تسنيم عمران: الاختلاف يكمل هذا الكون

مستلهمة من شقيقتها، التي ولدت بمتلازمة داون، تعانق أحرف الكاتبة تسنيم عمران، بدفء وثقة، طرقاً للتعبير عن التعقيد، والبساطة، لفهم هذه الفئة، و«كروموسومها» الإضافي، فضلاً عن أسلوبها السهل، الذي يلامس إنسانيتنا جميعاً. الأهم من ذلك أن تسنيم تكتب بهدف تمكين الآخرين وتثقيفهم بشأن هذه المتلازمة، عن طريق ا

مستلهمة من شقيقتها، التي ولدت بمتلازمة داون، تعانق أحرف الكاتبة تسنيم عمران، بدفء وثقة، طرقاً للتعبير عن التعقيد، والبساطة، لفهم هذه الفئة، و«كروموسومها» الإضافي، فضلاً عن أسلوبها السهل، الذي يلامس إنسانيتنا جميعاً. الأهم من ذلك أن تسنيم تكتب بهدف تمكين الآخرين وتثقيفهم بشأن هذه المتلازمة، عن طريق التركيز على قدراتهم، والتحدث عنهم بواقعية.. «زهرة الخليج» التقتها لتسألها، من خلال تجربتها، كيف يمكن للأدب والمجتمع العمل معاً؛ لإفادة حياة الأشخاص المصابين بمتلازمة داون؟

* ما أهم السمات التي يجب أن تتوفر في كاتب نصوص الأطفال؟

- من المهم أن يتمتع الكاتب بخيال واسع، عميق وسليم، ويستغل هذا الخيال لزرع المعتقدات السليمة في عقول الأطفال بطريقة ممتعة وسلسة، من خلال قصصه. أيضاً، أرى أنه من المهم أن تكون لدى الكاتب رسالة واضحة، يريد أن يوصلها من خلال قصصه بهدف التوعية، أو تغيير العالم نحو الأفضل. فروح الكاتب الطفولية، واهتمامه بأدق التفاصيل التي تؤثر في الطفل، سمتان أساسيتان، ثم بالتأكيد الإلمام باللغة العربية ومفرداتها، والقدرة على اختيار المفردات البسيطة منها، ثم لا ننسى الشغف فهو المحرك الأساسي لكل ما سبق!

* هل هناك خصوصية للكتابة عن أطفال متلازمة داون؟

- الكتابة عن أطفال متلازمة داون، أو عن أصحاب الهمم بشكل عام، يجب أن تكون من منطلق معرفة عميقة، وإلمام شامل بهم. وبدافع تقديمهم بصورتهم الحقيقية الرائعة، بعيداً عن أي قصور أو تعظيم، فقط بشكل حقيقي، وبهدف تغيير المعتقدات والأفكار المغلوطة المأخوذة عنهم، مع الحرص على شرح الصفات العامة، التي ترافق المتلازمات المختلفة بأسلوب مبسط وسلس؛ لنشر التوعية لدى الأطفال، وغرس قيمة تقبل الاختلاف في نفوسهم، وإيصال رسالة أن ننظر إلى الداخل لا إلى الخارج؛ فنحن بحاجة إلى أصحاب الهمم كما هم بحاجة إلينا تماماً، نتعلم منهم ويتعلمون منا. شخصياً، تجربتي كوني فرداً من أفراد عائلة «لولو»، وهي من ذوي متلازمة داون، ساعدتني على تقديمهم بأبهى وأصدق صورة، من خلال سلسلة «أنا مميز»!

* تكتبين لأطفال يعيشون في عصر معولم ثقافياً.. كيف نشد أطفالنا إلى القصص المرتبطة بلغتنا، وثقافتنا؟

- أعتقد أن أطفالنا محظوظون لعيشهم في هذا العصر المعولم، وانفتاحهم على مختلف اللغات والثقافات. وهنا، قد يكون للأهل الدور الأكبر في لفت نظر أطفالهم إلى القصص والكتب العربية؛ فلغتنا العربية جميلة وثرية وملونة، والطفل كائن بصري وسمعي؛ لذلك يجب أن نحرص على اختيار القصص ذات الرسوم اللافتة، ثم القراءة لأطفالنا بأسلوب مبهج محبب، وألا ننسى اختيار قصص تتحدث عن مواضيع تثير فضول الطفل.

* إلى أي مدى تشعرين بالرضا عن الكتابة للأطفال من أصحاب الهمم؟

- أرى أن الكتابة عن الأطفال من أصحاب الهمم واجب عليَّ وعلى الآخرين أيضاً، فهي واجب مجتمعي، وحق لأصحاب الهمم. الهدف الأول، والأخير، من الكتابة عن أصحاب الهمم هو نشر التوعية المتعلقة بهم؛ فقلة الوعي تؤدي إلى تنمر الآخرين لأصحاب الهمم، والتنمر لهم أمر بعيد كل البعد عن الأخلاق والإنسانية، وهذا أمر عايشناه لسنوات. من هنا، فرضت عليَّ قيمي وأخلاقي أن أقوم بكسر الصورة النمطية للطفل، الموجودة بشكل معتاد ومكرر في قصص الأطفال، وأن أشارك النصوص التي تتحدث عن أصحاب الهمم؛ لبناء مجتمع قصصي دامج بشكل طبيعي، دون لفت النظر إلى أي نقص أو زيادة، وأعتقد أن هذه الخطوة هي الأولى نحو بناء مجتمع واقعي دامج. 

* هل تعتقدين أن هناك شحاً في كتب الأطفال بالمنطقة العربية؟

- بعد إقامة العديد من معارض الكتب في الوطن العربي؛ رأيت تنوعاً وتلوناً وقيماً رائعة، تُغرس في أطفالنا من خلال قصص الأطفال العربية القيمة. لكن، للأسف أرى أن هناك شحاً وفقراً في قصص الأطفال، التي تتحدث عن أصحاب الهمم، وهذا ما دفعني إلى كتابة ونشر سلسلة «أنا مميز». أتمنى أن نرى حضوراً أقوى لأصحاب الهمم في قصص الأطفال، حتى إن تحدثت القصة عن موضوع مختلف؛ فلا ضرر من إبراز أصحاب الهمم فيها، من خلال الرسم على الأقل.

* ما الرسالة التي تسعين إلى نشرها، من خلال «أنا مميز»؟

- الرسالة التي أسعى إلى نشرها هي أننا بحاجة إلى الاختلاف! ولا أقول هذه العبارة الرنانة اللامعة تسويقاً لإنسانيتي، وإنما أقولها؛ لأنني استشعرت أهميتها! فبعد تساؤلي لمدة 19 عاماً عن سبب خلق الاختلاف، اكتشفت كم نحن بحاجة ماسة إلى وجود فئات مختلفة في الكون. كما أن وجودي في دولة الإمارات كان له الدور الأكبر في نشر سلسلة «أنا مميز». فنحن نرى، كل يوم، المساهمة القوية التي تقوم بها الدولة لتمكين أصحاب الهمم، وسعيها الدؤوب إلى إيجاد مجتمع دامج وآمن، يساعدهم على التطور في الحياة، وعلى العيش باستقلالية؛ فلقد تناغمت «السلسلة» مع رؤية الدولة.. بشكل أو بآخر.

* ما خطواتك المقبلة؟

- أسعى إلى أخذ كل الخطوات الكبيرة والصغيرة، التي قد تساهم في التوعية بأصحاب الهمم، وإيجاد مجتمع دامج آمن لهم! لذلك أعمل، حالياً، على نصوص عدة، تتحدث عن أصحاب الهمم، سيتم نشرها في القريب. كما لديَّ العديد من النصوص الجاهزة والمختلفة في الوقت الحالي، وأسعى إلى نشرها بكل تأكيد، ومؤمنة بأثرها في أطفالنا، وبالفرق الذي ستحدثه فيهم.