أصبح العالم أكثر وعياً بالبيئة، ما دفع البعض إلى البحث عن حلول للحفاظ على الأرض، وتقليل البصمة الكربونية التي تؤثر بشكل كبير في حياة كل المخلوقات، بما في ذلك قطاع البناء ومواده التي تستلزم استخراج مواد خام من الأرض.

وفي أحدث التوقعات، التي ألمحت إلى أن الاعتماد على المباني المستدامة قد يساهم في خفض الانبعاثات الكربونية الناتجة عن قطاع البناء بـ40% بحلول عام 2050، وتعد الهندسة المعمارية المستدامة هي ممارسة تصميم المباني التي تقلل تأثيرها على البيئة، وتقليل النفايات طوال دورة حياتها.

  • المباني المستدامة

ما المباني المستدامة؟

هو مصطلح ظهر على طريقة تصميم المباني، التي تركز على كفاءة الموارد والطاقة والمواد مع تقليل آثار البناء على صحة الإنسان والبيئة، وعلى الرغم من أن المباني الخضراء تفسر بطرق عدة مختلفة، فإن الرأي الشائع هو أنه ينبغي تصميمها وتشغيلها للحد من التأثير العام للبيئة المبنية على صحة الإنسان والبيئة الطبيعية، من خلال استخدام الطاقة والمياه والموارد الأخرى بكفاءة، وحماية صحة العمال، وتحسين إنتاجيتهم، بالإضافة إلى الحد من النفايات والتلوث والتدهور البيئي.

وقد كشف تقرير، صدر خلال الأيام الماضية من برنامج الأمم المتحدة للبيئة، بعنوان «مواد البناء والمناخ.. بناء مستقبل جديد»، أن العالم يضيف كل 5 أيام مباني تعادل حجم باريس كلياً، وقطاع البناء مسؤول عن 37% من الانبعاثات العالمية، لذلك طالب بأهمية خفض الانبعاثات الكربونية الناتجة عن مواد البناء، التي بإمكانها أن تخفف الانبعاثات بنسبة تراوح بين 50 و75%.

وأوضح التقرير أن هناك 3 استراتيجيات لإزالة الكربون من مواد البناء، هي:

1. عدم استخراج وإنتاج المواد الخام من خلال تحفيز الاقتصاد الدائري والمقصود به، بمواد أقل مع إعادة استخدامها، وإعادة تدوير المباني.

2. استخدام المواد المتجددة المنخفضة الكربون، والمنتجة من مصادر مستدامة، مثل: الطوب والأخشاب، ما يقلل الانبعاثات بنسبة تصل إلى 40%، بحلول عام 2050.

3. تحسين مواد البناء، من خلال إزالة الكربون من الصناعات التي يصعب الاستغناء، مثل: الخرسانة، والحديد، والاسمنت.

 

فوائد التحول إلى المباني الخضراء:

كفاءة الطاقة:

واحدة من أهم فوائد المباني المستدامة هي كفاءتها في استخدام الطاقة، إذ تم تصميم هذه المباني لتقليل استهلاك الطاقة، والاعتماد على الوقود الأحفوري، واستخدام مصادر الطاقة المتجددة، مثل: الألواح الشمسية وتوربينات الرياح لتوليد الكهرباء والحرارة.

وتستخدم المباني المستدامة، أيضًا، أنظمة الإضاءة والتدفئة والتبريد الموفرة للطاقة، لتقليل كمية الطاقة المطلوبة للحفاظ على بيئة داخلية مريحة. ومن خلال تقليل استهلاك الطاقة، تساعد المباني المستدامة على تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة، ومكافحة تغير المناخ.

الصحة.. والرفاهية:

تم تصميم المباني المستدامة لتعزيز الصحة والرفاهية، حيث يتم استخدام الضوء الطبيعي والتهوية لبيئة داخلية مريحة وصحية. وتستخدم هذه المباني، أيضاً، مواد غير سامة ومستدامة، تعمل على تحسين جودة الهواء الداخلي، وتقليل مخاطر الإصابة بمشاكل الجهاز التنفسي، كما تعمل المباني الخضراء على تعزيز النشاط البدني من خلال توفير مساحات لممارسة التمارين والأنشطة الخارجية، بتعزيز الصحة والرفاهية، وتحسين نوعية الحياة لشاغليها.

المنافع الاقتصادية:

توفر المباني المستدامة فوائد اقتصادية كبيرة، وتتميز بتكاليف تشغيل أقل، وتتطلب صيانة أقل من المباني التقليدية، وتتمتع المباني المستدامة أيضاً بقيمة إعادة بيع أعلى، ويتزايد الطلب عليها بين المشترين المهتمين بالبيئة، بالإضافة إلى ذلك تخلق المباني المستدامة فرص عمل في مجال الطاقة المتجددة، وصناعات البناء الخضراء، ومن خلال تعزيز ممارسات البناء المستدامة، يمكننا إنشاء اقتصاد أكثر استدامة وازدهاراً.

الحفاظ على المياه:

يعد الحفاظ على المياه جانباً حيوياً آخر من المباني المستدامة، وميزات البناء المستدامة مثل أنظمة تجميع مياه الأمطار والتركيبات المنخفضة التدفق، وأنظمة الري الفعالة، تساعد على تقليل إهدار المياه، والمساهمة في الحفاظ على الموارد المائية. هذا لا يفيد البيئة فحسب، بل يقلل أيضاً تكاليف المياه للركاب.

تقليل النفايات:

تقلل ميزات البناء المستدامة توليد النفايات، وتعزز إعادة تدوير النفايات وإعادة استخدامها، وتحقق ذلك من خلال طرق متنوعة، مثل: الاختيار الدقيق للمواد، واختيار المواد المتجددة والقابلة لإعادة التدوير، وتنفيذ خطط فعالة لإدارة نفايات البناء.

الفوائد البيئية:

تم تصميم المباني المستدامة بحيث يكون لها تأثير ضئيل على البيئة، من خلال استخدام مصادر الطاقة المتجددة، فهذه المباني تقلل استهلاك الطاقة، وتنتج نفايات أقل، ولها بصمة كربونية أقل من المباني التقليدية، ما يساعد على مكافحة تغير المناخ، ومن خلال تعزيز ممارسات البناء المستدامة، يمكننا تقليل تأثيرنا على البيئة، وخلق مستقبل أكثر استدامة للأجيال القادمة.

المنافع الاجتماعية:

المباني المستدامة لها فوائد اجتماعية، حيث إنها تعزز الشعور بالمجتمع والمسؤولية الاجتماعية، من خلال توفير مساحات للناس للالتقاء والتفاعل مع بعضهم بعضاً. وتعمل المباني المستدامة، أيضاً، على تعزيز التنوع والشمولية، من خلال توفير مساحات يسهل الوصول إليها للأشخاص من جميع القدرات. ومن خلال تعزيز المنافع الاجتماعية، تساعد المباني المستدامة على إيجاد مجتمع أكثر إنصافاً وعدالة.