على مدى السنوات القليلة الماضية، ارتفع عدد المشاهير الذين يروجون اعتماد نظام غذائي خالٍ من الغلوتين؛ بهدف إنقاص الوزن، زاعمين، أيضاً، أنه يحسن الهضم، ويعزز مستويات الطاقة. 

فما مدى صحة ذلك؟.. وهل يدعم العلم ما يقولونه؟

الغلوتين هو بروتين موجود، غالباً، في الحبوب، مثل: القمح، والشعير. ومن المعروف أنه يمكن أن يسبب الالتهابات، ويتلف أمعاء الأشخاص المصابين بالاضطرابات الهضمية، ويسبب الانتفاخ والغازات والإسهال لمن يعانون حساسية تجاه الغلوتين. ويعتبر النظام الغذائي الخالي من الغلوتين العلاج الوحيد لهم. لكن بالنسبة للغالبية العظمى من الناس، لا يشكل الغلوتين أي خطر، وليست هناك حاجة إلى تجنبه.

ومع ذلك، تشير الدراسات إلى أن ما يقرب من ثلث الأميركيين باتوا يقللون استهلاكهم من الغلوتين، رغم عدم وجود دليل على أن الأنظمة الغذائية الخالية من الغلوتين يمكن أن توفر أي فوائد صحية لأولئك الذين ليست لديهم مشاكل في هضم الغلوتين. كما أنه لا توجد دراسات علمية تثبت أن الأنظمة الغذائية الخالية من الغلوتين تقلل خطر الإصابة بأمراض القلب، أو مرض السكري من النوع الثاني.

لكن من أين جاءت فكرة أن النظام الغذائي الخالي من الغلوتين يؤدي إلى فقدان الوزن؟.. يقضي النظام الغذائي الخالي من الغلوتين على جميع الأطعمة، التي تحتوي عليه. ووفقاً لمؤسسة مرض الاضطرابات الهضمية، فإن المصادر الرئيسية للغلوتين تشمل الحبوب، مثل: القمح، والجاودار، والشعير، والشوفان الثلاثي، بالإضافة إلى مشتقاتها من خميرة البيرة، ونشا القمح. لذلك، يحتاج الأفراد الذين يعانون مرض الاضطرابات الهضمية، أو حساسية الغلوتين، إلى تجنب العديد من المواد الغذائية الأساسية الشائعة، بما في ذلك: المعكرونة، والخبز، والمخبوزات، وحبوب الإفطار، وشراب الشعير. ويوجد الغلوتين، أيضاً، بشكل شائع في الصلصات والتوابل. علاوة على ذلك، يتم استخدامه كمواد غذائية مضافة. وفي هذه الحالات، عادة، يتم إدراجه على الملصقات تحت اسم «مالتوديكسترين» أو نشا القمح.

ونظراً لأن البدائل الخالية من الغلوتين تميل إلى أن تكون باهظة الثمن، ويصعب الحصول عليها، فإن النظام الغذائي النموذجي الخالي من الغلوتين يتكون، عادة، من أطعمة كاملة خالية من الغلوتين بشكل طبيعي، بما في ذلك الفواكه، والخضروات، والحبوب الخالية من الغلوتين، مثل: الأرز البني، والكينوا. 

إن إزالة الأطعمة، التي تحتوي على نسبة عالية من الكربوهيدرات البسيطة، واستبدالها بأطعمة غنية بالألياف قليلة المعالجة، قد تساعد بالفعل على تعزيز فقدان الوزن، والشعور بالرفاهية.

وتشير الأبحاث العلمية إلى أن مرضى الاضطرابات الهضمية، الذين يتحولون إلى نظام غذائي خالٍ من الغلوتين، قد يختبرون نقصاً في أوزانهم. ومع ذلك، لا يوجد دليل على أن الغلوتين نفسه يساهم في زيادة الوزن، أو يتداخل مع عملية فقدان الوزن. 

وبحسب أخصائيي التغذية، عند اعتماد نظام غذائي خالٍ من الغلوتين، يتجنب الشخص تناول الكربوهيدرات، وبالتالي يفقد الوزن. 

والسؤال الآن: هل الأطعمة الخالية من الغلوتين صحية؟

يعد الحفاظ على وزن صحي مهماً لرفاهيتك العامة، إلا أنه ليس العامل الوحيد، إذ يجب أن يكون الطعام الذي تتناوله مغذياً، ويدعم وزنك المستهدف.

وتشمل الأطعمة الخالية من الغلوتين بشكل طبيعي: الفواكه، والخضروات، وكذلك اللحوم الخالية من الدهون، والبروتين. ويمكن أن يكون النظام الغذائي، الذي يركز على هذه الأطعمة، صحياً وغنياً من الناحية الغذائية. ومع ذلك، يمكن أن تشمل الأطعمة الخالية من الغلوتين، أيضاً، الأطعمة الغنية بالدهون، والمقلية، ومجموعة من الأطعمة المصنَّعة، المصممة لتكون خالية من الغلوتين، ومحملة بالسعرات الحرارية التي يمكن أن تسبب زيادة الوزن.

إن التركيز حصرياً على تجنب الغلوتين يؤدي، أيضاً، إلى نقص العناصر الغذائية الضرورية. وقد وجد الباحثون أن المنتجات المستخدمة؛ لتحل محل الأطعمة المحتوية على الغلوتين، غالباً، تفتقر إلى العناصر الغذائية الأساسية، والفيتامينات، والمعادن، بما في ذلك: الألياف، وفيتامين (د، وB12)، وحمض الفوليك، والزنك، والمغنيسيوم، والكالسيوم.

في الوقت نفسه، تميل المنتجات المصنّعة، الخالية من الغلوتين، إلى احتوائها على مستويات عالية من الدهون المشبعة، والأحماض الدهنية المهدرجة (التي تعمل مثل الدهون المشبعة في جسمك)، ما يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب.

باختصار.. إذا كنت لا تعاني الاضطرابات الهضمية، أو حساسية الغلوتين، فينبغي ألا تزيل الغلوتين من نظامك الغذائي، بحسب الخبراء؛ لأن التخلي عن الغلوتين يمكن أن يضر بصحة أمعائك، ويسبب قيوداً غذائية غير ضرورية، واعلم أن أي مصاب بمرض الاضطرابات الهضمية يتمنى العودة إلى تناول الغلوتين، لو أنه لا يسبب له مشاكل صحية.