ها قد عاد عام دراسي جديد.. في مثل هذا الوقت من كل عام، منذ أن بدأنا العمل في المجلس الأعلى للأمومة والطفولة على برنامج الوقاية من التنمر في المدارس، أدعو الله من كل قلبي أن يحفظ الطلبة، وأن يكون وقتهم في المدرسة من أروع الأوقات، كما كانت أيامي في مدرستي (مدرسة النهضة الوطنية)، وأن يصنعوا ذكريات جميلة.. كنت أستيقظ بكل حماس للذهاب إلى المدرسة، فقد كان شغف التعلم في قمته، والحماس لرؤية صديقاتي لا يوصف، فكل يوم دراسي كان مغامرة جديدة، لا تخلو فيه جلساتنا من الضحك والمزح والمرح، لكن لم نكن نؤذي بعضنا، ولا نسمح بأن تُجرح مشاعر أحد من زملائنا.

كنت طويلة، مقارنة بزميلاتي في الفصل، وكانت إحدى زميلاتي تناديني بـ«برج بينونة» في ذلك الوقت، لكن لم يزعجني ذلك؛ فقد كان «بينونة» أول برج على كورنيش أبوظبي، وأجملها.

أتساءل: ما الذي حدث؟.. هل التنمر ناتج عن سوء تربية؟.. أم هو تفاهة وسطحية فكر بعضٍ من الناس؟.. هل هو مرآة لتصرفات بعض أولياء الأمور تعكسه تصرفات أبنائهم؟.. هل هو لانعدام الثقة بالنفس؟.. أم ضعف في شخصية البعض؟ 

طفلة تتعرض لاضطراب في الأكل بعد التنمر لها من قبل زميلاتها؛ لأنها تحضر طعامها من المنزل؟

طفل يبكي بعد التنمر اللفظي المستمر.. هل يُعقل؟

والأغرب من هذا كله أن هناك طلبة يتنمرون لمعلميهم؟ 

تصرفات دخيلة على مجتمعنا، وظاهرة لا تمثلنا، ولا تشبه ثقافتنا الجميلة.. ولا عقيدتنا؟ 

أعزائي أولياء الأمور، لنجلس بضع دقائق مع أبنائنا؛ لنحدثهم من مبدأ «ما لا ترضاه على نفسك.. لا ترضاه على غيرك». فعن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذِّ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرِمْ ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقُلْ خيراً أو ليصمت». 

فقد وصانا نبينا الكريم، صلى الله عليه وسلم، بألا نؤذي غيرنا، سواء بالقول أو بالفعل؛ فالدين دين أخلاق وتعامل.. لنغرس هذه الصفات منذ الصغر في نفوس أبنائنا؛ لينشؤوا عليها، ونتخلص من هذه الظاهرة يداً بيد.. «فقوم تعاونوا؛ ما ذلوا».