طوني ورد: مسيرتي مجرد بداية

يعتبر المصمم اللبناني العالمي، طوني ورد، أنه لايزال في أول الطريق، ويجب أن يكون جاهزاً للأفضل، لأنه يحمل اسم لبنان خارجاً، واضعاً لمساته الإبداعية على إطلالات الأميرات، وزوجات الرؤساء، والنساء الذواقات، وعلاقته مع النساء تشعره بأنهن يرين لبنان ويحببنه من خلال تصاميمه. ورث طوني شغف التصميم من والده ا

يعتبر المصمم اللبناني العالمي، طوني ورد، أنه لايزال في أول الطريق، ويجب أن يكون جاهزاً للأفضل، لأنه يحمل اسم لبنان خارجاً، واضعاً لمساته الإبداعية على إطلالات الأميرات، وزوجات الرؤساء، والنساء الذواقات، وعلاقته مع النساء تشعره بأنهن يرين لبنان ويحببنه من خلال تصاميمه. ورث طوني شغف التصميم من والده الراحل مصمم الأزياء الشهير إيلي ورد، ونشأ محاطاً بتفاصيل عالم الموضة الراقية، كما درس التصميم في باريس، وتتلمذ على يد كبار المصممين، وتعلم أسرار تقنيات الهوت كوتور بالمعايير العالمية، قبل أن يطلق علامته التجارية «طوني ورد كوتور». في رصيده أهم الجوائز، آخرها كانت «مصمم الهوت الكوتور والعرائس العالمي لعام 2023» من قبل The Emigala Fashion Awards.. التقيناه في حوار ممتع، مختلف ومطوّل، حدثنا فيه عن نفسه، والده، وعائلته، وطموحاته، ومسيرة 25 عاماً:

• ماذا يعني لك، كمصمم لبناني، حصولك على جائزة في الإمارات؟

- أن أكون مُقدراً من بلدي الثاني، فإن مسؤوليتي هي المضي قدماً، والاستمرار في القيام بعمل جيد. من المهم بالنسبة لي أن أوجد في دبي، فأول عرض أزياء أقمته عندما بدأت مشواري كان فيها، فكانت خطوتي الخارجية الأولى عام 1998. بدأت العروض من دبي، ثم مدينة العين، قبل الذهاب إلى روما وباريس. أحب الإمارات وشعبها، فهي تُظهر لنا أن التطور لايزال موجوداً، وأنا فخور بذلك. فهو البلد الذي تحدث فيه كل الإيجابيات.

• بعد رحلة عمرها 25 سنة.. كيف تقيّم وجود الدار في الخليج، وهل هناك نية لمزيدٍ من التوسع؟

- سياسة «طوني ورد كوتور» ليست التمركز في مكان واحد، فنحن من «البراندات» القليلة المنتشرة في كل مكان بطريقة متساوية، لدينا موظفون معتمدون علينا، سواءً كنا في صعود أو هبوط، فقررنا التوجه إلى جنوب شرق آسيا، من كوريا إلى اليابان وتايوان والصين، ثم التركيز على الولايات المتحدة الأميركية، والعمل بجهد في دول مثل: أذربيجان، وروسيا، والقازان. أنا مسافر كبير، وأفضل تطوير أعمالي بنفسي مع فريقي، وألتقي عملائي شخصياً. بالنسبة لوجودي في الخليج، أنا فخور بأنني أهتم بإطلالات الكثيرات هنا، فلديَّ محال تعرض مجموعاتي، وأعتقد أنه حضور جيد جداً، وأوجد بالإمارات مرتين في السنة.

• مقلٌّ في ظهورك الإعلامي.. ما السبب؟

- لديَّ حياة خاصة، وبالنسبة لي هي ملكي، فأنا أب لأربعة أبناء وبنات، وتهمني شركتي، واسمي، واسم أثوابي ومجموعاتي على السجادة الحمراء، وهذا هو الأساس. بالطبع، هناك مصممون يركزون على «السوشيال ميديا»، وعلى حياتهم الخاصة؛ لتقوية حضور «البراند». لديَّ حرب مستمرة مع فريق عملي، الذين يريدون مني الانخراط أكثر كوجه عام. وجودي، هنا، في حفل «The Emigala» أحد هذه الأمور، حتى لو لم تكن «بروفايلي» كشخص، فعلامتي تتحدث عني.

• كرمتَ والدك الراحل في مجموعة الربيع والصيف.. ما الذكريات الطفولية التي لاتزال راسخة في بالك عنه؟

- نشأنا في بلدٍ يعاني الحرب الأهلية، عندما كنا في الملجأ كان الوالد يعمل، لم أكن أراه كثيراً، فعندما كان يعود إلى المنزل أكون قد نمت، أراه يوم السبت في الليل، ويقلّني إلى المدرسة الساعة السابعة صباحاً. كبرت مع رجل يحب عمله كثيراً، ويحترم عائلته والتزاماته مع زبائنه. ومرت السنون، وسافرت إلى أوروبا وعدت، وأغلق الوالد الأتيلييه، وأحب الانضمام إلى الأتيلييه الخاص بي، وفرّغ نفسه للعمل معي، مكرّساً نفسه من جديد؛ ليكون شريكاً يعمل في الكواليس ليساندني ويقف بجانبي. لقد أعطاني والدي درساً كبيراً جداً في التفاني والتواضع، وعدم الاهتمام بالظهور وجذب الأنظار، فقد كان يقول لي دائماً: «المهم الفعل.. وليس الكلام».

• حدثني قليلاً عن مجموعة الهوت كوتور المقبلة؟

- أحضّر، حالياً، تشكيلة صغيرة خاصة بمهرجان كان السينمائي الدولي، وبالطبع نحضّر مجموعة الهوت كوتور لشهر يوليو المقبل. الفكرة غريبة نأمل أن تنال إعجابكم.

• ما الأساليب التي تتبعونها لتطوير أعمالكم؛ لمواكبة التقدم التكنولوجي السريع؟

- التكنولوجيا مهمة كثيراً، ونحن من القليلين الذين استخدموا طباعة الـ(3D)، ونفذنا فساتين بها، لكن هناك أمور كثيرة في التكنولوجيا بعيدة عن الكوتور؛ كون الأخيرة شغلاً يدوياً (شغل محابيس). التكنولوجيا تسهل عملي، واليوم تأخذنا إلى زبائن في أستراليا وتايوان والصين، لم نكن نستطيع الوصول إليهم من قبل، فقد صار العالم أقرب، والوصول سهلاً، وكل شيء أصبح في متناول اليد. بالنسبة للذكاء الاصطناعي، أعتقد أنه أفق جديد، لا أحد يدري إلى أين سيأخذنا، حتى إن تحديثه وصل إلى 2021 فقط، فهناك سنتان ناقصتان، وعندما يتم تحديثه قد يصبح مجنوناً وخطيراً، لأننا لا نريد قتل إبداعنا وإبداع أولادنا عندما يريدون كتابة مقالاتهم، أو الصحافيين الذين يريدون كتابة مواضيعهم؛ لأن الذكاء الاصطناعي يأخذ ثانيتين فقط لكتابة موضوع، وربما بطريقة أفضل. أسئلة عدة تطرح نفسها، منها: كم هو حقيقي؟ وإلى أي مدى أنا بحاجة - كفنان - إلى النظر لشخص وإعطائه رأيي بتجرد؟ وإلى أي مدى هذا الرأي رأيي، وليس رأي ماكينة أو آلة؟.. سنسأل أنفسنا من الآن فصاعداً عما هو حقيقي أو غير حقيقي.

• ساعات عمل طويلة تستغرقها تصاميم الهوت كوتور.. ما التحديات الأخرى التي تواجه هذه الصناعة؟

- كل دور الأزياء تعمل على سوق صغير جداً، والمنافسة كبيرة. الصورة والاستثمار يحدثان خارجاً، نحن آتون من عالم رجعي جداً، ورغم ما نشهده من تطور في بلادنا، فإنهم يستثمرون في الحجر أكثر من البشر. اليوم، أكبر مصمم في الشرق الأوسط لا يمثل 1% من رقم أعمال أصغر مصمم أوروبي، لماذا؟ لأن هناك شركات تتبنى المصممين، ويجب على المبدع ألا يكون رئيساً تنفيذياً، ومدير إنتاج، وبائعاً، وغيرهم. حتى لو كان في فريقي 200 شخص، يجب عليَّ استيعاب كل هذه الأمور، لأنه تجب عليَّ - في النهاية - إدارتها. عالم الهوت كوتور في بلادنا سيتطور جداً، لو خُصصت له الاستثمارات، لأن كلفته أكثر من عائده. والعائد الحقيقي حالياً يأتي من الصور، والعطور، والإكسسوارات، والملابس الجاهزة، وغيرها.

• هل من لمحة عن خطوط أزياء دار طوني ورد الجاهزة؟

- لدينا خط ملابس جاهزة، وخط أزياء عرائسية، وخط آخر للعروس راقٍ اسمه «LA MARIÉE». الخطان الأولان متوفران في 50 بوتيكاً بحوالى 30 بلداً. والنتيجة رائعة، على سبيل المثال، في نيويورك وحدها، العام الماضي، أنتجنا فساتين أعراس لـ500 عرس.

• هل مشاغلكم في لبنان تستطيع تلبية هذه الطلبات؟

- نعم، على الرغم من المشكلات والتحديات والصعوبات التي تواجهنا في لبنان، من غياب للكهرباء، وقلة الأيدي العاملة، والقوانين التي لا يمكن تطويرها لمواكبة وضع السوق.

• هل فكرت يوماً في التصنيع خارج لبنان؟

- شخصياً، 80% من وقتي أقضيه خارج لبنان، ويهمني طالما استطعت أن أستمر بالتصنيع في لبنان. أول ردة فعل كانت لديَّ بعد انفجار المرفأ عام 2020، أن وضعت نفسي بالطائرة، وسافرت إلى دبي ثم تركيا، وأردت افتتاح الدار في الخارج. لكنني لم أستطع ذلك، وشعرت بأنني أخون نفسي، فما كان مني إلا أن أصلحت كل الدمار الذي لحق بمبنى الدار، وانطلقت من جديد، لأنه بالنسبة لي من الضروري أن تكون رائحة لبنان موجودة على كل فستان أصممه.

• كيف تتبع مبادئ الاستدامة في مشاغلك؟

- منذ 4 سنوات، نهتم بتدوير المواد بشكل دائم. من ناحية أخرى، إن نسبة 10% من كل تشكيلة يعاد تدويرها من تشكيلة سابقة. نحن نعرف أن صناعة الأزياء ثاني أكبر صناعة ملوثة للبيئة عالمياً، ومن المهم كثيراً أن نكون مستدامين، وهذا يحتاج منا إلى المتابعة الدائمة والحثيثة، والإبداع يحتاج إلى أشياء جديدة، والجديد يمكن أن يأتي من القديم.

• ما العنوان الذي تطلقه على رحلة عمرها 25 عاماً؟

- إنها مجرد بداية.

• هل تفكر في نقل خبراتك إلى أولادك أو الجيل الجديد؟

- شركتي موجودة، بوجودي أو عدمه، وموظفو الدار شركاء فعليون، وأعتبرهم يستحقونها أكثر من أولادي. ابني الأكبر «ماركو» مصمم أزياء في باريس، يعمل في نحت الموضة من خلال إعادة التدوير بالكامل، ولديه خط أزياء اسمه «Minimal Waste»، مصنوع من النفايات، وأنا أشجعه كثيراً، وأريده أن يعمل وحده، وألا يشبه إلا نفسه. وأقول لأولادي، دائماً، إن شركتي ليست لكم، بل للأشخاص الذين يعملون فيها منذ 20 سنة، فهم يستحقونها أكثر منكم، وأكيد، المستقبل سيظهر ذلك، فالمهم لديَّ أن يأخذ كل ذي حق حقه.

أسئلة سريعة

• ما الأجمل.. الأمس أم اليوم؟

- الغد.

• فلسفتك في العمل، والحياة؟

- عش اللحظة الحاضرة.

• هل تحب إسداء النصائح؟

- يجب انتزاعها مني.

• ما الذي تطمح إليه؟

- رفع اسم لبنان في الخارج.

• أين تحب قضاء الإجازات؟

-  في باريس؛ لأن أولادي هناك. وفي بيتي بروما، وفي بيروت.