رحلة سينمائية غامرة، خاضها الكاتب والمخرج والمنتج الإماراتي، عامر سالمين المري، خلال مسيرته الفنية الطويلة المليئة بالإنجازات، حيث استطاع حفر اسم من ذهب في عالم صناعة الأفلام، بتنفيذ أعمال ذات مستوى فني وتقني عالٍ. فبعد إنتاجه «ساير الجنة» عام 2015، وتوليه التأليف والإخراج في «عاشق عموري» عام 2018، اللذين شاركا في العديد من المهرجانات العالمية، وحصدا جوائز دولية، إلى جانب «شبح» الذي عرض جماهيرياً عام 2022، وحقق صدى كبيراً، ومراكز متقدمة في شباك التذاكر، يعود المري لينافس هذا العام بفيلمه الجديد «غنوم الملياردير»، الذي بدأت عروضه في صالات السينما المحلية مؤخراً؛ ليخوض تجربة مختلفة بتنفيذ أول فيلم إماراتي «أكشن» بأيادٍ إماراتية.. «زهرة الخليج» التقت المري في هذا الحوار؛ فحدثنا عن تجربته الجديدة، ورأيه في المشهد السينمائي المحلي، وقصة حبه للنجم الهندي أميتاب باتشان، وتحضيره لـ«شبح 2»: 

 

 

• بعد تجربتَيْ: «عاشق عموري»، و«شبح».. كيف وجدت ردود أفعال الجمهور على فيلم «غنوم الملياردير»، لاسيما أنه من نوعية الأكشن؟

- بعد الفيلم الرياضي العائلي «عاشق عموري»، وفيلم «شبح»، الذي يمزج بين الرعب والتشويق، قدمت تجربة جديدة ومختلفة في فيلم «غنوم الملياردير»، وهو تجربة ترفيهية عائلية شبابية، حيث يُعتبر هذا العمل تجربة سينمائية فريدة، ومغلفة بقصة تجمع بين الدراما والأكشن، وقد تم تصويره بين أبوظبي ورأس الخيمة، كما أنه أول فيلم يتم تنفيذ مشاهد القتال والحركة فيه بأيادٍ إماراتية (من دون دوبلير). وقد حاولت - قدر الإمكان - تنفيذ مشاهد المطاردات والأكشن الخطرة بصيغة عالمية، حيث أشرفت على تنفيذ هذه المشاهد بنفسي، وقد استطعت بتعاون فريق العمل المميز، ومنهم: عمر الملا، وعبدالله الشحي، وعبدالله الجفالي، وبلال عبدالله، وآلا شاكر، بالإضافة إلى «لجنة أبوظبي للأفلام» و«TwoFour54»، تنفيذ عمل سينمائي عائلي شبابي بامتياز. وقد جاءني الكثير من الإشادات من صناع سينما إماراتيين وعرب على فكرة الفيلم، والتحول النوعي في مضمون وتصوير الأفلام الإماراتية.

 

 

• تتولى بطولة الفيلم مجموعة من المواهب الإماراتية الشابة، التي بعضها يظهر للمرة الأولى على شاشة السينما.. ألا ترى أنها مجازفة ومغامرة؟

- منذ أن قررت دخول مجال السينما، كان توجهي ينصبُّ نحو دعم الإبداعات الشابة، وإظهار مواهبها التمثيلية، وإعطائها الفرصة للظهور واكتساب الخبرات اللازمة، من خلال الاحتكاك مع صناع السينما المخضرمين في عالم التمثيل. بطبعي أحب المغامرة والتحدي، وأسعى بشكل مستمر وراء التغيير والتنويع في طبيعة الأعمال السينمائية، لإيجاد حالة من الثراء الفني، فكان تنفيذ هذا الفيلم مغامرة كبيرة، وكان الهدف الرئيسي منها إظهار الممثلين الإماراتيين، سواء المخضرمين، مثل: بلال عبدالله، وعبدالله الجفالي، وآلاء شاكر، والشباب، مثل: عمر الملا، وعبدالله الشحي، بشكل مغاير أمام الكاميرا، بمضمون يختلف عن الأفلام التي قدمت في السابق، إذ يمزج بين الدراما والأكشن والكوميديا والاستعراضات الغنائية، وأعتقد أن هذا الأمر تحقق من ردود الأفعال الإيجابية التي جاءتني، وكلمات الثناء التي حصدها فريق العمل كله، فالمواهب الشابة التي شاركت في بطولة «غنوم الملياردير»، وحتى الذين يخوضون تجربة التمثيل للمرة الأولى، مثل: عبدالله الشحي، تعاونوا واجتهدوا؛ لإظهار مواهبهم.

 

 

مشاهد المطاردات 

• أفلام الأكشن والمطاردات تحتاج إلى دراسة وخطة وتدريب قبل تنفيذها.. كيف استعددت لذلك، وهل واجهت صعوبات خلال التصوير؟

- وفرنا كل سبل السلامة والأمان خلال تصوير مشاهد المطاردات الخطرة والانفجارات، وأشرفت بنفسي على تنفيذ جميع مشاهد الأكشن والقتال، التي استغرقت فترة طويلة من التدريب والإتقان، كما أن «لجنة أبوظبي للأفلام» قدمت التسهيلات التصويرية والفنية اللازمة، وكذلك «TwoFour54» وفرت الخدمات اللوجستية ومواقع التصوير في «كيزاد» بأبوظبي، ما أسهم في تنفيذ العمل باحترافية كبيرة دون مواجهة صعوبات، كما أن أبطال الفيلم الشباب قدموا أداءً محترفاً، خاصة في تنفيذ المشاهد القتالية والمطاردات، وكانوا عنصراً أساسياً في نجاحه، واجتهدوا حتى ظهر الفيلم إلى النور بهذه الصورة المشرفة.

• شاهدنا في معظم مشاهد الفيلم ملصقات لأفلام الممثل العالمي أميتاب باتشان، فهل كان لوجودها سبب درامي؟

- تدور قصة الفيلم حول صديقين ممثلَيْن، يحاولان تحقيق النجاح، لكنهما يفشلان. بعدها، يحصل أحدهما على ميراث كبير من جدته، ويعتقد أن هذا الميراث سيجعله صانع أفلام مشهوراً. إن وضع صور لأفلام نجوم بوليوود، وعلى رأسهم أميتاب باتشان، في بعض كوادر التصوير، جاء مناسباً وفي السياق الدرامي لقصة الصديقين المحبين لمجال التمثيل، خاصة شخصية «عمر» المتأثر بالسينما البوليوودية، ونجوم مثل: أميتاب باتشان، وشاروخان، وصديقه الآخر الذي يعشق السينما الهوليوودية، وأفلام «روكي»، و«رامبو». من ناحية أخرى، أنا تربيت على أفلام الأسطورة الهندية أميتاب باتشان، وشاهدت معظم أفلامه السينمائية، وكان يبهرني أسلوبه المحترف، وقدرته على تأدية الأدوار التي تمزج الدراما والرومانسية والأكشن، وكذلك الاستعراضات الغنائية، فهو الممثل الحقيقي الذي يُطلق عليه لقب «الفنان الشامل»، وكانت أعماله المميزة التي تجمع بين كل هذه العناصر دافعاً لي؛ لتقديم النوعية نفسها في «غنوم الملياردير».

 

 

حضور السينما المحلية

• كيف ترى تطور المشهد السينمائي في الإمارات؟

- هناك العديد من التجارب السينمائية، التي تولى تنفيذها بعض المخرجين والمنتجين الشغوفين بهذا العالم، والذين يريدون تحقيق قفزة نوعية لسينما حقيقية، واستطاعوا بجهود ذاتية، وتعاونات مع جهات فنية متخصصة، تقديم أعمال فنية ذات قيمة، حققت النجاح محلياً ودولياً، وأسهمت في تعريف الآخر بالإمكانات الإماراتية في صناعة المحتوى، والثقافة الإماراتية عموماً. وباعتباري صانع سينما، فأنا أطوع إمكاناتي لتنفيذ أعمال تحظى باحترام الجمهور، وصناع «الفن السابع» في مختلف أنحاء الوطن العربي، لتكون هذه الأعمال خير سفير للإمارات في المهرجانات العالمية والدولية. ومن ناحية أخرى، قررت - منذ 5 سنوات - تأسيس مهرجان العين السينمائي الدولي، ليكون منصة لإظهار سينما الشباب، ودعم صناعة السينما الإماراتية، خاصة بعد توقف مهرجانات: «دبي السينمائي»، و«أبوظبي السينمائي»، و«الخليج السينمائي»، واعتقد البعض أن الحركة السينمائية ستعيش حالة من الركود، لكن ما حدث كان عكس ذلك؛ فهذا الأمر منح المنتجين وصناع السينما الحقيقيين دافعاً أكبر لتحدي أنفسهم، والتوجه نحو الحضور القوي للسينما المحلية، بتنفيذ أعمال مميزة، وإقامة مبادرات، وتأسيس منصات في خدمة «الفن السابع»، منها «العين السينمائي الدولي»، الذي أثمر خلال السنوات الماضية ظهور مواهب فنية، أصبحت نجوماً في عالم السينما، إلى جانب تخصيص شاشات «العين السينمائي» للفيلم الإماراتي، واختيار إنتاجات ترقى بالمستوى.

 

 

• حقق فيلم «شبح» نجاحاً لافتاً، فهل تفكر في تنفيذ جزء ثانٍ منه؛ ليكون بمثابة سلسلة محلية من أفلام الرعب.. على غرار هذه النوعية من الأفلام العالمية؟

- المراكز المتقدمة، التي حققها الفيلم في شباك التذاكر، خطوة تؤكد حضور الفيلم الإماراتي في السوق السينمائية، ودخوله في منافسة قوية مع عدد من الأعمال العربية والعالمية. في «شبح»، فضلت أن تكون نهايته مفتوحة، لأنه مبني في الأساس على قصة وسيناريو وأحداث كثيرة، ليتم تنفيذه على أجزاء عدة مثل الأفلام العالمية، فبناء الشخصيات، والتركيز على القلادة المفقودة، واللغز الخاص بالأشباح، كانت دلالة على وجود أجزاء أخرى لـ«الشبح»، الذي سيعود للانتقام، لكن بشكل أكثر قوة.