تعكس شبكة زايد للمحميات الطبيعية، في أبوظبي، احتفاء دولة الإمارات بإرث المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وتقدير جهوده التي حققها في سبيل حماية البيئة والتنوع البيولوجي في الدولة، وفي مناطق أخرى حول العالم، فضلاً عن إسهاماته التي حظيت بالإشادة على نطاق واسع، في مجال المحافظة على الحياة البرية، والتراث الطبيعي.
وتشكل الشبكة، التي تضم 20 محمية طبيعية، بيئة متكاملة وشاملة، تضم عدداً من أفضل وأهم الموائل البرية والبحرية في الإمارة، وتمثل حجر الزاوية لحماية التنوع البيولوجي، وجهود حماية النظم البيئية، والتراث الطبيعي والثقافي.
ويعتبر مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28)، الذي تستضيفه دولة الإمارات في الفترة من 30 نوفمبر المقبل وحتى 12 ديسمبر المقبل، في مدينة إكسبو دبي، منصة متميزة لتبادل وجهات النظر والأفكار، لتعزيز العمل المناخي، وترويج تطبيقات المحافظة على الحياة الفطرية وتنميتها، وهو ما يتماشى مع جوهر الجهود التي بذلها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لترسيخ التنوع البيولوجي، عبر سن التشريعات، وإنشاء المناطق المحمية والتوسع فيها، للمحافظة على الأنواع المهددة بالانقراض، وإكثارها، وإعادة توطينها في مناطق انتشارها الطبيعية داخل الدولة وخارجها.

  • شبكة زايد للمحميات الطبيعية

الحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض:
نجحت شبكة زايد للمحميات الطبيعية في تسجيل أنواع من الحيوانات، اعتبرت منقرضة، أو لم يتم تسجيلها لأكثر من 20 عاماً في الطبيعة، واكتشاف أنواع جديدة سجلت لأول مرة على مستوى العالم، أو على مستوى الدولة، كما ساهمت الشبكة في الحفاظ على الموائل والأنواع البرية والبحرية المهددة بالانقراض، مقارنة بالأنواع خارج نطاق المحميات، بسبب المهددات البشرية، مثل: الاحتطاب، والرعي الجائر.
وتتميز شبكة زايد للمحميات الطبيعية باحتوائها على عدد من أهم وأفضل الموائل البرية والبحرية في الإمارة، لما تضمه من موائل غنية بالتنوع البيولوجي، من حيث عدد وكثافة أنواع النباتات والحيوانات المحلية، بالإضافة إلى استيعابها الكائنات المهددة بالانقراض على المستويين المحلي والعالمي.
وتعتبر الشبكة ذراعاً بيئية مستدامة، تستخدمها هيئة البيئة ـ أبوظبي لتنفيذ برامج صون وحماية الأنواع المهددة بالانقراض، والمساهمة في الحفاظ على عناصر التنوع البيولوجي في إمارة أبوظبي، بما يضمن استدامة الموارد، وتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بها.

اكتشاف أنواع جديدة:
وساهمت شبكة زايد للمحميات الطبيعية في تحقيق الاستقرار لعدد كبير من الكائنات، مثل: السلاحف البحرية وأبقار البحر والمها العربي، وزيادة أعداد الطيور، مثل: الفلامنغو والحبارى، واستقرار البيئات، مثل: الشعاب المرجانية والقرم، فضلاً عن تعزيز مكانة الدولة على خريطة العمل البيئي العالمي، إذ تؤكد جميع الاكتشافات، مؤخراً، تسجيل أنواع كانت قد انقرضت، أو لم يتم تسجيلها لأكثر من 20 عاماً، مثل: القط الصحراوي، والوشق، وغيرهما، كما يستمر اكتشاف أنواع جديدة تسجل للمرة الأولى على مستوى العالم، أو مستوى الدولة.
وتكللت جهود هيئة البيئة ـ أبوظبي في حماية الأنواع البرية والبحرية المهددة بالانقراض عالمياً، بإدراج الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة محمية الوثبة للأراضي الرطبة في أبوظبي على قائمته الخضراء للمناطق المحمية، في إنجاز جديد يضاف إلى الإنجازات العديدة التي حققتها محمية الوثبة، التي أصبحت - في عام 2013 - أول محمية في أبوظبي، تُضم إلى قائمة "رامسار" للأراضي الرطبة ذات الأهمية العالمية، ثم انضمام محمية "بو السياييف" البحرية إلى قائمة محميات الأراضي الرطبة عام 2016، لدورهما في الحفاظ على الموروث الطبيعي للإمارة، والعديد من الأنواع المهددة بالانقراض.
وتمتاز المحميات البحرية في إمارة أبوظبي بوجود أكبر تجمع في العالم لأبقار البحر بعد أستراليا، بواقع 2762 بقرة بحر، في محمية "مروح"، بالإضافة إلى وجود أكبر قطيع من "الدولفين الهندي"، إلى جانب نجاح المحميات البحرية في احتضان السلاحف الخضراء، وسلاحف منقار الصقر، المهددة بالانقراض، ما يؤكد أهمية المحميات في الحفاظ على الحياة الفطرية.

إنجاز خطط تطويرية:
تعمل هيئة البيئة ـ أبوظبي على تعزيز فاعلية إدارة المناطق المحمية، من خلال إعداد وتنفيذ خطط تطويرية للمواقع المحمية، والتي تتضمن تصميم وتنفيذ برامج الرصد البيئية، وتعزير برامج التفتيش والحماية، وتطوير البنية التحتية والمرافق، وتطوير الخطة التشغيلية والصيانة، وتعزيز وتدريب الكوادر الوطنية، وفق أحدث المعايير العالمية المستخدمة في إدارة المناطق المحمية، لترسيخ المكانة العالمية المتميزة التي تحتلها إمارة أبوظبي من حيث مساحة المحميات الطبيعية بالنسبة لعدد السكان في الإمارة، حيث تحتل المرتبة الأولى إقليمياً، والعاشرة دولياً، وفقاً للمقارنات الإقليمية والعالمية.

  • محميات بحرية

محميات برية وبحرية: 
وتضم شبكة زايد للمحميات الطبيعية 20 محمية، موزعة على 14 محمية برية، تمثل 16.9% من مساحة أراضي الإمارة، و6 محميات بحرية تمثل 13.9% من إجمالي مساحة البيئة البحرية في الإمارة، وتضم قائمة المحميات البحرية متـنـزه السعديات البحري الوطني، الذي يقع في المنطقة البحرية المتاخمة لجزيرة السعديات، وهي موطن يتميز بوفرة الحياة البحرية، مثل سلاحف منقار الصقر المهددة بالانقراض.
وتعتبر محمية "الياسات"، المحاطة بالشعاب المرجانية، موطناً مهماً للعديد من الكائنات البحرية. كما تتميز بأهميتها البيئية، فضلاً عن أهميتها التاريخية والثقافية، في حين يعد متنزه القرم الوطني موطناً لملايين أشجار القرم، التي تدعم العديد من الأنظمة البيئية.
وتتميز محمية "مروّح" للمحيط الحيوي بغناها وتنوعها البيولوجي، الذي تدعمه بيئات بحرية وساحلية، كما تعتبر موطناً لثاني أكبر تجمع لأبقار البحر في العالم، الأمر الذي أكسبها أهمية دولية.
وفي عام 2019، عثر علماء الآثار على أقدم لؤلؤة في العالم بالموقع الأثري في جزيرة "مروّح"، وتلت ذلك عدة اكتشافات تاريخية على الجزيرة، تعود إلى العصر الحجري، وهي الحقبة التي شهدت حياة على الجزيرة.
وتقع محمية "بو السياييف" غرب قناة المصفح، وتعتبر منطقة مهمة للطيور المهاجرة والمقيمة، وتضم مجموعة من الموائل المناسبة لطيور النحام الكبير (الفلامنغو) وغيرها من الطيور المهاجرة. وقد انضمت المحمية للشبكة العالمية لمواقع الأراضي الرطبة عام 2016، ضمن الاتفاقية الدولية المعروفة باتفاقية "رامسار".
في حين تشكل محمية "رأس غناضة" الغنية بتجمعات الشعاب المرجانية، قيمةً اقتصاديةً مهمة مباشرة وغير مباشرة، حيث تساعد في حماية المنطقة الساحلية من الأعاصير، وتعتبر عنصراً مهماً للجذب السياحي.

  • حماية الحيوانات من الانقراض

محميات برية:
وتضم قائمة المحميات البرية، في شبكة زايد للمحميات الطبيعية، محمية "البدعة" الطبيعية، التي تتميز بوجود طبقات وكثبان رملية، كما تحتوي على غطاء من الشجيرات. كذلك تتميز محمية "الدلفاوية" بالطبقات والكثبان الرملية، كما تحتوي على أعشاب معمرة ونجيليات.
وتعتبر محمية الرملة واحدة من أكبر المحميات الطبيعية، حيث تمتد على مساحة إجمالية قدرها 544 كيلومتراً مربعاً في منطقة الظفرة، فيما تعد محمية قصر السراب من أهم المحميات للسياحة البيئية، كما أنها إحدى أهم المحميات التي يتجول فيها المها العربي بحُرية، في منطقة الربع الخالي.
وتقع محمية "المها العربي" في منطقة رزين، وتبلغ مساحتها الإجمالية 5975 كيلومتراً مربعاً، وهي موطن لأكبر عدد من المها العربي في العالم. في حين تحتوي محمية "الغضا" الطبيعية على توزيع محدود لشجيرات الغضا، وهي تعتبر آخر موقع لهذه الشجيرات، ويمثل توزيعها الحد الشرقي في شبه الجزيرة العربية.
وتعتبر محمية "الوثبة" للأراضي الرطبة أول محمية تم إنشاؤها في أبوظبي، كما أنها أول موقع ينضم إلى القائمة الخضراء للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة في منطقة الخليج العربي، وتعتبر هذه المحمية موطناً أساسياً لأكثر من 4500 طائر من طيور النحام الكبير (الفلامنغو)، التي تقضي بها من الخريف إلى الربيع.
وتقع محمية "متنزه جبل حفيت" الوطني في منطقة العين، وتعتبر المحمية الجبلية الوحيدة في إمارة أبوظبي. كما تعتبر موطناً لأنواع نادرة، مثل: الطهر العربي والنخيل القزم، في حين تمثل محمية "يو الدبسا" الوجهة المُثلى للنباتات المحلية في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي، فيما تستضيف محمية "الحبارى" أكبر البرامج لإعادة توطين الحبارى في المنطقة، كما أنها المحمية الوحيدة التي شوهد فيها قط الرمال، بعد فترة زمنية طويلة لم تُسجل له خلالها أي مشاهدة. أما محمية "بدع هزاع"، فتقع في منطقة الظفرة، وتغطي الغابات أكثر من 75% من مساحتها.
أما محمية "برقا الصقور"، فتعتبر من أهم مواقع تكاثر الحبارى، وتقع في منطقة الظفرة، كما يكسوها غطاء نباتي مميز، في حين تعد محمية الطوي واحدة من المناطق المهمة لتكاثر الحبارى، بمساحة إجمالية قدرها 46 كيلومتراً مربعاً.
كما تضم الشبكة محمية كثبان الوثبة الأحفورية، التي تعد المحمية الأولى من نوعها في الدولة، ومنطقة غرب آسيا، وتضم أكثر من 1700 كثيب أحفوري، في أكبر تجمع لها في موقع واحد بالإمارة، حيث تنتشر على مساحة تصل إلى 7 كيلومترات مربعة.
وتعد المحميات إحدى ركائز التراث الطبيعي لإمارة أبوظبي، ودولة الإمارات، وتقع ضمن فئة (المظاهر الجيولوجية) للمحميات الطبيعية، حسب معايير الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، وهي مرشحة للانضمام لقائمة "اليونيسكو" العالمية للحدائق الجيولوجية. ووفقاً لتقديرات المختصين، يرجع الموقع داخل حدود المحمية إلى العصر الجليدي، حيث يقدر عمره بنحو أكثر من 120 ألف سنة.