في السنوات الأخيرة، تميزت السياحة الخضراء واحداً من أهم المفاهيم المطروحة في سوق السياحة. على الرغم من أنها ليست فكرة جديدة، فإنها بدأت تتوسع وتنتشر في الآونة الأخيرة. لذلك، سنقدم لك معلومات حول جوانب السياحة المستدامة، ونستعرض المدن التي تسعى جاهدة لتطبيق هذا المفهوم.

ما السياحة الخضراء؟

منذ بدايتها، اشتهرت السياحة الخضراء بكونها نوعاً من السياحة المحدودة النطاق، يشجع الناس على زيارة المناطق الطبيعية، وتقليل تأثير السياحة في البيئة. يُستخدم هذا المصطلح، عادة، لوصف الشركات التي تعمل بشكل صديق للبيئة. ومع ذلك، في الفترة الأخيرة، استُخدمت مفاهيم السياحة الخضراء بشكل متزايد، من قبل الشركات التي لا تبذل جهودًا كافية لجعل أنشطتها أكثر استدامة. وأصبح المصطلح أكثر شهرة للغسيل الأخضر (Greenwashing)، للإشارة إلى الشركات التي تحاول، بشكل زائف، أن تُعرف بأنها تُمارس السياحة الخضراء، بينما في الواقع لا تساهم بشكل كبير في الحفاظ على البيئة، ودعم المجتمعات المحلية.

ومن أساسيات السياحة الخضراء: زيارة المناطق الطبيعية غير الضارة، وتقليل استخدام الموارد غير الصديقة للبيئة، مثل: وسائل النقل، والمستلزمات البلاستيكية، وغيرها، بالإضافة إلى ضرورة تجنب مناطق الجذب السياحي الضارة بالمجتمع والبيئة، لأن الهدف الأساسي من فكرة السياحة الخضراء هي الحفاظ على الوجهات المحلية الصديقة للبيئة، وحماية التراث من أي أضرار.

وتركز السياحة الخضراء على مفهوم الاستدامة في المواقع التراثية، إذ أخذ أسلوب الاستدامة في التطور والانتشار خلال السنوات الماضية، حتى وصل إلى السياحة بأنواعها وأماكنها، وبالفعل استغل العديد من الدول هذه الفكرة الجيدة في ترويج مدنها السياحية، واستقطاب عدد أكبر من الزائرين المهتمين بحماية البيئة والمجتمعات من التلوث.

وتُعد فكرة السياحة الخضراء جزءًا من مفهوم أوسع، هو السياحة المستدامة، التي تهدف إلى تقليل الآثار السلبية للسياحة بقدر الإمكان، وتعظيم الآثار الإيجابية، ما يجعل صناعة السياحة ككل مستدامة على المدى البعيد.

السياحة المستدامة:

تؤكد منظمة السياحة العالمية أن التنمية السياحية المستدامة تتطلب مشاركة أصحاب المصلحة في بيئة سياسية جيدة، وإنشاء تنمية السياحة المستدامة هي عملية طويلة الأجل ومستمرة، تحتاج إلى رصد آثار السياحة على الوجهة، وإدخال تدابير تصحيحية على طول الطريق، كما يعد السياح أيضاً جزءاً مهماً من التطور، وبالتالي فإن رضا العملاء العالي، إلى جانب الوعي الهادف، أمر ضروري أيضاً.

وتشير السياحة المستدامة إلى تركيز السياحة على نطاق أوسع من السياحة البيئية، ويتم تعريفها على أنها السياحة التي تعزز الاقتصاد، ولا تضر بالبيئة، وتحافظ على المجتمع المحلي.

دول تدعم السياحة المستدامة:

غالباً، ينظر إلى السفر على أنه أحد الأنشطة الأكثر ضرراً بالبيئة، لكن بعض المناطق طبقت مفهوم الاستدامة، وأصبحت أكثر وعياً بالأمر. سنلقي نظرة، هنا، على بعض وجهات السفر الأكثر استدامة في العالم.

1. كوستاريكا:

من الجبال إلى الغابات المطيرة إلى البحر، تقدم كوستاريكا عدداً كبيراً من الوجهات الطبيعية للزوار، تعرف البلاد كيفية الاستفادة من هذه المزايا لجذب السياح، وحولت حملتها السياحية إلى حملة تعتمد على السياحة البيئية، التي تم تلخيصها في شعار "بورا فيدا" (الحياة النقية).

وأكثر من ربع مساحة هذا البلد، الذي يقع بشكل مهيب بين المحيط الهادئ والبحر الكاريبي، خصص للمتنزهات الوطنية، وتحتوي الأرض أيضاً على حوالي 17% من الأنواع الحيوانية في العالم، وهي ليست مجرد عجائب طبيعية، فثلث كهرباء كوستاريكا بالكامل تعمل بالطاقة الكهرومائية.

2. بوتان:

تشتهر مملكة بوتان، المعزولة، بالبلد الوحيد في العالم الذي يقيس السعادة الوطنية الإجمالية، ويقع في جبال الهيمالايا، فهي البلد الوحيد المحايد للكربون في العالم، وتحاول إبقاء أعداد الزوار منخفضة، خوفاً من أن يفسد هجومُ السياح الأرضَ.

3. اسكتلندا:

اتخذت اسكتلندا زمام المبادرة مع الحاجة إلى مكافحة البيئة المتغيرة، وبعد أن كانت البلد المضيف لمؤتمر الأطراف (26) عام 2021، كانت أول دولة في العالم توقع على مبادرة السياحة تعلن عن حالة الطوارئ المناخية، وهو إجراء يشجع قطاع السياحة على الحد من بصمته الكربونية.

4. سلوفينيا:

على الرغم من كونها واحدة من الزوايا الأقل عبوراً في أوروبا، فإن سلوفينيا متألقة في الجمال الطبيعي: جبال الألب اليوليانية، وبحيرة بوهينغ، وبحيرة بليد، وتميل البلاد إلى هذه المزايا من خلال إنشاء مسارات جديدة، ولافتات أفضل، وحتى رقمنة الخرائط للمتنزهين والمتزلجين.

5. فنلندا:

8% من هذا البلد في شمال أوروبا غابات، ويعتبر هواؤه ومياهه من بين أوضح البلدان في العالم، وضمنت الحكومة أنها لاتزال نقطة جذب للسياح البيئيين، والسياحة الخضراء، من خلال إنشاء برنامج فنلندا المستدام، الذي يوجه السياح في الاتجاه الصحيح، مثل الغابات الشمالية في "لابلاند".

6. نيوزيلندا:

تعتمد نيوزيلندا على جمالها الطبيعي لجذب السياح، إدراكاً لمزاياها في هذا المجال، وأصبحت البلاد رائدة في عالم الاستدامة، ويمثل مصدر الطاقة الخالي نسبياً من الانبعاثات للطاقة الحرارية الأرضية أكثر من خمس إجمالي استهلاك الطاقة في البلاد. وأكدت الحكومة الحفاظ على المكان الأخضر، وجعلت الاستدامة في طليعة السياسة الحكومية على مدى العقدين الماضيين.

7. سان دييغو - كاليفورنيا:

مع شواطئها الجميلة، ومكانتها كرائدة خضراء، ليس من المستغرب أن تحصل وجهة واحدة في كاليفورنيا على هذه القائمة. أخذت سان دييغو في جنوب الولاية، زمام المبادرة، فلدى المدينة خطة عمل مناخية، وانكماش في وظائف التكنولوجيا النظيفة، يبلغ ضعف المتوسط تقريباً، ولدى المدينة، أيضاً، خطة "صفر نفايات"، يمكن أن تتباهى بها، وتدعو الخطة إلى تحويل إجمالي النفايات بحلول عام 2040، كما أن المدينة على أعتاب كونها تدار بالطاقة المتجددة بنسبة 100%.

8. الإمارات:

تسعى دولة الإمارات العربية المتحدة إلى تطبيق مفهوم الاستدامة في الجوانب كافة، حتى وصلت للسياحة الخضراء، إذ تولي الدولة مناطق المحميات الطبيعية اهتماماً كبيراً، والتي أصبحت تشكل حوالي 6% من المساحة الكلية للدولة، بالإضافة إلى استبدال البلاستيك بالمواد الأخرى القابلة للاستخدام أكثر من مرة، وأصبح هذا المفهوم من المفاهيم الرائجة في الفكر الإماراتي.

ومن أبرز المحميات الطبيعية، التي تستهدف السياحة الخضراء في الإمارات:

· محمية مروح البحرية، ومحمية الياسات البحرية، في أبوظبي.

· محمية رأس الخور للحياة البرية، ومحمية دبي الصحراوية، في دبي.

· محمية وادي الحلو، ومحمية مليحة، ومحمية واسط الطبيعية، في الشارقة.

ولا تشكل هذه المحميات السياحة المستدامة فقط في الإمارات، فهناك العديد من البقع والخيارات الأخرى، التي تستهدف السياحة البيئية، مثل: رحلات السفاري الصحراوية، والمشي في الجبال، والتخييم في الصحراء، والغوص في أعماق البحار.

كيف تصبح مسافراً أكثر استدامة؟

هناك بعض النصائح والعادات، التي تجعلك مسافراً أخضر أيضاً. لذا، حاول التحلي بها في أي مكان تزوره، وليس شرطاً في الدول التي تدعم السياحة الخضراء فقط، وتشمل هذه العادات:

· قلل النفايات، وحاول تدويرها.

· احترم العادات، والثقافة المحلية.

· ادعم الاقتصاد المحلي، عن طريق شراء الهدايا التذكارية المحلية.

· انتبه إلى البيئة، وكن صديقاً لها.

· اختر المطاعم المحلية، وأماكن الإقامة الصديقة للبيئة، كلما أمكن.

· احجز عطلة في الموسم المنخفض؛ لتجنب الحشود، ودعم المجتمع المحلي.

· حاول استخدام العبوات القابلة لإعادة الاستخدام، أو الحد من استخدام البلاستيك الأحادي الاستخدام.