لم يعد اسم المخرج سامر البرقاوي يخفى على أيٍّ من متابعي الدراما العربية، بعد أن استطاع نقش اسمه في عقول الجماهير العربية، من خلال تقديمه سلسلة من الأعمال التي طبعت في ذاكرتهم، وامتد تأثيرها لتفاصيل حياتهم اليومية، لعل أبرزها: "نص يوم"، و"تشيللو"، و"لو"، وملحمة "الهيبة"، التي امتدت عبر خمسة مواسم، وكللت بفيلم سينمائي حمل الاسم ذاته.

ولم يكن موسم الدراما الرمضانية الحالي عادياً أبداً للمخرج البرقاوي، بعد أن تصدر عمله "الزند-ذئب العاصي" أحاديث الناس، ونال مديح النقاد والعامة على حد سواء، واعتبره البعض علامة فارقة في تاريخ الدراما العربية.

وعلى هامش مشاركته في مؤتمر "نساء على خطوط المواجهة"، الذي أقيم في العاصمة الأردنية عمان بتنظيم من مؤسسة "مي شدياق"، نفى البرقاوي لـ"زهرة الخليج" ما تردد، في الآونة الأخيرة، من بدء تصوير جزء ثانٍ من مسلسل "الزند - ذئب العاصي".

وقال البرقاوي إن مشروع "عاصي الزند" بُني تباعاً، ما يعني أن رؤيته كانت تكتمل أثناء تنفيذه والعمل به، حتى الوصول للحظة العرض الأخيرة، التي بينت لفريق العمل أن الحكاية في المسلسل انتهت بمكان معين، وأن العمل تحدث بما يريد البوح به وقوله، وهو الأمر الواقع حالياً.

غياب أبطال "الهيبة":

لاحظ المشاهدون أن مسلسل "الزند - ذئب العاصي" خلا تماماً من أبطال مسلسل "الهيبة"، بجميع أجزائه، وهم الذين عمل معهم البرقاوي لسنين طويلة، وقد أوضح المخرج سبب هذا الأمر، قائلاً إن هنالك اختلافاً جذرياً بين العملين، فقد تغيرت البيئة بشكل كامل، إذ إن "الهيبة" ينقل بيئة حدودية، وكان المكون اللبناني جزءاً أساسياً منها، بينما مثّل "الزند" وسط سوريا في بيئة سورية خالصة.

وأضاف أن هنالك أسباباً مختلفة أيضاً، من أهمها أن وجهة نظر القائمين على المسلسل في شركة الصباح لم تقتصر على إشراك ممثلين سوريين به، وإنما تقديم كوادر جديدة من الممثلين السوريين الخام، وهو ما حصل على أرض الواقع، فقد أبرز "الزند" نماذج لممثلين وقفوا لأول مرة أمام الكاميرا، وأخذوا فرصتهم بهذا المشروع.

وعن اختياره للممثلة الأردنية نادرة عمران لتجسيد شخصية زعيمة الغجر، والتي نالت استحسان الجمهور بشكل كبير، قال المخرج السوري:" تربطني صداقة قديمة بنادرة، والتقينا بمشاريع سابقة، ما سهل عملية اختيارها للدور، وجعلني متأكداً أنها ستحقق لي أفضل ما يمكن بهذه الشخصية".

وأضاف: "رغم أن شخصية نادرة كانت ضيفة على العمل، لكن الدور الذي قدمته كان مؤثراً جداً في المشروع ككل، لهذا السبب كنت حريصاً على دقة اختيار الممثلة التي ستقدم هذه الشخصية، وكانت لمعرفتي بنادرة وبإمكانياتها الكبيرة أهمية خاصة بحرصي على مشاركتها، لكل هذه الأسباب لم يكن من الصعب اختيار نادرة عمران إطلاقاً".

تيم حسن:

يرى سامر البرقاوي أنه ليس محتكراً لتيم حسن، وليس العكس صحيحاً كذلك، لكنه يصف علاقتهما بالشراكة المثمرة.

ويشبّه المخرج هذه الشراكة بالشجرة المثمرة، التي تمنح صاحبها ثماراً ناضجة سليمة، وإنه بكل تأكيد لن يقوم بقطعها، وسيعمل على رعايتها وريها والاهتمام بها، لتنمو وتكبر أكثر، ويتحسن منتجها.

ويشير البرقاوي إلى أن هذه الشراكة الممتدة لما يقارب العشر سنوات، شهدت تقديم تيم لأعمال ومشاريع أخرى، كما قدم هو مسلسلات لم يكن تيم موجوداً بها، وكان من أبرزها مسلسل "دولار"، الذي أنتجته منصة نتفليكس، وأيضاً مسلسل "شبابيك"، معتبراً أن الظروف والمشاريع التي يعملان بها هي التي تحكم في النهاية، مؤكداً مرة ثانية اعتزازه بعمله مع تيم، فقال: "هي شراكة مثمرة، تقدم أعمالاً ناجحة، وتمنحنا حماساً للمستقبل.. فلماذا لا نستمر معاً؟".

دانا مارديني:

رفض مخرج مسلسل "الزند" تسمية أي ممثل بعينه نال إعجابه بشكل خاص من كادر مسلسل "الزند"، قائلاً إنه من الصعب عليه أن يحصر موضوع الأداء، على امتداد ملحمة بكل هذا التنوع، بالأجيال والأنواع وأنماط الشخصيات التي قدمت.

وأكد أنه راضٍ كل الرضا عن كل من وجد في المشروع، طالباً من الجمهور أن يحددوا بأنفسهم اسم الممثل الذي أذهلهم بأدائه.

ولم يكن صعباً أن نذكر له اسم الممثلة السورية دانا مارديني، التي نالت إشادات واسعة جداً، لقاء ما قدمته في العمل، وتصدرت "الترند" في تلك الأوقات، ليرد البرقاوي بأن دانا تمثل ورقاً متماسكاً ومتيناً، وقادرة على أن تقدم الأدوار التي أسندت لها بعناصر مكتملة، وأكمل: "دانا ممثلة استثنائية، تعرف كيف تفكك الورق وتنحته بشكل صحيح، إضافة لوجود توافق كبير بين رؤيتي كمخرج لشخصيتها وقراءتها هي لتلك الشخصية، وقد استطعنا على امتداد العمل أن ندير هذه الشخصية بالاتجاه الصحيح، وكان لتكامل العناصر حولها دور مهم أيضاً في تقديم الدور بالشكل الذي رآه الجمهور".

ما بعد النجاح:

بعد النجاح الكبير، الذي حققه المخرج بمسلسله الأخير "الزند - ذئب العاصي"، يشرح سامر البرقاوي لـ"زهرة الخليج" تفكيره في القادم، قائلاً إنه يفصل موضوع النجاح عن العمل الذي يريد تقديمه مستقبلاً، كونه يمتلك هواجس فنية يعيشها داخله من مرحلة لأخرى، وأن هذه الهواجس تحرك دوافعه للاختيار بمعزل تام عن الأصداء التي رافقت المسلسل.

وبيّن أن النجاح الذي تم تحقيقه يشكل له تحدياً كبيراً للمشروع المقبل، لكن ماهية العمل المنتظر تبقى بكيفية تفكيره بالمرحلة المقبلة، وأشار إلى أنه يرغب بتقديم عمل يلقي بالضوء على مرحلة تاريخية معاصرة، وهو الذي يمثل إحساسه بأن قراءة التاريخ بشكل واعٍ ومنصف وموضوعي، تحمل إسقاطات ودلالات على الواقع الراهن، مبيناً أن عملاً بهذا الشكل سيكون مفيداً جداً في هذه المرحلة.