المتاحف على ترسيخ المعرفة بالتاريخ والجذور الحضارية والثقافية للشعوب، كما أنها تعبر عن الهوية الوطنية الخاصة بالدول وتراثها.

وتعتبر المتاحف منصة مجتمعية حيّة للالتقاء، ولمقابلة الأفكار والتشارك فيها، كما تعد منبراً للحوار والنقاش، ونظراً لأهميتها، ارتفع عدد المتاحف مؤخراً في العالم من 22 ألفاً عام 1975 إلى 95 ألفاً، بحسب الدراسات الأخيرة.

متاحف لمستقبل مستدام:

هذا العام، يُحتفى باليوم العالمي للمتاحف تحت شعار "بناء مستدام للمستقبل"، للدور الذي تلعبه المتاحف في حث الزوار على تبني مفهوم الاستدامة، فهي تسلط الضوء على الدور الأساسي للحفظ كعامل تمكين للتنمية المستدامة، فمن خلالها نضمن بقاء المقتنيات الأثرية بحالة جيدة، وإمكانية الوصول إليها بسهولة للاستخدام الهادف مع مرور الوقت.

وكان الرومان أول من اهتموا بجمع التحف النادرة، وشهدت المتاحف تطوراً كبيراً مع عصر النهضة الأوروبية، التي حرص ملوكها على اقتناء التحف والآثار من جميع أنحاء لعالم، وعرضها للزائرين.

وهناك عدد كبير من المتاحف الشهيرة حول العالم، مثل: "اللوفر" في باريس، و"المتحف المصري" بالقاهرة، و"المتحف البريطاني" في لندن، ومتحف "المتروبوليتان للفنون" في نيويورك، ومتحف "الأرمتاج" بسان بطرسبرغ في روسيا.

متاحف الإمارات:

في العقود الأخيرة، بدأ الكثير من الدول العربية، وأبرزها دولة الإمارات العربية المتحدة، الاهتمام بالمتاحف وإنشائها لتعزيز الثقافة ومواكبة التطور والتقدم اللذين تشهدهما الدولة.

وتحتوي دولة الإمارات على العديد من المتاحف العالمية المميزة، أبرزها: "اللوفر - أبوظبي" في العاصمة أبوظبي، والذي افتتح عام 2017، وأنشئ المتحف بموجب الاتفاقية الموقعة بين مدينة أبوظبي والحكومة الفرنسية لمدة ثلاثين عاماً، على مساحة تصل لـ24 ألف متر مربع تقريباً في جزيرة السعديات، بتكلفة تُقّدر بما بين 83 و108 ملايين يورو.

وتعرض داخل متحف اللوفر - أبوظبي الإنجازات الثقافية للإنسانية من عصور ما قبل التاريخ وحتى يومنا هذا، عبر 12 قاعة تتنوع فيها القطع الأثرية الحجرية والمعدنية، فضلًا عن اللوحات الفنية والمقتنيات التاريخية لمشاهير التاريخ في شتى المجالات، كما يستقبل المتحف الكثير من المعارض الدولية، ويقدم ورش عمل ومعرفة للأطفال والكبار، ناهيك عن أن محيط المتحف غني بالحدائق والمسطحات الخضراء للاستراحة والاستجمام، ويضم مرسى يخوت ومطاعم ومقاهي راقية.

ومن بين المتاحف العالمية، الموجودة داخل الإمارات، متحف "غوغنهايم أبوظبي"، الذي يقع أيضاً في قلب المنطقة الثقافية بجزيرة السعديات، ويعكس رؤية إمارة أبوظبي، التي تهدف إلى ترسيخ مكانتها كوجهة ثقافية رائدة في المنطقة، ومركز للتبادل الفني والثقافي، ويقدم المتحف مجموعة عالمية متنوعة تركز بشكل خاص على الأعمال الفنية من غرب وجنوب آسيا وشمال أفريقيا، وقام بتأسيسه المصمم المعماري العالمي فرانك جيري.

وبداخل إمارة دبي، يوجد متحف الشمع العالمي "مدام توسو"، الذي يعد الأول من نوعه في الشرق الأوسط، وكان افتتح عام 2021، ويتضمن مجموعة كبيرة من الشخصيات العالمية والعربية، التي تمتلك قاعدة جماهيرية واسعة، لكن على هيئة مجسم شمع.

وفي دبي، أيضاً، يوجد "متحف دبي"، الذي افتتح عام 1971، لعرض طريقة الحياة التقليدية القديمة في الإمارة، ويحتوي المتحف على تحف وأنتيكات محلية، بالإضافة إلى أشغال وأعمال يدوية من بلدان آسيوية وأفريقية. ويعرض المتحف، أيضاً، طريقة الحياة في دبي قبل اكتشاف النفط، بالإضافة إلى الآثار المكتشفة حديثاً، التي يعود عمرها إلى 3000 سنة قبل الميلاد.

ومن أهم المتاحف في الإمارات متحف "العين"، الذي يعتبر من أقدم المتاحف بالدولة، وتم افتتاحه عام 1971، ويحتوي على مجموعة واسعة من القطع الأثرية والمقتنيات الثمينة، التي تعود إلى أكثر من 7500 سنة، بالإضافة إلى قسم مخصص لعرض الأنماط المختلفة لحياة الإنسان منذ أكثر من ثمانية آلاف عام.

وأخيراً، من أبرز متاحف الإمارات "متحف الشارقة الإسلامي"، الذي افتتح لأول مرة في منطقة التراث بالشارقة عام 1996، وتم نقل مقتنياته إلى مبنى سوق المجرة، حيث أضيفت مقتنيات جديدة، وتم تحديث أسلوب العرض في المتحف، وأعيد افتتاحه كمتحف الشارقة للحضارة الإسلامية في يونيو عام 2008، ويضم المتحف 7 معارض دائمة.