حسناء طالب: إرادتي أقوى من التحديات

صنعت رائدة الأعمال المغربية، حسناء طالب، علامة فارقة واستثنائية في مجتمع الأعمال العربي عامة، والمغربي خاصة، من حيث القوة والذكاء والعلم والإرادة والطموح والعمل الدؤوب، حيث فازت بعمر 17 سنة ببطولة «ناسا مارشال» الفضائية. وعند 23 سنة، حققت لقب أصغر متداولة في سوقَيْ: «NYSE»، و«Nasdaq»، وأول مليون دول

صنعت رائدة الأعمال المغربية، حسناء طالب، علامة فارقة واستثنائية في مجتمع الأعمال العربي عامة، والمغربي خاصة، من حيث القوة والذكاء والعلم والإرادة والطموح والعمل الدؤوب، حيث فازت بعمر 17 سنة ببطولة «ناسا مارشال» الفضائية. وعند 23 سنة، حققت لقب أصغر متداولة في سوقَيْ: «NYSE»، و«Nasdaq»، وأول مليون دولار عام 2014. الآن، تقف كواحدة من أبرز الرائدات والمستثمرات في عالم الأعمال، حيث تعمل على إدارة محافظ عالمية بمئات الملايين، كما أنها عضو مجلس إدارة غرفة التجارة الأميركية في الإمارات، ويطلق عليها اسم «ذئب وول ستريت»؛ إعجاباً، وتقديراً لتفرد قدراتها على التحليل المالي.

فضلاً عن كل ذلك، تعتبر حسناء طالب شخصية تلفزيونية، حيث تقوم، حالياً، بتقديم برنامج «أول مليون»، عبر قناة ومنصة «المشهد»، ومقرها دولة الإمارات؛ لتشارك تجربتها مع الشباب العربي، وتقدم توصياتها حول سبل التعامل مع المال وإدارته.. حول تجربتها، وخبرتها بعالم الأعمال والتحليل والأسواق المالية، التقتها «زهرة الخليج»؛ فكان الحوار التالي:

• كيف كانت بداياتك في عالم الأعمال؟

- كنت أمتلك الموهبة لعمل أشياء كثيرة، بما في ذلك الغناء، لكن لم أكن أعرف كيف أبدأ، لذا كانت البدايات مضطربة حول ما أريد فعله في الحياة. لكن هذا الأمر لم يحل دون إرادتي في صنع مستقبل متميز؛ فسافرت إلى الولايات المتحدة الأميركية بسن صغيرة (17 عاماً)، وكانت تراودني فكرة «الحلم الأميركي»، وهناك تقدمت بطلب للحصول على مقعد للتدريب في معسكر «ناسا». كان هدفي الحصول على منحة دراسية، ومتابعة الدراسة، لأنني كنت مدركة أنه الأمر الوحيد لتجنب الفقر. بعد فترة التدريب، تم اختياري بين عدد قليل من الطلاب، الذين حصلوا على منحة دراسية، لتغطية نفقات التعليم.

• هل بدأت رؤيتك للمستقبل تتضح بعد أن حصلت على المنحة الدراسية؟

- لقد التحقت بالجامعة؛ للحصول على درجة البكالوريوس، ولم تكن لديَّ فكرة عما أريد القيام به بعد ذلك، لكن كان لديَّ شغف ودافع للتطور والتعلم المستمر، والاستماع إلى الأشخاص الأكثر خبرة، واستلهام أفكارهم الخلاقة، ما ساهم بشكل أساسي في تشكيل رؤيتي وأفكاري حول المستقبل، ثم وصولي إلى ما أنا عليه اليوم. وفي إحدى محاضرات مادة الاقتصاد الكلي، قام أستاذ المادة بالحديث عن التجارة والأسواق المالية، وكيفية إدراج الشركات في الأسواق المالية، والأهم من ذلك كيف يمكن لأي شخص شراء وبيع هذه الأسهم من المنزل، أو أي مكان في العالم.

• هل كانت هذه المحاضرة بداية لفت نظرك إلى عالم الأعمال؟

- بالفعل أخذ الموضوع كامل اهتمامي، وأردت معرفة المزيد، عدت إلى المنزل، وظللت أبحث في هذا الموضوع طوال الليل؛ لقد أصبح هذا الأمر شغلي الشاغل يومياً. كرست كامل وقتي، بعد المحاضرات، للعمل والبحث المستمر في عالم الاقتصاد والأعمال؛ للوصول إلى تحليلي الخاص، والاستراتيجيات المحتملة، ثم بدأت التداول من الكمبيوتر المحمول، وحققت نتائج مميزة. ومن أجل التوسع في هذا العالم، أخبرت مرشدتي (ميتزي بيرديو)، وهي مؤلفة وسيدة أعمال مميزة، تابعت نتائجي وأعجبت بها، فقامت بتقديمي إلى أحد أكبر عشرة مديرين لصناديق التحوط في «وول ستريت»، الذي تابع أدائي، وأدرك مدى شغفي وإصراري على التعلم؛ كي أصبح محللة مالية محترفة، وبعد مقابلات عدة، واختبارات في الرياضيات والتحليل الفني، دخلت بورصة «ناسداك» كأصغر متداولة عربية في «وول ستريت»، وحققت أول مليون دولار في سن 23 عاماً.

• ماذا عن شغفك بالغناء؟

- يقولون: «إن عليك تجربة أشياء كثيرة؛ لتعرف شغفك الحقيقي»، وشغفي الأول كان الغناء، وبالفعل سجلت عدداً من الأغنيات التي شاركتها مع أصدقائي المقربين، الذين شجعوني على القيام بذلك، لكن عندما دخلت عالم الأعمال شعرت بأن شغفي به يماثل شغفي بالغناء، لقد كان الشغف نفسه الذي شعرت به عندما بدأت دراسة السوق، وتحليل الأداء المالي، ومقابلة أشخاص متميزين، هدفهم في الحياة تغيير العالم من خلال توظيف رأس المال. وهذه هي المرة الوحيدة، التي عرفت فيها أنني ولدت؛ لأقوم بهذا العمل.

• ما أبرز التحديات، التي واجهتك في مسيرتك؟

- التحديات كانت كثيرة، لكنها تختلف من مكان إلى آخر. في الولايات المتحدة الأميركية، أنت محاط بالمتميزين والناجحين، والعمر مجرد رقم، حيث تركز الولايات المتحدة - بشدة - على تمكين الشباب، من خلال البرامج والمبادرات، التي تهدف إلى دعمهم في التعليم، وريادة الأعمال، والقيادة، إذ تقدم الحكومة، مثلاً، منحاً وقروضاً لدعم رواد الأعمال الشباب، كما يشارك الشباب في عمليات صنع القرار. هناك العديد من البلدان، التي تقدم دعماً مماثلاً، منها: كندا، والنرويج، وكوريا الجنوبية، ورواندا، وغيرها، بعكس بعض الدول العربية، حيث الاعتقاد السائد أنه «كلما كنت صغير السن؛ كنت أقل خبرة»، وبالتالي فرص الشباب أقل، ما دفعني للانتقال إلى بلدان تدعم النساء والشباب، بطرق مختلفة.

• ما النصائح، التي يمكن أن تقدميها إلى الشباب الباحثين عن عمل، أو لبدء مشروع تجاري؟

- أنصح الشباب بالعمل في الشركات؛ للحصول على خبرة عملية قبل خوض تجربة ريادة الأعمال، لأن كل ما يمكن أن يسمعوه في وسائل الإعلام، حول ترك المدرسة، وبدء عمل تجاري، ليس صحيحاً بالضرورة، والدليل أن 9 من أصل 10 شركات تفشل؛ بسبب نقص الخبرة أو الإرشاد. لذا، الانخراط في العمل قبل دخول ريادة الأعمال يمكن أن يوفر العديد من الفوائد والدروس القيمة، لكن قد تختلف ظروف وأهداف كل شخص، فقد يمتلك بعض رواد الأعمال الطموحين مهارات أو خبرات أو فرصاً فريدة، تجعلهم مناسبين لبدء أعمالهم الخاصة. ومع ذلك، بالنسبة للعديد من الأشخاص، إن اكتساب الخبرة العملية ذات الصلة قبل الشروع في ريادة الأعمال، يمكن أن يكون أساساً متيناً، ويزيد فرص نجاحهم على المدى الطويل. فالخبرة العملية توفر تنمية المهارات، والمعرفة العملية، وفرص التواصل، والاستقرار المالي، وتقليل المخاطر، والتعلم من الأخطاء، كما تقدم دروساً قيمة حول إدارة الأعمال، وخدمة العملاء، والتخطيط المالي، الأمر الذي يمكّن أصحاب المشاريع الطموحين من التعلم من الأخطاء التي يرتكبها الآخرون، وتجنب المخاطر المحتملة في أعمالهم الخاصة.

• ما الأهداف والتطلعات المستقبلية، التي تصرين على تحقيقها على المستويين: الشخصي والعام؟

- التعلم باستمرار، وإلهام الجميع، إذ أقوم حالياً بتقديم برنامج «أول مليون»، عبر قناة ومنصة «المشهد»، والذي أشارك فيه الشباب العربي تجربتي حول التعاطي مع المال وإدارته. كما أود مساعدة النساء على إظهار إمكاناتهن غير المحدودة في أي مجال يخترنه، فبإمكانهن النجاح في أي عمل، طالما يمتلكن الإرادة، من خلال تعلم الأساسيات المالية والاستثمار. «أن تصبح مليونيراً، ليس بالأمر الصعب»، لكن هذا لا يحدث بين ليلة وضحاها، بل يتطلب تخطيطاً دقيقاً، ومثابرةً، وصبراً، وحرصاً على تحقيق الأهداف، ثم الاستمرار في العمل الجاد؛ حتى في مواجهة التحديات، أو النكسات. وأخيراً مع الوقت والجهد، يمكن تحقيق النجاح المالي، وبناء الثروة.

• هل من كلمة أخيرة؟

- بالتأكيد، هناك نصيحة أخرى، أود تقديمها، تتمثل في متابعة الشباب (ذكوراً وإناثاً)، الحلم، ووضع الأهداف، والعمل على تحقيقها بإرادة صلبة. شخصياً، تمكنت، مؤخراً، من دخول عالم الإعلام؛ لأتمكن من تقديم الدعم والمساعدة إلى كل المهتمين بدخول الأسواق المالية، وريادة الأعمال. وأخيراً، أقول لأي شخص مهتم بدخول عالم الأعمال والتحليل المالي والأسواق: تعلم المحاسبة، واكتسب الخبرة بالأعمال من خلال العمل في شركات مختلفة، وتعلم باستمرار من خلال القراءة المتواصلة عن الاستثمارات، كما يجب عليك التحدث إلى الرياديين، وأصحاب الأعمال؛ للتعرف إلى طريقة عملهم، واكتساب الخبرة منهم، كما أنصح الجميع بالادخار واستثمار المال في سن مبكرة.