تعتبر مانا جلاليان سيدة أعمال، ومصممة داخلية، وشخصية بارزة في المجتمع بمنطقة الشرق الأوسط، كما لها قصة شغف وتفانٍ وموهبة في عالم الفن التشكيلي. من أحدث مشاريعها في عالم الفن والتصميم تأسيس «بيت مواسونييه» (Moissonnier Home) في الإمارات، وهي شركة فرنسية مختصة بالأثاث الراقي، تشتهر بصناعة القطع الفريدة والفنية، والمفصلة حسب الطلب منذ عام 1885.. في هذا الحوار، نتعرف إلى مانا جلاليان، ونعرف أكثر عن «مواسونييه»، حيث يتقاطع التصميم والفن والتاريخ والثقافة:

• ما العوامل التي بنت وشكّلت شخصيتك الإبداعية؟

- لقد تأثرت شخصيتي الإبداعية كثيراً بخلفيتي الثقافية، ورحلتي التعليمية. لقد كنت، دائماً، مولعة عاطفياً بالفن والإبداع، ما جعل مسيرتي أسهل لخوض مهنة التصميم الداخلي. منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، كان شغفي هو جمع الأعمال الفنية، واستكشاف الفن من دول أخرى، مع تقاليد فنية مختلفة ومتنوعة لدول، مثل: كندا، والإمارات، وأذربيجان، ودول أخرى في الشرق الأوسط. وقد زودني هذا الاستكشاف بتعلم فن الثقافات الجديدة، وبفرص احتضان وتقدير مجموعة واسعة من الأساليب والأشكال الفنية، ما زاد حبي للفن والتصميم. إن تأثير هذه التجارب الثقافية المتنوعة واضح في منهجي للتصميم الداخلي، حيث يسعدني مزج البساطة العصرية مع الأناقة الخالدة للعناصر التقليدية؛ فمع دمج تصاميم متناقضة أسعى إلى فن فريد وغير تقليدي، يسد الفجوة بين الماضي والحاضر.

مزيج ديناميكي

• ما الذي قادك إلى افتتاح «Moissonnier» في دبي، وكيف استقبلها المجتمع الإماراتي؟

- جاء قرار إنشاء «مواسونييه» في دبي من وجهة نظر استراتيجية، وتقديراً لثقافة المدينة المفعمة بالحيوية، وتفضيلاتها الفنية، وانتقائها الأشياء المميزة؛ فبمزيجها الديناميكي من اتجاهات وتصاميم قديمة وجديدة، قدمت دبي المكان المثالي للعلامة التجارية الفرنسية مع أكثر من قرن من التاريخ، والملتزمة بدمج العناصر التقليدية مع الجاذبية المعاصرة. كان الاستقبال من المجتمع الإماراتي مملوءاً بالدفء مع تقدير للحرفية والتفاصيل، والمزيج الفريد من الطرز التراثية والطليعية التي نقدمها. إن انفتاح المجتمع على الجديد من «مواسونييه»، ومفاهيم التصميم المبتكرة، كان إلهاماً شجعنا على الإبداع والابتكار. وبالمثل، شعرنا بترحيب كبير من خبراء الفن، وعشاق التصميم، والعملاء، ما يعزز اختيارنا الصحيح لدبي كوجهة وموطن جديد.

• ما أبرز القطع الراقية، التي صنعت خصيصاً لـ«Moissonnier» دبي؟

- من الصعب تحديد القطع البارزة من مجموعتنا؛ نظراً لجاذبيتها الفريدة، والفردية. ومع ذلك، لدينا «Louis XV Dresser» مزينة برسومات رائعة مرسومة باليد بزخرفة «مينغ»، التي تميز نفسها. هذه الخزانة تحمل أهمية كبيرة بالنسبة لنا؛ لأنها كانت العنصر الأول، الذي بيع في الإمارات كبداية لنشاط مثير، ورحلة رائعة في المنطقة. وهي تعتبر أكثر من مجرد قطعة أثاث. فهي عمل فني حقيقي، حظي بتغطية على الصفحات الأولى للمجلات. وعرضت هذه القطعة في مقر إقامة العائلة الملكية بلندن. علاوةً على ذلك، صندوق الأدراج الخاص بلويس الخامس عشر، ونسخته الصفراء النابضة بالحياة، إذ يحمل طابعاً خاصاً في قلوبنا، كما في قلوب العملاء؛ فهذه القطعة المفعمة بالحيوية معروضة، الآن، في مكتبي بدبي.

• ما التجربة التي تقدمها صالة العرض إلى زوارها، وماذا عن أبرز المعروضات؟

- تفوق صالة عرض «مواسونييه» بدبي المفهوم التقليدي لمتجر الأثاث، إذ إنها مركز نابض بالحياة مع إبداع يتجاوز الحدود العرفية لتجارة التجزئة للأثاث الفاخر؛ فهدفنا هو إحداث ثورة في التفاعل بين الأثاث ومحيطه، من خلال دمج الفن كنسيج أساسي لديكور المنزل. يتم إحضار هذا الفن إلى الحياة، من خلال نهج «مواسونييه» الفريد للدمج الفني والإلهام مع التطبيق العملي، وضمان أن كل قطعة ليست مجرد قطعة أثاث، لكنها سرد فني يغرس تجربة عاطفية عميقة لدى زوارنا. باختصار، صالة عرض «مواسونييه» منصة يتقاطع فيها الفن والتصميم والتاريخ والثقافة، ما يوفر تجربة غنية وغامرة لضيوفنا.

• ما الأعمال الفنية التي تجذبك، ونجدها أكثر من غيرها ضمن مقتنياتك؟

- باعتباري شخصاً من الشرق الأوسط؛ أجد نفسي منجذبة إلى الأعمال الفنية، التي تعكس ثقافات وتقاليد ثرية للمنطقة، بينما نلتقط أيضاً آثاراً من تاريخنا. أحد أنواع الفن الذي يجذبني، بشكل خاص، هو الخط المعاصر، والطريقة التي يعيد بها الفنانون تفسير هذا الشكل التقليدي، ودمجه مع الحديث أو التجريدي. إنه اندماج جميل للماضي، وعرض الأهمية المستمرة للخط في ثقافتنا. أقدر، أيضاً، فن التثبيت والإبداع ببيئات غامرة؛ فالعديد من فناني الشرق الأوسط اعتنقوا هذه الوسيلة، لنقل الروايات القوية والتعليقات الاجتماعية والسياسية والبيئية في فنهم. إن الدخول إلى هذه التركيبات يأخذك إلى عالم مختلف، حيث يصبح الفن حافزاً للتأمل والحوار. بشكل عام، ذوقي الشخصي في الحديث والمعاصر، يتماشى مع القطع التي تحتفي بتراثنا الثقافي، واستكشاف هوياتنا المتنوعة.

تصميم داخلي

• لدينا فضول لمشاهدة تصميم منزلك الداخلي، فما أسلوب التصميم المتبع فيه؟

- مساحتي الشخصية انعكاس حقيقي لي، فبيتي يشبه المتحف؛ فلكل عمل فني وقطعة أثاث داخل جدران منزلي قصة وأهمية، لكنها أكثر دفئاً وخصوصية، ويعرض أسلوب تصميم منزلي مزيجاً غنياً من القطع الكلاسيكية والمعاصرة، ما يوفر بيئة ديناميكية تثير حالات مزاجية مختلفة في كل غرفة؛ ما يجعل بيتي أشبه بتجربة أكثر من مجرد مساحة للعيش. إن قطع «مواسونييه» واضحة، أيضاً، في منزلي؛ لأنني غالباً أخلطها مع تلك المعاصرة من مفروشاتي؛ فأرى بيتي لوحة قماشية فنية، مع لوحات حديثة ومفروشات ذات تاريخ.

• ماذا تضيف الأعمال الفنية إلى منازلنا؟

- إن قطعة فنية واحدة يمكنها أن تجلب الجمال الشخصي، والتعبير عن أنفسنا، ما يزيد الجاذبية المرئية، باستخدام الألوان المناسبة، والملمس، والأشكال الفريدة. الأمر بمثابة ملف انعكاس لأذواقنا الفردية وشخصياتنا، إذ لا يعزز الفن الجماليات المرئية فحسب، بل يضيف أيضاً العمق والمعنى إلى منازلنا، فلدى كل قطعة قدرة على الإلهام، والمشاركة الفكرية، وإثارة المشاعر، وكل عمل فني يروي قصة، ويحمل طابعاً خاصاً وجذاباً.

• من الفنانون المفضلون لديك حول العالم؟

- عندما يتعلق الأمر بالفنانين المفضلين لديَّ، فإن كلود مونيه، وفنسنت فان غوخ، هما المفضلان. إن نهجه الرائد لالتقاط الضوء، يتيح اللون لعشاق فنه، وتجربة جوهرية وإلهام الفنانين لاحتضان جمال العالم الطبيعي. وبالمثل فان غوخ جريء ومعبّر بأسلوب مميز في أعمال، مثل: «Starry Night»، و«Sunflowers»، إذ يجسد جوهر التجربة الإنسانية مع كثافة عاطفية، وإلهام الفنانين؛ للتواصل بعمق مع أنفسهم والناس، إن كلا الفنانين له أهمية لمساهماته في عالم الفن، والاستمرار على المستوى الشخصي والفني.

• كيف يتجلى الفن في مشاريعك كمصممة داخلية، وهل أنت فنانة قبل أن تكوني مصممة؟

- يعتبر الفن شريان الحياة لمشاريع التصميم الداخلي الخاصة بي، ولا يتعلق الأمر فقط بالجماليات؛ إذ يتعلق بإنشاء حوار بين العالم وسكانه. أختار القطع الفنية من قلبي؛ لتضفي زينة جميلة على بيتي، فهي عناصر متكاملة تساهم في قصة التصميم الشاملة، وقد قادني حبي للفن إلى التصميم الداخلي، وعملي كمصممة يغذي شغفي بالفن، فهما وجهان للشيء نفسه، ويتطوران باستمرار. في تصاميمي، ترى انعكاساً لتنوع الثقافات والبلدان التي كنت محظوظة بالاطلاع عليها، ما سمح لي بابتكار مساحات لافتة للنظر. هذا الاندماج بين الفن والثقافة والتصميم هو الذي يحدد عملي، وهو الذي ألهمني إحضار مفهوم «مواسونييه» إلى المنطقة.

ثقافات متعددة

• إلى أي مدى ينعكس تأثرك بالثقافات والبلدان، على مشاريعك التصميمية؟

- تتأثر مشاريع التصميم الخاصة بي بالبلدان المتعددة الثقافات، وهذا واضح في النهج الذي أعتمده في تنفيذ تصاميمي. ويسعدني، دائماً، استخدام هذه العناصر مع خلفيات ثقافية مختلفة، ودمج العناصر المتناقضة لابتكار ديناميكية وجمالية آسرة، تنتج عنها مساحات كلها مثيرة للاهتمام بصرياً، وغنية ثقافياً.

• هل يختلف هواة جمع الأعمال الفنية العرب عن الأجانب، وكيف؟

- التمييز بين جامعي الفن العربي والأجنبي، هو الفن نفسه؛ لأنها لغة عالمية تتجاوز الحدود الجغرافية، وتمزج ثقافتنا والخلفيات واللقاءات الفردية بعمق. من ملاحظاتي، يأتي كل فنان وجامع للأعمال الفنية من منظور فريد لعالم الفن، ويساهم في ذلك بديناميكية، فجامعو الفن العربي غالباً يمتلكون عمق التقدير للتقاليد الفنية الغنية من الشرق، ما قد يُظهر تقاربهم مع الفن الشرقي الحديث والمعاصر، وذلك واضح في مجموعتي الخاصة أيضاً.

• كلمة أخيرة..!

- إلى كل قارئ، سواء كنت فناناً طموحاً، أو شخصاً يتطلع إلى تعزيز الأجواء الفنية الخاصة في المنزل، تذكر أهمية الحفاظ على صدقك، وصوت فنك من الداخل، فالتجربة والتعلم المستمر محفزان للنمو والابتكار في عالم الفن والتصميم. لذا، قم بالمغامرة بلا خوف، واستكشف أنماطاً جديدة، واسمح لذوقك الشخصي بأن يرشدك، واعمل على أسلوب حياة يجلب لك فرحاً، واكتفاءً داخلياً.