أظهر مهرجان دبي للكوميديا، الذي أقيم أواخر شهر مايو الماضي، قدرة عددٍ من المواهب الإماراتية الفذة على خطف الأنظار، بتلقائيتها وعفويتها، وقدرتها الكبيرة على جذب الجمهور تجاهها.
وجمع عرض "ستاند أب إماراتي" كوكبة من الشباب القادرين على زرع الضحكة، ورسم الابتسامة الحقيقية على محيا الجماهير، بقدرتهم على الوصول إلى قلوب الناس بأسهل الطرق وأقصرها.
ولم يكن نجاح هذا "الستاند" تلقائياً، فقد عرف مقدموه كل تفاصيل النجاح وأسبابه، وقدموه بمحبة وإيمان مطلق، جعلهم بين الصفوة في الوطن العربي.

  • كانو الكندي

يقول الكوميدي الإماراتي "كانو الكندي"، في حوارٍ خص به "زهرة الخليج"، إنه يستقي أفكاره من الواقع والبيئة والمجتمع، ومن العادات والتقاليد، والحارة، وأيضاً الشارع الذي يعرف كل تفاصيله، مبيناً أن الأفكار المستوحاة من كل تلك العناصر تكون أقرب للواقع، وتدخل القلوب بسهولة أكبر، وتمنحه خصوصية عن غيره.
ويضيف أن واحداً من أهم أسباب النجاح هو عدم تعدي الخطوط الحمراء الأربعة، التي يلتزم بها، وهي: عدم الخوض في السياسة، والعنصرية، والجنس، والدين، خاصة أنه يقدم عروضه في مجتمع محافظ، مبيناً أن بإمكان الكوميدي التغريد حول هذه الأمور، دون الخوض فيها بشكل مباشر، بتصريح أو تلميح، أو النطق بألفاظ جارحة بهدف إضحاك الآخرين.
ومن خلال خبرته وتعايشه مع جمهوره، يشير "كانو" إلى أن الأفكار التي تستهوي الجمهور ويتفاعل معها بشدة، هي تلك المواقف الشخصية التي يمر بها الكوميدي، والمواقف المحرجة التي يتعرض لها في حياته، فهم لا يبحثون عن الأمور العامة، بقدر بحثهم عن حياة الكوميدي الشخصية، خاصة إذا استطاع نيل محبتهم.

  • بن صويلح

أهمية العمل:
يقول الكوميدي الإماراتي "بن صويلح"، في حديثه إلى "زهرة الخليج"، إن الجمهور، وحده، قادر على تحديد أهمية أي عمل كوميدي، فإذا لامسهم العرض، وكان قريباً منهم ومن مشاعرهم؛ فإنهم يعدونه مهماً بكل تأكيد.
ويؤكد "بن صويلح" أن على الكوميدي أن يبحث، دائماً، عن القصص الحقيقية القريبة من روتين الحياة العادية، التي تعد بمثابة مفتاح لقلوب الجماهير. مؤكداً أهمية التحضير للعمل، من خلال وضع الخطوط العريضة، ومعرفة النقاط الرئيسية، التي يريد التحدث فيها، مع إبقاء المجال مفتوحاً للخروج عن النص والارتجال الذي يبقى دائماً رهن ردات فعل الجمهور، الذي يدفعه غالباً للارتجال والخروج عن النص، دون أن يتعدى الخطوط الحمراء التي ذكرها زميله "كانو الكندي"، واتفق معه فيها.



جذب الانتباه:
يعتقد الكوميدي محمد كندي، المعروف باسم "كندي مان"، أن أفضل طريقة لجذب انتباه الجمهور، وجعله يتفاعل مع العرض المقدم، تتمثل في طرح القضايا التي لها صلة مباشرة بالمجتمع الذي يقدم فيه العرض، والابتعاد عن القضايا التي لا تمسه مباشرة، أو تكون متعلقة بمجتمعات أخرى.
اقرأ أيضاً: تعاون سينمائي (إماراتي - سعودي).. يظهر للجمهور في هذا التاريخ

ويكمل "كندي مان" حديثه إلى "زهرة الخليج"، مؤكداً أن جنسية الجمهور، والمواقف الشائعة بينه، هي التي تحكم تفاصيل العرض ومحتواه، مشيراً في ذات الوقت إلى وجود قضايا شائعة ومشتركة بين الشعوب، يمكن استغلالها والحديث عنها كذلك، مبيناً أن طبيعة العرض، وفكرة العمل، ورأي الجمهور فيه، هي العناصر التي تحدد نجاح العمل من عدمه.

  • أحمد سيف

دون تعقيد:
يؤمن الكوميدي الإماراتي أحمد سيف بأن الجمهور يبحث عن كوميديا الموقف، ويحب تقليد الشخصيات، وطرح النكتة ببساطة، دون أي تعقيد؛ بهدف إيصالها له بأبسط الطرق وأسرعها.
ويشير، في الوقت ذاته، لعدم اشتراط إلقاء النكات دائماً، وأن وجودها في العرض يعتمد على مكان الحفل ونوعية الجمهور والمادة المقدمة، خاصة أن أغلب الكوميديين يستقون أفكارهم مما يواجهونه في حياتهم اليومية، ويقومون بعد ذلك بتحويلها لحكاية ساخرة.
ويصف سيف الخروج عن النص والارتجال خلال العرض بالتوابل، التي تميز كل شخص عن غيره، خاصةً أنه ليس بإمكان الجميع الارتجال؛ لأن الأمر يحتاج ردة فعل سريعة، مؤكداً أنه على الصعيد الشخصي يستمتع كثيراً بالارتجال في عروضه، كون هذا الأمر يقربه كثيراً من جمهوره.



"ستاند أب".. وتمثيل:
تباينت آراء النجوم الأربعة حول إمكانية تحول "الستاند أب" الكوميدي إلى التمثيل، إذ لا يؤيد "كانو الكندي" التحول إلى التمثيل، معتبراً أنهما فنانان مختلفان كلياً، خاصةً أن مؤدي "الستاند أب كوميدي" لا يجسد أي شخصية أو يختبئ خلف أي قناع أو كاركتر معين، ولا يبتعد عن حقيقته أبداً، فهو يمثل نفسه وواقعه، واصفاً هذا الفن بأنه أصعب أنواع الكوميديا على الإطلاق.
ولا يبتعد رأي "كندي مان" كثيراً، فيقول إن التمثيل لا يقربه للجمهور كالفن الذي يقدمه، والذي يعتمد أساساً على المخاطبة، ويجعل الجمهور يعيشون القصص التي يرونها أمامهم مباشرة.
وعلى العكس تماماً، يؤيد "بن صويلح" الأمر، مؤكداً أن أي "ستاند أب" كوميديان لديه القدرة على التمثيل والإبداع أيضاً بهذا المجال، وأن استخدامه تعابير وجهه خلال ما يقدمه من عروض يعد تمثيلاً، إذ إنه يقدم عروضه كأنه ممثل على خشبة المسرح.
ومن وجهة نظر قريبة، يقول أحمد سيف إن عرض "الستاند أب" يحتوي على تأدية مواقف تمثيلية، خاصة بالتزامن مع إلقاء النكات، وأن كل كوميدي يستخدم أسلوبه الخاص لإيصال رسالته، من خلال لغة الجسد وتعابير الوجه، وهي أمور لا تختلف كثيراً عن فن التمثيل.